عبد الجليل: ثورات «الربيع العربي» لم تكن إسلامية.. وتيار «الإخوان» استغلها

رئيس المجلس الوطني الليبي السابق يصرح لـ«الشرق الأوسط» أن قانون العزل السياسي استهدف محمود جبريل بالدرجة الأولى

سيف الإسلام القذافي يحيي انصار والده قرب ثكنة باب العزيزية ليلة سقوط النظام ({الشرق الأوسط})
سيف الإسلام القذافي يحيي انصار والده قرب ثكنة باب العزيزية ليلة سقوط النظام ({الشرق الأوسط})
TT

عبد الجليل: ثورات «الربيع العربي» لم تكن إسلامية.. وتيار «الإخوان» استغلها

سيف الإسلام القذافي يحيي انصار والده قرب ثكنة باب العزيزية ليلة سقوط النظام ({الشرق الأوسط})
سيف الإسلام القذافي يحيي انصار والده قرب ثكنة باب العزيزية ليلة سقوط النظام ({الشرق الأوسط})

في الحلقة الثانية من المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق في ليبيا، بالعاصمة المغربية الرباط، قال عبد الجليل إن ثورات «الربيع العربي» لم تكن ثورات إسلامية بالدرجة الأولى، ولكنها استغلت من تيار الإخوان المسلمين المنظم، وأشار إلى أنه تبين من خلال السياسة التي انتهجها الإخوان سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أنه لم يعد لديهم قبول في الشارع الليبي أو المصري أو التونسي. واعتبر أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أخطأ في تعجل تطبيق سياسة الإخوان بالتمكين قبل الإنجاز مع أنه يفترض أن يتحقق الإنجاز قبل التمكين، كما تدخل في مؤسستين خطيرتين في التاريخ المصري هما المؤسسة القضائية والمؤسسة العسكرية.
وتناول المسؤول الليبي السابق الأيام الأخيرة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ومصير ابنه سيف الإسلام وما يتعلق بمحاكمته. كما تطرق إلى مستقبل ليبيا والتحديات التي تواجهها، وموضوع العزل السياسي الذي استهدف شخصيات في العهد السابق، وقال إنه لم يكن مستهدفا به، منتقدا استهداف رموز مثل محمود جبريل ومحمد المقريف.
وحول احتمال العودة إلى المشهد السياسي قال عبد الجليل إن عودته «مستحيلة»، شارحا أنه يمارس الرياضة في مدينة البيضاء (شرق ليبيا) يستمتع بالطبيعة الخلابة في الجبل الاخضر.. وينشغل بالأعمال الخيرية.

* لننتقل إلى الطرف الثاني من المعادلة، هل كنتم تتوقعون ليلة سقوط طرابلس حدوث ما حدث؟ هل كان لديكم تواصل وتأكيدات من الداخل؟
- نعم كان لدينا تواصل مع أن القبضة على طرابلس كانت محكمة، إذ حضر إلينا في المنطقة الشرقية كثرة من أهل طرابلس. ومحمود جبريل أنشأ في ذلك الوقت لجنة سماها «لجنة تحرير العاصمة»، وكانت تعمل انطلاقا من تونس. وكنا على تواصل، بيد أننا لم نكن نتوقع أن تتحرر طرابلس بهذه الفاتورة البسيطة من الدماء. وأود هنا أن أسجل أن هناك شخصا اتصل بي عن طريق هاتف الثريا في شهر مايو (أيار) اسمه البراني إشكال، الذي كان آمر حرس القذافي «كتيبة محمد»، وهي كتيبة مهمة جدا في طرابلس، وكنت أعرفه معرفة سطحية، لكن كان لدي انطباع عنه بأنه رجل متزن وذو عقل راجح.
* وماذا قال لك البراني في ذلك الاتصال؟
- قال لي إنه في اليوم الذي سيقع فيه ما سيقع، سنكون معكم أو سنكون محايدين. كان اتصالا سريعا لا يتعدى بضع ثوان. بعد ذلك تواصل مع محمود جبريل باعتباره موجودا في الخارج.. وكان جبريل يقول لي إن البراني معنا. وفي الوقت الذي كنا نتخوف من أن تكون هنالك خمسمائة سيارة ملغمة، وأنهم سيلغمون طرابلس عن طريق الصرف الصحي، قدر الله أن تحدث الأمور بهذه الطريقة. مع هذا لم نكن نتوقع أن تتحرر طرابلس بهذه السرعة.
* بعد تحرير طرابلس انتقل النظام بسياراته إلى مناطق في الغرب.
- نعم، انتقل إلى مدينتي بني وليد وسرت.
* هل كنتم تتوقعون أن رأس النظام سينتقل إلى مسقط رأسه للدفاع عن نفسه؟
- لم أكن أتوقع ذلك. كنا نتوقع أنه سيهرب إلى الجنوب أو إلى خارج ليبيا، وكنا نتمنى ذلك. ولكن قبض عليه يوم 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، بينما كنت ذاهبا حينها لتفقد الجبهة.. الاندفاع المستميت في سرت جعلني أقرر الذهاب إليها، فاستقللنا طائرة ركاب عادية من طرابلس وهبطنا في مطار مصراتة. ومن مصراتة ركبنا طائرة عمودية، ونزلنا على مشارف خمسين كيلومترا من سرت، حيث ركبنا سيارات وزرنا الجبهة الغربية وثوارها، ثم الجبهة الشرقية وثوارها. كانت مدينة سرت محاصرة حصارا شديدا من طرف الجبهتين، وهي مدينة حديثة وراقية وفيها مبان من طراز عال. كنا نستغرب الدفاع المستميت في المدينة، ولكن عندما ظهر هناك القذافي لم نستغرب ذلك من أولئك الأشخاص الذين دافعوا عن معمر دفاعا مستميتا.
* هل تعتقد أن ذلك الدفاع كان عن شخص معمر القذافي أم عن المنطقة؟
- لا كان دفاعا عن شخصه.
* هل كان يمثل رمزا مناطقيا؟
- طبعا. فهذه القبيلة والمنطقة كانتا لا شيء قبل عام 1969، ومدينة سرت كانت مدينة لا تذكر، بيوتها بيوت بسيطة، إلا أن القذافي أراد لها أن تكون عاصمة فأحدث فيها نقلة كبيرة جدا. ومن ثم جاءها كثيرون من الوافدين من خارج المنطقة واستقروا فيها. وهي الآن من المدن الجميلة. وحتى في ظل الأوضاع الحالية تعد سرت من المدن المستقرة، إذ بدأ الناس يعملون على تنميتها وصيانتها، وفيها شغل لا بأس به وهو ما وفر متطلبات الحياة الأساسية.
* كيف جرى اعتقال سيف الإسلام؟.. هل كنتم على علم بتحركاته؟ وهل عرضتم عليه تسليم نفسه؟
- كنا على علم بأنه في المناطق الحدودية الجنوبية، وأنه خرج من طرابلس إلى بني وليد، ثم حاول التوجه إلى الجنوب. وجاءتنا معلومات بأنه أصيب، وطلب تزويده بطبيب.. وذلك عن طريق شخصيات كانت مقربة منه، لكنها تخلت عنه منذ اليوم الذي توعد فيه الشعب الليبي، وأظن أن من بينهم فيصل الزواوي، الذي اتصل بي من الإمارات، وأخبرني أن سيف الإسلام موجود في المناطق المتاخمة للنيجر، وأنه يطلب طبيبا جراء إصابته في يده. وراودتنا فكرة تدبير طبيب له يكون مزودا بجهاز تعقب يكشف لنا مكان وجوده، بيد أننا صرفنا النظر عن حكاية إرسال طبيب قد يتعرض للخطر، إضافة إلى ان تنفيذ الفكرة كان غير متيسر، فمن هو الطبيب الذي سيرضى بالذهاب إلى الصحراء لمعالجة سيف الإسلام وهو يحمل جهاز تعقب. هذا أمر صعب. ومرت أيام إلى أن فوجئنا بالقبض عليه من خلال مجموعة، حسب ما علمت، دفعت أموالا للعناصر التي كانت تحرسه قبل أن تتخلى عنه.
* اعتقل من قبل من؟
- من قبل بعض ثوار الزنتان.
* وقتها، هل كانت رواية إصابة يده صحيحة؟
- باعترافه هو قال إنه أصيب قبل القبض عليه، وحسب معلوماتي الشخصية التي استقيتها من السيد فيصل الزواوي، عن طريق زميله فوزي عريب الزماط الزواوي، أن سيف أصيب في يده. وعندما اعتقل كان واضحا أنه تعرض لإطلاق نار، والأصابع التي توعد بها الليبيين كانت مقطوعة. البعض قال إنها ربما قطعت عمدا.. لكن سيف لم يذكر ذلك، وإنما قال في اعترافاته إنه أصيب قبل القبض عليه.
* كرجل قانون ما رؤيتك للطريقة التي يجب أن يجري التعامل بها مع هذا الملف، خصوصا أن هناك مطالبة دولية لمحاكمة سيف الإسلام؟
- انطلاقا من نظرة قانونية بحتة فإن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة قضاء تكميلي، والأساس هو أن يحاكم سيف الإسلام في بلده عن الجرائم التي ارتكبها فيه. وإذا أدين بعقوبة أقل من الإعدام أو لم يدن، فمن حق المحكمة الجنائية الدولية أن تتولى محاكمته عن الجرائم التكميلية الأخرى، لأننا نعرف جيدا أن أقصى عقوبة تصدرها المحكمة الجنائية الدولية هي السجن مدى الحياة. إن بقاء سيف الإسلام في ليبيا بقاء قانوني، بيد أنني أؤاخذ ثوار الزنتان على احتفاظهم به ورفضهم تسليمه للسلطات الليبية. وهذا طبعا موقف سجلوه لأنفسهم، وربما عده البعض موقفا سلبيا في هذه الثورة. كذلك أسجل على القضاء الليبي تأخره في محاكمة عبد الله السنوسي (صهر القذافي ورئيس استخباراته) عن الملف الجاهز المتعلق بمذبحة أبو سليم. وسواء تعلق الأمر بملف أبو سليم أو ملف تحريض وتوعد سيف الإسلام الليبيين بالقتل والتهجير، فإنها تهم جاهزة للحكم بالإعدام. وأنا هنا أسجل تراخي وتباطؤ القضاء الليبي في الفصل في هذين الملفين بالسرعة الممكنة تحقيقا للعدالة, وإرضاء للشارع الليبي، وأيضا حسما لخلافات قانونية قد تحدث في المستقبل.
* هناك اليوم جدل بين المراقبين للشأن الليبي مفاده أن ليبيا أمام خيارين: إما إنشاء مجالس المصالحة والمصارحة والتسامح الاجتماعي كما حدث في بلدان مثل جنوب أفريقيا ودول البلقان، والاكتفاء بمحاكمة رجال نظام القذافي الذين يمكن إثبات تهمهم فقط. وإما ملاحقة هؤلاء جميعا, وذلك حتى تسن قوانين العزل السياسي وغيرها. ما رؤيتك في هذا الجدل؟
- الوضع في ليبيا يختلف عما هو عليه في مصر وتونس. الوضع الاقتصادي في ليبيا مريح بعكس الوضع في مصر وتونس.. الذي كان يعتمد بشكل كبير على السياحة التي ضربت بسبب غياب الأمن. في تونس تكمن المشكلة الحقيقية في الاغتيالات السياسية، وخصوصا اغتيالات الرموز السياسية مثل شكري بلعيد. وفي مصر نجد أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي تعامل خلال فترته الرئاسية التي استمرت نحو سنة بشيء من التخبط. فعلى الرغم من أن نجاحه في الانتخابات جرى بنحو 52% مقابل 48%، فإنه بدأ في تطبيق سياسة الإخوان بالتمكين قبل الإنجاز، مع أنه يفترض أن يجري الإنجاز قبل التمكين. الرئيس مرسي تعجل التمكين، وتدخل في مؤسستين خطيرتين في التاريخ المصري، هما: المؤسسة القضائية عندما أراد الإطاحة بالنائب العام وبعض رموز القضاء في البلاد لإتاحة الفرصة أمام الموالين لحزب الحرية والعدالة، والمؤسسة العسكرية من خلال إطاحته بالقادة العسكريين مثل المشير محمد حسين طنطاوي وإحالة مجموعات كبيرة من قيادات الجيش الى التقاعد. إن المساس بالمؤسستين العسكرية والقضائية، وأيضا تعيينه محافظين من تيار الإخوان المسلمين في مناطق ربما غير محسوبة على التيار الإسلامي، كما حدث في محافظة الأقصر، وهي محافظة معروفة بالسياحة، كلها أمور استعجل بها السيد مرسي ونظام الإخوان، لتمكينهم من مفاصل الدولة في مصر قبل أن ينجزوا أي شيء، وبالتالي حصل ما حصل، ونتمنى للشعب المصري والشعب التونسي السلامة.
أما بالنسبة لليبيا فالوضع مختلف، وسمته الاستعجال وقلة الصبر، وهذا طبعا أربك المجلس الوطني الانتقالي، وأربك الحكومة الانتقالية وأربك أيضا الجسم المنتخب ــــ المؤتمر الوطني العام (البرلمان), إذ لم تمنح الفرصة الكافية للعمل في ظروف مناسبة. هذا الاستعجال وقلة الصبر أعطى فرصة لأتباع القذافي وبعض القيادات الإسلامية المتطرفة لإرباك الأمن الليبي في كثير من القضايا. أيضا على المواطن الليبي حقوق قبل أن يطلب واجبات. الليبيون لا يذهبون إلى العمل بشكل مثالي، ومن يذهبون إليه لا ينجزونه بشكل مثالي. الليبيون اتكاليون ومتعجلون.
مع هذا، عموما، نحن متفائلون بأن ليبيا ستشهد استقرارا ونموا لأن لديها القوة الاقتصادية التي نستطيع من خلالها الوصول إلى ما يطمح إليه أولئك الذين ضحوا في وقت سابق بأموالهم ودمائهم وأرواحهم.
* ألا يساورك قلق من أن يعيد التاريخ نفسه؟ وهل تؤمن بما يقوله البعض بأن ثمة بلدانا لا تصح فيها إلا قيادة شخص قوي؟
- هناك طبعا بعض المفكرين والساسة الدوليين يقولون إن منطقة الشرق الأوسط ومنطقة العالم الثالث بشكل عام، ليست من المناطق المهيأة للديموقراطية، ولا تشكل بيئة صالحة لها، لأن هذه الشعوب جبلت منذ زمن بعيد وماض طويل على حكم الشخص الواحد. وبالتالي فهذه الدول بحاجة إلى ديكتاتور ولكن هؤلاء يتمنون أن يحكمها ديكتاتور عادل. هذه النظرة جاءت من خلال تعاطي الشباب مع ديمقراطية مفتوحة ومنفجرة ولا حدود لها. في مصر، مثلا، قبل فك الاعتصامات في الميادين عطل مؤيدو مرسي العمل فيها، وأقلقوا سكان تلك الميادين، وامتد هذا الوجود والحضور إلى بعض المناطق التي تشكل شريان الحياة في القاهرة. وبالتالي لم يكن أمام السلطات سوى أن تفرض سيطرتها على هذه الأماكن لكي تنساب الحياة. إن تعرض السلطات لأولئك الأشخاص يستلزم نوعا من القوة التي قد تتنافى مع الديمقراطية، ولكن الديمقراطية تتلاشى عندما تمس حرية الآخرين، فالمطلوب التظاهر بشكل سلمي في أماكن معينة من دون عرقلة المصلحة العامة.
* هل تؤمن بأن الديمقراطية يجب أن تكون لها ثقافتها أولا ثم مؤسساتها، أم أن المؤسسات تأتي هي الأولى، كصناديق الاقتراع؟
- الديمقراطية هي ثقافة أولا. لا بد من ثقافة لدى الناس، ولا بد من أن يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور فاعل، وبعد ذلك تأتي صناديق الاقتراع. لكننا استعجلنا وأردنا صناديق الاقتراع أولا. وأعود هنا للحديث عن مصر، وأقول إننا عندما ننظر إلى الواقع الديمقراطي نجد رئيسا منتخبا من قبل الأغلبية، وبناء عليه يجب أن تعطى له فرصة حتى وإن كانت هناك مآخذ أو مثالب على عمله. هذه المآخذ يجب أن تكون من خلال المعارضة الموجودة في البرلمان، أي من خلال المعارضة المؤسساتية، وليس المعارضة عن طريق الشارع، لأنه حتى ولو لم يطح بالرئيس المصري كان يمكن للفريق المضاد أن يعطل الحياة في مصر.
* ما رأيك في من يقول إن ثورات «الربيع العربي» كانت ثورات إسلامية، وهناك من يقول إنها ثورات كانت الأحزاب الإسلامية أكبر المستفيدين منها؟
- لم تكن ثورات إسلامية بالدرجة الأولى، ولكنها استغلت من جانب ذلك التيار المنظم، تيار الإخوان، نظرا لأن التيار الإسلامي المنظم في دول «الربيع العربي» هو تيار الإخوان. لكن تبين من خلال السياسة التي انتهجها الإخوان سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أنه لم يعد لديهم قبول يذكر في الشارع الليبي أو المصري أو التونسي.
* هل تعتقد أن هناك خطوات يجب أن تتخذ في ليبيا غير التي تجري الآن على الصعيد السياسي لتصحيح الوضع؟
- طبعا، أنا شملني قانون العزل السياسي باعتباري كنت وزيرا في عهد القذافي، وكنت قاضيا في محكمة الشعب. كنا نتمنى ألا يربط العزل بالوظيفة، وهذا لا يتعلق بي شخصيا، فأنا ليست لدي طموحات للعمل السياسي على الإطلاق، ولكن هناك أناسا آخرين ظلموا منهم مثلا السيد محمد المقريف، وهو رجل مناضل في المعارضة الليبية، التي لم يصبح لها شأن إلا عندما تولاها المقريف. ليس عدلا عزل المقريف. كنت أتمنى أن يكون العزل بسبب السلوك وليس بتولي الوظيفة. هناك موظفون صغار لم يشملهم العزل السياسي نظرا لأن وظائفهم كانت صغيرة، غير أنهم كانوا مثالا للفساد الأخلاقي والفساد المالي في الدولة الليبية.. وفي المقابل هناك أناس - وهنا لا أتكلم عن نفسي بل عن أناس آخرين - مثل عبد الرحمن شلقم ومحمود جبريل والمقريف تولوا مناصب قيادية كبيرة في نظام القذافي لكن سلوكهم كان سلوكا مميزا.
وأذكر أنه لما جئنا إلى المجلس الوطني الانتقالي وبدأنا في المصالحة الوطنية، وضعنا ثلاثة معايير؛ المعيار الأول يقول إن كل من كان سببا في قتل الليبيين في الداخل أو في الخارج بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يجب أن يقدم للمحاكمة ويواجه الشكاوى من طرف أناس يعتقدون أنه أضر بهم. والمعيار الثاني يتحدث عن كل من استغل سلطته الوظيفية للحصول على المال بشكل غير مشروع، وهذا أيضا أمر يستلزم الرجوع إلى ما تصدره المحاكم الليبية في هذا الشأن, بينما يتحدث المعيار الثالث عن كل من وقف ضد ثورة 17 فبراير (شباط) بالفعل. وثار جدل داخل المجلس عندما قلت «بالفعل»، وكنت أنا من قدم نص المعايير الثلاثة. وتساءل البعض: كيف ذلك؟ فقلت لهم إن التهمة لا تتمثل في الأقوال. فقالوا إن ثمة أشخاصا وقفوا ضد الثورة بالقول، ومنهم إعلاميون من ضمنهم على سبيل المثال مذيعة اسمها هالة المصراتي. هؤلاء وقفوا في الإذاعة المملوكة للدولة السابقة ضد الثورة بالقول، لكنهم لا يشكلون خطرا لأنهم لم يحملوا السلاح ضد الثوار. وقلنا إن كل من وقف ضد هذه الثورة بالفعل، هو من زود أعداء الثورة بالسلاح وساهم في قتل الثوار.
* ألا ترون أن هناك مفارقة تكمن في أنكم بدأتم قانون العزل السياسي، ثم أصبحتم مستهدفين به؟
- قانون العزل لم يكن يستهدفني، بل كان يستهدف بالدرجة الأولى محمود جبريل لأنه صاحب طموح سياسي.
* هل تعتقد أن هذا عدل في حق شخص مثل محمود جبريل؟
- لا. هذا ليس من العدل لا في حق محمود جبريل ولا عبد الرحمن شلقم، ولا كل أولئك الذين كان لهم دور بارز في هذه الثورة، كان يجب أن يحظوا بالاحترام.
* ما رأيك في القول إنه يجب على الجيل الذي عاصر ذلك العهد أن يفسح المجال لآخرين من الجيل الجديد ليقودوا المسيرة؟ وهل تعتقد أن تلك الخبرات يجب تفادي التضحية بها؟
- أنا مع تجنب التضحية بالخبرات. إذا كانت هناك خبرة لا توجد مآخذ عليها فليفسح لها المجال، لأن ليبيا في حاجة إلى الخبرات. مثلا اللغة الإنجليزية ألغيت في ليبيا منذ عام 1979، والجيل الحالي لا يتكلم اللغة الإنجليزية على الإطلاق. كيف يمكن أن تعتمد على هذا الجيل في بناء الدولة؟.
* لفت انتباهي في أول لقاء بك قولك إنك لست رجل سياسية.. كيف ترى نفسك الآن بعد كل ما حدث؟
- لقد تقاعدت بشكل مبكر حتى من القضاء، وتقدمت بتقاعدي يوم سقوط السلطة في 22 أغسطس (آب) 2011، وقدمت الطلب لرئيس المجلس القضائي الأعلى، لأنه من غير اللائق أن أقود ثورة وأبقى في الهيئات القضائية. فمن خلال خبرتي ووظيفتي وأقدميتي قد تتاح لي أمور تضطرني أن أتولى محاكمة من كنت يوما مديرا عليهم.. هذا أمر غير مقبول.
* هل ستعود إلى المشهد السياسي لو طلب منك ذلك مستقبلا؟
- لا.. هذا مستحيل.
* ما هي أهدافك الآن.. كيف تقضي أيامك؟
- أنا الآن أمارس الرياضة في مدينتي البيضاء وأستمتع بالطبيعة الخلابة في الجبل الأخضر، وأتواصل مع زملائي في أعمال خيرية داخل المدينة. وأنا مستعد أيضا للمساهمة في تحقيق المصالحة تحت أي غطاء تتبناه الدولة سواء كان المؤتمر الوطني أو الحكومة الانتقالية.
* هل هناك حاجة لمانديلا ليبي؟
- والله مانديلا واحد لا يكفي ليبيا.. ولا حتى عشرة من أمثال مانديلا.

الجزء الأول على هذا الرابط
http://beta.aawsat.com/home/article/6795



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».