السياحة التركية في «نفق مجهول»

مصدر بالخطوط الجوية: خسارة كبيرة لا نستطيع تقديرها بثمن

السياحة رافد رئيسي للاقتصاد التركي (رويترز)
السياحة رافد رئيسي للاقتصاد التركي (رويترز)
TT

السياحة التركية في «نفق مجهول»

السياحة رافد رئيسي للاقتصاد التركي (رويترز)
السياحة رافد رئيسي للاقتصاد التركي (رويترز)

بينما أعلنت كثير من الدول توقف رحلاتها الجوية إلى العاصمة إسطنبول، عقب محاولة انقلاب عسكري في تركيا أول من أمس، قال مصدر في الخطوط الجوية التركية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك توقفا تاما للرحلات سيؤدي إلى خسارة كبيرة في حركة السياحة لا نستطع تقديرها بثمن، وهو ما وصفه مراقبون بالمصير المجهول الذي ستشهده السياحة بالبلاد خلال الفترة المقبلة.
وتسببت محاولة الانقلاب في إلغاء جميع الرحلات من وإلى مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول الذي يضم آلاف المسافرين العالقين في المطار، ورغم حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن عودة العمل إلى طبيعته في المطار، قال المصدر (شريطة عدم ذكر اسمه): «لم يفتح المطار بشكل رسمي، وإن هناك توقفا تاما للرحلات حتى إشعار آخر».
وبلغ عدد السياح الأجانب لتركيا 36.24 مليون شخص عام 2015، مقارنة بـ36.83 مليون في عام 2014، بتراجع نسبته 1.61 في المائة، وفق ما أفادت به وزارة السياحة التركية، ويتوقع خبراء أن تشهد أعداد السياح انخفاضا بنسبة 40 في المائة هذا العام، نتيجة ازدياد الأعمال الإرهابية في البلاد.
وأكد المصدر أن التخوف من تأثر السياحة يكمن في الرحلات الروسية التي تمثل نحو 80 في المائة من معدل السياحة الروسية، مشيرا إلى أن هناك كثيرا من الرحلات العالقة في المطار في انتظار تعليمات جديدة لإقلاعها. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2015، انخفض عدد السياح الروس بنسبة 46 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2014.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس السبت، الحكومة بمساعدة السياح الروس الموجودين في تركيا، في العودة، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن «الرئيس بوتين أمر وزارة النقل والوكالات الأخرى بتوجيه الركاب في شكل سليم وتنظيم رحلات عودتهم من المطارات التركية».
كذلك، طلب بوتين من السلطات أن تتكفل أمر السياح الذين ينتظرون استقلال رحلات إلى تركيا في المطارات الروسية.
وأعلنت هيئة الطيران المدني الروسية، أنها لن تسير أي رحلة إلى تركيا في انتظار اتضاح الوضع، وألغت شركة «إيروفلوت» الروسية رحلاتها إلى إسطنبول وأنطاليا أمس السبت واليوم الأحد، بينما قالت المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية (يوروكونترول)، إن العاملين في مطار أتاتورك بإسطنبول يتطلعون إلى استئناف رحلات المغادرة الدولية قريبا.
وأضافت المنظمة في نشرة لشركات الطيران أنه يجري تحويل جميع الرحلات القادمة حتى ذلك الحين، لأنه لا يوجد مجال لأي طائرات أخرى في المطار المزدحم بعد تعليق رحلات المغادرة.
وانخفضت الليرة التركية، خلال التعامل عليها بالأسواق العالمية، لأدنى مستوياتها في أكثر من 8 سنوات، وبحسب «بلومبرغ» فقدت الليرة التركية 4.6 في المائة لتسجل 3.0157 مقابل الدولار في أكبر عمليات بيع منذ عام 2008.
وأضاف المصدر بالخطوط الجوية التركية أن «مطار أتاتورك هو المطار الرئيسي في تركيا، وخلال عمله يستطيع تسير نحو 9 رحلات في الدقيقة»، وتابع: «الأيام المقبلة ستتضح الصورة إن كانت السياحة ستعود بشكلها الطبيعي أم لا».
ولفت المصدر إلى أن الرحلات إلى تركيا لم تتأثر بعد حادث استهداف 3 انتحاريين مطار أتاتورك، مخلفين 36 قتيلا ونحو 150 جريحا، في نهاية الشهر الماضي.
وأوضح المصدر أنه بشكل يومي يتم تسيير 7 رحلات من إسرائيل، و5 من مصر بخلاف الدول العربية، كما أن كثيرا من المسافرين لدول أوروبية يفضلون السفر على الخطوط التركية لقلة تكلفتها مقارنة بالطيران الأوروبي والأميركي.
وأعلنت الخطوط الجوية السعودية على موقع «تويتر»، تعليق جميع رحلاتها المتجهة إلى تركيا حتى إشعار آخر، وذلك بسبب الأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد حاليا.
وأعلنت المملكة الأردنية، إلغاء رحلتها الصباحية إلى مطار أتاتورك في إسطنبول، ورقمها 165، التي كان مقررا أن تقلع من مطار الملكة علياء الدولي في تمام الساعة 20.‏11 صباحًا.
وعلقت إيران جميع الرحلات الجوية إلى تركيا بعد محاولة الانقلاب، ونقلت هيئة البث الرسمية عن نائب مدير مطار الخميني الدولي «كوروش فتاحي» قوله، إن سبع رحلات جوية إلى تركيا ألغيت صباح أمس، وإن طهران تراجع الموقف لاستئناف الرحلات الجوية عندما تكون لديها آخر المعلومات.
كما أعلنت شركة الخطوط الجوية الكويتية إيقاف جميع رحلاتها الجوية إلى إسطنبول حتى إشعار آخر، مع إعادة جدولة الرحلات المتجهة غربا والمرتبطة بهذا المسار. وقالت الشركة، في بيان صحافي، إن هذا القرار جاء نظرا للتطورات السياسية المتلاحقة في تركيا التي أدت إلى إيقاف جميع الرحلات من وإلى مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول.
وأوقفت شركة الطيران الوطنية الإماراتية (الاتحاد للطيران) جميع الرحلات الجوية المتجهة من أبوظبي إلى إسطنبول، حتى إشعار آخر.
وأوضحت شركة الاتحاد للطيران، أنه حفاظا على أرواح وسلامة المسافرين تم إلغاء جميع الرحلات التابعة للشركة، المتجهة من أبوظبي إلى إسطنبول، حتى إشعار آخر بعد الانقلاب الذي شهدته تركيا أول من أمس (الجمعة).‎
من جانبها، قالت شركة مصر للطيران، في بيان أمس، إنها ألغت رحلتيها المتوجهتين لإسطنبول عقب محاولة انقلاب وقعت الليلة الماضية في تركيا. وقال البيان: «في ضوء الأحداث الأخيرة التي شهدتها تركيا مساء الجمعة (أول من أمس) وما ترتب على ذلك من عدم استقرار في مطار أتاتورك. لذا فقد قررت (مصر للطيران) إلغاء رحلتيها إلى إسطنبول رقمي 737 و735 التي كان من المقرر إقلاعهما من مطار القاهرة أمس»، وقالت إن «الأمر سيستمر لحين استيضاح الموقف».
من جهته، أكد متحدث باسم إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية، أن الإدارة لم تفرض حظرا للطيران من وإلى تركيا في هذا الوقت، لافتا إلى أن أي طائرة قد أقلعت من تركيا وباتجاه الولايات المتحدة سيتم السماح لها بالهبوط.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.