2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية

بسبب اشتداد الحرب والمخاوف من المستقبل

2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية
TT

2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية

2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية

شهدت السنتان الأخيرتان بشكل خاص تزايدا في حصول مواطنين سوريين من هضبة الجولان المحتلة على الجنسية الإسرائيلية. وبعدما كان هؤلاء قد صمدوا ضد الاحتلال والتجنيس طيلة 45 سنة، جاءت الحرب الأهلية السورية لتبث فيهم اليأس من الوطن وقياداته. وحسب الإحصاءات المتوافرة أصبح هناك 2050 مواطنا سوريا يحملون الجنسية الإسرائيلية اليوم، من مجموع 21 ألف نسمة.
يذكر أن أهالي الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، رفضوا الولاء للاحتلال وقاوموه سياسيا وشعبيًا، وحتى عسكرياً، واعتقل المئات منهم في السجون الإسرائيلية. وعندما أعلنت إسرائيل عن ضم الجولان إلى سيادتها عام 1981 أعلنوا الإضراب ستة أشهر ورفضوا إعلان الولاء لها. ومنذ ذلك التاريخ وحتى مارس (آذار) 2011، عندما تفجرت الثورة السورية، لم يتعد عدد السوريين الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية 1500 شخص، بكل الأجيال، أي ما يعادل 7 في المائة من السكان فقط. إلا أن معدّلات طلبات التجنّس التي تقدم بها سكّان هذه القرى خلال الشهور الأخيرة ارتفعت بشكل غير مسبوق. إذ وصل إلى مجلس قرية مسعدة المحلي، خلال الشهور الماضية، عشرات السكان لتقديم طلب إقرار سكن، وهو الوثيقة المطلوبة لاستصدار إقرار بالجنسية الإسرائيلية من وزارة الداخلية، بحسب تصريح المحامي فهد صفدي من قرية مسعدة، وهو يشغل أيضا منصب المستشار القانوني للمجلس المحلي في قرية بقعاثا. وكما يقول، فإن ظاهرة الاندفاع هذه تحدث في الشهرين الأخيرين في جميع قرى الدروز (وعددها أربع قرى تقع في شمالي هضبة الجولان).
من ناحية ثانية، شهد سكّان آخرون على وجود ارتفاع غير مسبوق في إقبال سكان القرى المعنيين على طلب الحصول على المواطنة الإسرائيلية. وأوضح أحدهم وهو من بلدة مجدل شمس - كبرى القرى الأربع من حيث عدد السكان - موضحًا «كان الناس في السابق يقلّلون الكلام عن الموضوع خوفًا من أن يفرض المشايخ (رجال الدين) عليهم حرمانًا دينيًا واجتماعيًا»، قبل أن يضيف: «أما اليوم فالناس يتحدثون عن الأمر في الشوارع من دون خشية. أنا لا أبالغ إن قلت أن الموضوع قد تحوّل إلى موضة اليوم».
وفي تقرير لدائرة تسجيل السكان والهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية ورد أن 83 مواطنًا من أبناء الجولان أنهوا عملية التجنّس خلال الفترة الواقعة ما بين شهر يناير (كانون الثاني) وحتى يونيو (حزيران) 2016، أي بمعدل 14 شخصا في الشهر. وللمقارنة، كان عدد المتجنّسين في عام 2015 ما بين شهري يناير وأكتوبر (تشرين الأول) 80 مواطنا، أي بمعدل 8 أشخاص في الشهر. وتشكل هذه النسبة قفزة نوعية تبلغ تقريبا 300 في المائة، مقارنة بين معطيات العام الحالي و2014، ففي عام 2012، حين كان عمر الحرب الأهلية السورية سنة واحدة، بلغ عدد المتجنسين 15 من السكان، وفي عام 2010، أي قبل شهور قليلة من اندلاع الحرب الأهلية، تقدم بطلب التجنّس مواطنان اثنان فقط.
جدير بالإشارة أنه منذ احتلال إسرائيل هضبة الجولان في حرب يونيو 1967، هدّد المشايخ الدروز في الهضبة بأن «من يوافق على الحصول على الجنسية الإسرائيلية والتعاون مع الكيان الصهيوني سيدفع الثمن عبر فرض الحرمان الديني والاجتماعي عليه»، ويعني الأمر إقصاءه عن المجتمع واستثناءه من الاحتفالات والأعياد والمناسبات الاجتماعية، ومن الجنازات والأفراح. وهكذا، من أصل 21 ألفا من السكان القاطنين في بلدة مجدل شمس وقرى مسعدة وبقعاثا وعين قنيا، طلب 1500 فقط من السكان الجنسية الإسرائيلية خلال السنوات الثلاثين التي مرّت منذ ضم هضبة الجولان. ولقد تلقى أغلبية هؤلاء الجنسية، مع تطبيق قانون ضم الجولان، واضطروا لدفع ثمن باهظ على الأمر طيلة عقود من السنوات، أي حتى اشتداد القتال في سوريا، حيث كان عدد المطالبين بالتجنس، خلال هذه السنوات، لا يتجاوز الأفراد في كل عام.
ولكن في أعقاب تحول الثورة في سوريا إلى حرب فعلية، أي خلال عام 2012، رفع المشايخ بشكل جزئي الحرمان التاريخي في قريتين من القرى الأربع هما بقعاثا وعين قنيا. ولكن، مع أن الحرمان لم يرفع رسميًا بشكل كامل في جميع القرى، فإنه «لم يعد قائما على الأرض»، كما يوضح أحد سكان مجدل شمس، ويضيف: «هناك اليوم، حتى رجال دين، يلمحون إلى أنهم يرغبون في رفع الحرمان ودعوة حملة الجنسيات الإسرائيلية إلى الأعراس والمناسبات الاجتماعية. هذا التغيير يعدّ هائلا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».