شهدت السنتان الأخيرتان بشكل خاص تزايدا في حصول مواطنين سوريين من هضبة الجولان المحتلة على الجنسية الإسرائيلية. وبعدما كان هؤلاء قد صمدوا ضد الاحتلال والتجنيس طيلة 45 سنة، جاءت الحرب الأهلية السورية لتبث فيهم اليأس من الوطن وقياداته. وحسب الإحصاءات المتوافرة أصبح هناك 2050 مواطنا سوريا يحملون الجنسية الإسرائيلية اليوم، من مجموع 21 ألف نسمة.
يذكر أن أهالي الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، رفضوا الولاء للاحتلال وقاوموه سياسيا وشعبيًا، وحتى عسكرياً، واعتقل المئات منهم في السجون الإسرائيلية. وعندما أعلنت إسرائيل عن ضم الجولان إلى سيادتها عام 1981 أعلنوا الإضراب ستة أشهر ورفضوا إعلان الولاء لها. ومنذ ذلك التاريخ وحتى مارس (آذار) 2011، عندما تفجرت الثورة السورية، لم يتعد عدد السوريين الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية 1500 شخص، بكل الأجيال، أي ما يعادل 7 في المائة من السكان فقط. إلا أن معدّلات طلبات التجنّس التي تقدم بها سكّان هذه القرى خلال الشهور الأخيرة ارتفعت بشكل غير مسبوق. إذ وصل إلى مجلس قرية مسعدة المحلي، خلال الشهور الماضية، عشرات السكان لتقديم طلب إقرار سكن، وهو الوثيقة المطلوبة لاستصدار إقرار بالجنسية الإسرائيلية من وزارة الداخلية، بحسب تصريح المحامي فهد صفدي من قرية مسعدة، وهو يشغل أيضا منصب المستشار القانوني للمجلس المحلي في قرية بقعاثا. وكما يقول، فإن ظاهرة الاندفاع هذه تحدث في الشهرين الأخيرين في جميع قرى الدروز (وعددها أربع قرى تقع في شمالي هضبة الجولان).
من ناحية ثانية، شهد سكّان آخرون على وجود ارتفاع غير مسبوق في إقبال سكان القرى المعنيين على طلب الحصول على المواطنة الإسرائيلية. وأوضح أحدهم وهو من بلدة مجدل شمس - كبرى القرى الأربع من حيث عدد السكان - موضحًا «كان الناس في السابق يقلّلون الكلام عن الموضوع خوفًا من أن يفرض المشايخ (رجال الدين) عليهم حرمانًا دينيًا واجتماعيًا»، قبل أن يضيف: «أما اليوم فالناس يتحدثون عن الأمر في الشوارع من دون خشية. أنا لا أبالغ إن قلت أن الموضوع قد تحوّل إلى موضة اليوم».
وفي تقرير لدائرة تسجيل السكان والهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية ورد أن 83 مواطنًا من أبناء الجولان أنهوا عملية التجنّس خلال الفترة الواقعة ما بين شهر يناير (كانون الثاني) وحتى يونيو (حزيران) 2016، أي بمعدل 14 شخصا في الشهر. وللمقارنة، كان عدد المتجنّسين في عام 2015 ما بين شهري يناير وأكتوبر (تشرين الأول) 80 مواطنا، أي بمعدل 8 أشخاص في الشهر. وتشكل هذه النسبة قفزة نوعية تبلغ تقريبا 300 في المائة، مقارنة بين معطيات العام الحالي و2014، ففي عام 2012، حين كان عمر الحرب الأهلية السورية سنة واحدة، بلغ عدد المتجنسين 15 من السكان، وفي عام 2010، أي قبل شهور قليلة من اندلاع الحرب الأهلية، تقدم بطلب التجنّس مواطنان اثنان فقط.
جدير بالإشارة أنه منذ احتلال إسرائيل هضبة الجولان في حرب يونيو 1967، هدّد المشايخ الدروز في الهضبة بأن «من يوافق على الحصول على الجنسية الإسرائيلية والتعاون مع الكيان الصهيوني سيدفع الثمن عبر فرض الحرمان الديني والاجتماعي عليه»، ويعني الأمر إقصاءه عن المجتمع واستثناءه من الاحتفالات والأعياد والمناسبات الاجتماعية، ومن الجنازات والأفراح. وهكذا، من أصل 21 ألفا من السكان القاطنين في بلدة مجدل شمس وقرى مسعدة وبقعاثا وعين قنيا، طلب 1500 فقط من السكان الجنسية الإسرائيلية خلال السنوات الثلاثين التي مرّت منذ ضم هضبة الجولان. ولقد تلقى أغلبية هؤلاء الجنسية، مع تطبيق قانون ضم الجولان، واضطروا لدفع ثمن باهظ على الأمر طيلة عقود من السنوات، أي حتى اشتداد القتال في سوريا، حيث كان عدد المطالبين بالتجنس، خلال هذه السنوات، لا يتجاوز الأفراد في كل عام.
ولكن في أعقاب تحول الثورة في سوريا إلى حرب فعلية، أي خلال عام 2012، رفع المشايخ بشكل جزئي الحرمان التاريخي في قريتين من القرى الأربع هما بقعاثا وعين قنيا. ولكن، مع أن الحرمان لم يرفع رسميًا بشكل كامل في جميع القرى، فإنه «لم يعد قائما على الأرض»، كما يوضح أحد سكان مجدل شمس، ويضيف: «هناك اليوم، حتى رجال دين، يلمحون إلى أنهم يرغبون في رفع الحرمان ودعوة حملة الجنسيات الإسرائيلية إلى الأعراس والمناسبات الاجتماعية. هذا التغيير يعدّ هائلا».
2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية
بسبب اشتداد الحرب والمخاوف من المستقبل
2050 سوريًا من الجولان المحتل يحصلون على الجنسية الإسرائيلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة