قافلة مساعدات الأمم المتحدة إلى حي الوعر بحمص تتجاهل مواد طبية تطلبها المستشفيات

ناشطون سوريون: الكارثة الإنسانية «وقعت.. وبات الأطفال أشبه بهياكل عظمية»

قافلة مساعدات الأمم المتحدة إلى حي الوعر بحمص تتجاهل مواد طبية تطلبها المستشفيات
TT

قافلة مساعدات الأمم المتحدة إلى حي الوعر بحمص تتجاهل مواد طبية تطلبها المستشفيات

قافلة مساعدات الأمم المتحدة إلى حي الوعر بحمص تتجاهل مواد طبية تطلبها المستشفيات

أكد ناشط معارض في مدينة حمص السورية، أن المواد الإغاثية التي أدخلتها الأمم المتحدة أمس إلى حي الوعر المحاصر بضواحي حمص: «تخلو من المواد الطبية التي تحتاج إليها المستشفيات في المنطقة رغم المطالبة بها»، مشيرا إلى أن المواد الغذائية التي دخلت «تقتصر على مادة الطحين، فيما يرجح أن تدخل سلال الأمم المتحدة الغذائية الاثنين المقبل». وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت أن أول قافلة مساعدات منذ يونيو (حزيران) الماضي وصلت أمس (الخميس) إلى حي الوعر المحاصر بحمص. وشرحت إنجي صدقي، المتحدثة باسم اللجنة، أن 19 شاحنة تنقل دقيق (طحين) القمح ومواد طبية ومياها ومواد صحية وصلت في إطار قافلة مشتركة مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر». وكانت القافلة السابقة وصلت الوعر يوم 16 يونيو الماضي.
غير أن أسامة أبو زيد، من «مركز حمص الإعلامي»، أبلغ «الشرق الأوسط» أن المواد الإغاثية التي دخلت إلى الحي «تخلو من المواد الإسعافية والجراحية التي تحتاج إليها المستشفيات وطلبها الناشطون والأطباء في الحي من الأمم المتحدة، أما المواد الطبية التي دخلت فاقتصرت على أدوية للأطفال ومضادات للأمراض الجلدية، مثل القمل والجرب، واللقاحات والفيتامينات والمهدئات». وتابع أبو زيد: إن النظام السوري «يمنع إدخال المواد المطلوبة منذ إطباق حصاره على الحي منذ 3 سنوات». ثم أشار إلى أن المواد الغذائية التي دخلت «اقتصرت على 15 ألف حصة من الطحين، لا تكفي السكان لأكثر من 25 يوما»، علما بأن السكان المحاصرين في الحي، يبلغ عددهم 100 ألف شخص. ولفت إلى أن السلال الغذائية التي تتضمن معلبات ومواد غذائية «ستدخل يوم الاثنين المقبل».
بدوره، أشار الناشط سليم قباني إلى أن حي الوعر يفتقد مواد غذائية، ويدخل الحي يوميا نحو 1000 ربطة من الخبز، بمعدل ربطة لكل مائة شخص، كما أن سعر كيلو الأرز يُباع بنحو 3000 ليرة سورية (8 دولارات)، مشددًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن الكارثة الإنسانية «وقعت بالفعل، وبات الأطفال أشبه بهياكل عظمية». والواضح أن الحصار على حي الوعر شدد قبل أربعة أشهر حين فشلت المفاوضات على إخراج المسلحين منها، مع العلم أن النظام يحاصر الحي الواقع إلى الشمال الغربي من وسط حمص منذ 3 سنوات. وأدت حالة الحصار إلى تراكم الأزمات الاقتصادية والإنسانية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إلى مستويات مخيفة. وبسحب ناشطين في المدينة، فإن السكان يعيشون ظروفا إنسانية واقتصادية صعبة، ولم تنجح عشرات التقارير الإنسانية في إيصال أصوات المحاصرين في الحي الذي بات آخر نقطة محرّرة في حمص. ومع غياب دور المؤسسات الإنسانية والعالمية يزداد الوضع سوءا كل يوم، ليدفع الحي إلى كارثة إنسانية حقيقية سيكون ضحيتها آلاف المدنيين، من بينهم أطفال ونساء.
من جهتها، دعت وكالات الإغاثة في سوريا مرارا إلى تسهيل الوصول بانتظام للمناطق المحاصرة قائلة: «الشحنات غير المنتظمة سرعان ما تنفد». وتقول الأمم المتحدة: «هناك أكثر من نصف مليون شخص يعيشون في 18 منطقة في مختلف أرجاء سوريا تحاصرها القوات المتحاربة في الصراع الدائر منذ أكثر من خمس سنوات». كما سجلت وكالات الإغاثة حالات وفاة بسبب الجوع في بلدة مضايا (بمحافظة ريف دمشق) التي تحاصرها قوات الحكومة في وقت سابق هذا العام.
وقال يان إيغلاند، مستشار الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة الشهر الماضي: «باستثناء بعض التحركات الإيجابية في الفترة الأخيرة لم يرفع حصار واحد، وازداد القتال سوءا». وأضاف كذلك: «ليس هناك ما يضمن أن حرية وصول المساعدات التي أتيحت بضغوط أميركية وروسية ستستمر».
وتعطي حكومة النظام السوري موافقات مؤقتة، وغالبا ما تكون مشروطة، لعبور قوافل المساعدات. وعنها تقول المعارضة «إن هذه مؤامرة من جانب دمشق لإبطال الضغوط الدولية من أجل إتاحة الحرية الكاملة لدخول المساعدات الإنسانية التي يعتبر لزاما على سوريا إتاحتها بحكم القانون الدولي».
ويعيش نحو 600 ألف شخص في سوريا تحت الحصار. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من ثلثي هذه المناطق محاصر من قبل قوات الحكومة، بينما يحاصر باقي المناطق مسلحو المعارضة، وما يعرف بتنظيم داعش.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».