تيريزا ماي تنصب اليوم رسميًا وسط عواصف سياسياً

المعارضة تطالبها بإجراء انتخابات عامة لكنها غير مجبرة

تيريزا ماي حضرت أمس اجتماع الحكومة الأسبوعي كوزيرة للداخلية برئاسة كاميرون (رويترز)
تيريزا ماي حضرت أمس اجتماع الحكومة الأسبوعي كوزيرة للداخلية برئاسة كاميرون (رويترز)
TT

تيريزا ماي تنصب اليوم رسميًا وسط عواصف سياسياً

تيريزا ماي حضرت أمس اجتماع الحكومة الأسبوعي كوزيرة للداخلية برئاسة كاميرون (رويترز)
تيريزا ماي حضرت أمس اجتماع الحكومة الأسبوعي كوزيرة للداخلية برئاسة كاميرون (رويترز)

ستنصب وزيرة الداخلية تيريزا ماي مساء هذا اليوم رئيسة للحكومة البريطانية لتصبح ثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد مارغريت ثاتشر التي حكمت البلاد بين عامي 1979 و1990.
رئيس الوزراء المستقبل ديفيد كاميرون قال أمام داونينغ ستريت إن حكومته ستجتمع للمرة الأخيرة برئاسته (أمس) الثلاثاء، كما أنه سيترأس جلسة المساءلة البرلمانية الأسبوعية اليوم الأربعاء لمدة نصف ساعة قبل أن يتوجه لاحقا إلى قصر بكينغهام لتقديم استقالته للملكة إليزابيث، مضيفا: «سيكون لدينا رئيس جديد للوزراء في هذا المبنى الذي أقف أمامه بحلول مساء الأربعاء». بعدها تتوجه ماي أيضا إلى القصر من أجل الحصول على المباركة البروتوكولية الملكية.
عملية التنقلات تتم بشكل سريع جدا. يغادر رئيس الوزراء المستقيل مع عائلته المكان، وتصل تريزا ماي مع زوجها إليه، ويتم كل شيء رمزيا وفعليا أمام وسائل الإعلام التي تنقل مباشرة الخروج والدخول من الباب الشهير في داونينغ ستريت.
بدا كاميرون سعيدا بعد أن أخبر وسائل الإعلام المتجمهرة في داونينغ ستريت حول خطوات التسليم والتسلم. والتقطت الميكروفونات صوته (نسي أن يغلق ميكروفونه) وهو يدندن: «دو..دو..دو..دو» لدى دخوله ويغلق وراءه الباب الأسود الشهير للمقر في 10 داونينغ ستريت. طبعا بدأت التأويلات حول أي أغنية كان يدندنها، هل هي من مسلسل «ويست وينغ» الأميركي، أم من كتاب الأطفال «ويني ذي بو».
ماي، التي شغلت منصب وزيرة الداخلية لفترة تزيد على سبع سنوات واعتبرت من أنجح من تعامل مع هذا الملف الداخلي الشائك أمنيا منذ الحرب العالمية الثانية، ستقود البلاد أيضا في فترة تعتبر الأصعب في تاريخ بريطانيا الحديث، والتي شبهت أزمة خروجها من الاتحاد الأوروبي بأزمة السويس التي واجهها رئيس الوزراء أنطوني إيدن خلال العدوان الثلاثي على مصر.
بعد تصويت البريطانيين في 23 يونيو (حزيران) على نحو غير متوقع لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، أصاب القرار التكتل بالضعف وخلق موجة هائلة من عدم اليقين في مجالات التجارة والاستثمار وسبب هزة في أسواق المال.
ماي أيدت بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لكنها أوضحت أنه لا عودة للوراء بشأن نتيجة الاستفتاء. وقالت: «يشرفني اختيار حزب المحافظين لي زعيمة له». وأضافت: «خروج بريطانيا يعني خروج بريطانيا وسنعمل على تحقيق إنجاح ذلك».
انتصار ماي يعني أن تتولى شخصية أيدت بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي عملية الخروج منه. وقالت إن بريطانيا تحتاج لبعض الوقت للاتفاق على استراتيجية للتفاوض ويجب ألا تبدأ الإجراءات الرسمية للخروج قبل نهاية العام، وقالت إنها لن تفعل المادة 50 من اتفاقية لشبونة، قبل أن تبدأ المفاوضات على شكل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد. إلا أن ذلك سيغضب الشركاء الأوروبيين الذين يطالبون بأن يتم الطلاق بأسرع وقت ممكن.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت مساء الاثنين لدى استقبالها أفراد السلك الدبلوماسي العاملين في ألمانيا في حفل سنوي في ميسيبرغ قرب برلين: «سيترتب على بريطانيا أن توضح بصورة سريعة كيف تريد أن تحدد مستقبل علاقتها مع الاتحاد الأوروبي».
كما استبعدت ماي عقد استفتاء ثان ورفضت أي محاولة للانضمام مرة أخرى للاتحاد. وقالت: «حين أصبح رئيسة للوزراء سأعمل جاهدة على تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي».
وفي أول ردة فعل على تنصيب ماي قال البيت الأبيض إن الرئيس باراك أوباما واثق من أن العلاقة الخاصة «بين الولايات المتحدة وبريطانيا ستستمر بعد أن تصبح ماي رئيس للوزراء».
وزير الخزانة جورج أوزبورن الذي يقوم حاليا بزيارة إلى الولايات المتحدة قال عبر «تويتر»: «نرحب بالأنباء عن وجود مرشحة واحدة تحظى بتأييد واسع لتصبح رئيسة الوزراء التالية. تيريزا ماي تتمتع بالقوة والنزاهة والتصميم على القيام بالعمل المطلوب».
أصاب تصويت البريطانيين بنسبة 52 في المائة مقابل 48 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي صدمة للساسة البريطانيين خاصة كاميرون الذي حذر من كارثة اقتصادية في حالة الخروج. لكن البريطانيين تجاهلوا تحذيراته وأنصتوا لشعارات حملة الخروج بأن ذلك سيمكنهم من استعادة «الاستقلال» عن مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل والحد من مستويات الهجرة العالية، وهو أمر يصعب تحقيقه في ظل قوانين الاتحاد التي تسمح لأي شخص بالعيش والعمل في أي بلد من أعضائه.
وربما من أصعب الملفات التي ستواجه ماي هو ملف الهجرة، والتي اعتبرت من القضايا التي لم تتمكن من السيطرة عليها كوزيرة للداخلية رغم نجاحها في القضايا الأمنية ومحاربة المتطرفين، مثل نجاحها في ترحيل أبو قتادة إلى الأردن. موضوع الهجرة كان من القضايا التي قيل إنها ستكون الحائل بينها وبين حصولها على زعامة الحزب.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت: «سنجري مفاوضات صعبة مع بريطانيا.. لن تكون سهلة». وأصرت على أن بريطانيا لن تكون قادرة على الوصول بشكل حر إلى السوق الأوروبية الموحدة دون القبول بحرية انتقال الأشخاص. وهذه من القضايا الصعبة التي ستواجهها ماي.
لكن آمالها تعززت بخروج أبرز منافسيها على الزعامة من بين أعضاء حملة الخروج من المنافسة وهما مايكل غوف وزير العدل وبوريس جونسون رئيس بلدية لندن السابق. وفي خطابها الذي ألقته في مدينة برمنغهام، والذي كان مخصصا لإطلاق حملتها في المنافسة على زعامة الحزب، قبل انسحاب أندريا ليدسام بقليل، حددت ماي ملامح رؤيتها للاقتصاد ودعت «لبلد يناسب الجميع وليس فقط لقلة محظية». وقالت إن الأولوية ستكون لبناء منازل والتصدي للتهرب الضريبي من قبل الأفراد والشركات وخفض تكلفة الطاقة وتقليص الفجوة «الضارة» بين رواتب الموظفين وكبار مسؤولي الشركات.
وأضافت: «تحت قيادتي سيصبح حزب المحافظين نفسه بشكل كامل ومطلق في خدمة الفئة العاملة العادية.. وسنجعل من بريطانيا بلدا يناسب الجميع».
ويتمثل أكبر تحد أمام ماي في رسم مسار الانسحاب البريطاني وهي عملية لا يزال يخيم عليها الغموض وكذلك التوصل إلى شروط جديدة للتجارة مع باقي أعضاء الاتحاد.
ووقع أكثر من ألف محام بريطاني خطابا لحث رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على السماح للبرلمان بالبت في مسألة انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي. وردا على تعيين ماي الوشيك طالب نواب المعارضة في البرلمان بانتخابات عامة.
وقال جون تريكيت منسق الانتخابات العامة بحزب العمال: «من الضروري بالنظر لحالة عدم الاستقرار التي سببها التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبي أن ينتخب البلد رئيسا جديدا للوزراء بصورة ديمقراطية».
كما طالب حزب الديمقراطيين الأحرار أيضا بانتخابات عامة. لكن ماي ليست ملزمة بإجرائها، وقوانين التصويت لا تجبرها على ذلك، لأن حزبها يتمتع بأكثرية برلمانية، وهذا ما يعطيها الحق في تشكيل الحكومة، وليس بالضرورة من يرأسه. جون ميجر الذي تسلم من مارغريت ثاتشر عام 1990. لم يحل البرلمان ويجري انتخابات عامة. كما استمر غوردون براون في مهمته رئيسا للوزراء بعد أن تسلم من توني بلير. لكنهما واجه انتقادات شديدة على عدم حل البرلمان واللجوء إلى الشعب للحصول على تخويل واضح.
ويقول بعض المراقبين: لدى ماي فرصة ذهبية لإجراء انتخابات عامة بسبب وضع المعارضة العمالية التي تعاني من انقسامات حادة، مع تخلي كثير من أعضاء البرلمان من حزب العمال عن زعيمهم جيرمي كوربن، الذي يواجه انتقادات شديدة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».