ويلز.. مقاطعة صغيرة وصلت بجدارة إلى خريطة كرة القدم العالمية

فاقت كل التوقعات في «يورو 2016» بعدما ظلت طويلاً تكتفي بدور المتفرج من بعيد

هال روبسون - كانو يحرز هدفه الرائع في شباك بلجيكا (أ.ف.ب) - روبسون - كانو يحتفل مع بيل بهدفه (إ.ب.أ)
هال روبسون - كانو يحرز هدفه الرائع في شباك بلجيكا (أ.ف.ب) - روبسون - كانو يحتفل مع بيل بهدفه (إ.ب.أ)
TT

ويلز.. مقاطعة صغيرة وصلت بجدارة إلى خريطة كرة القدم العالمية

هال روبسون - كانو يحرز هدفه الرائع في شباك بلجيكا (أ.ف.ب) - روبسون - كانو يحتفل مع بيل بهدفه (إ.ب.أ)
هال روبسون - كانو يحرز هدفه الرائع في شباك بلجيكا (أ.ف.ب) - روبسون - كانو يحتفل مع بيل بهدفه (إ.ب.أ)

مواساتنا لويلز، التي توقفت رحلتها المثيرة في يورو 2016 في ليون، عند الدور نصف النهائي. لكن تهانينا إلى كل من كان له دور في إنعاش البطولة - من وجهة نظر بريطانية تحديدا - وإظهار ما يمكن أن يحدث عندما يلعب فريق بروح الفريق، وينزل إلى أرض الملعب مسلحًا بعقلية قوية ومخزون عميق من الثقة بإمكاناته.
ليس المقصود من هذه الكلمات أن تكون نقدا غير مباشر لإنجلترا، وإن كان بعض الناس قد يقرأها على هذا النحو، إذ كانت الحكايتان، الويلزية والإنجليزية، متشابكتين للغاية في فرنسا. أوقعت القرعة المنتخبين في المجموعة نفسها، ورغم فوز إنجلترا في المعركة المباشرة التي جمعت بينهما، فقد خسرت الحرب باحتلالها المركز الثاني خلف فريق حقق الانتصار في مباراتين. وقد أُعفيت إنجلترا من الاصطدام بفريق كبير، عندما قابلت آيسلندا، دون أي من المتأهلين الآخرين لدور الـ16، في حين كانت مكافأة ويلز على تغلبها آيرلندا الشمالية، وتصدرها المجموعة في النصف الأسهل من القرعة، أن تخوض مهمة في دور الثمانية أمام بلجيكا.
لا حاجة إلى ذكر الخلفية القديمة، فالكل يعرف ما حدث، بما في ذلك حالة الجدل المختلقة إلى حد بعيد، حيث ضُبط لاعبو ويلز وهم يحتفلون بخروج إنجلترا. قالوا إنهم كانوا سعداء لأنهم كانوا الفريق الوحيد من الوطن، المستمر في البطولة، ولا بأس في هذا. لم يكن لدى أي شخص في إنجلترا القابلية لأن يجادل في هذا الصدد، بل كان هناك ارتياح لرؤية اللاعبين من هذه الجزر وهم لا يزالون يعرفون كيف يمرحون ويفرحون بعد 3 أسابيع من الابتعاد عن الديار، خصوصا عندما حملوا معهم هذه الروح والشراسة إلى مدينة ليل الفرنسية وأطاحوا بالبلجيكيين.
وإذا كانت هذه واحدة من أفضل مباريات البطولة، فلقد احتوت كذلك على هدف ينافس على أفضل هدف في يورو 2016، وهو هدف هال روبسون - كانو، الذي سجله عندما استدار على طريقة كرويف وسدد في المرمى، كما أن ويلز ربما كانت تضم كذلك أكثر لاعبي البطولة ثباتًا في المستوى، وهو آرون رمزي. ولعل افتقار ويلز إلى القوة الهجومية الفعالة أمام البرتغال كان بسبب غياب لاعب نجم آرسنال للإيقاف، وإن كان من الممكن أن تكون هناك أسباب أخرى.
بدا المنتخب الويلزي متوترًا للمرة الأولى خلال مواجهة نصف النهائي. في الشوط الأول تحديدًا، عندما كان التعادل لا يزال قائمًا، ظهر اللاعبون وكأنهم مقيدون، كما تظهر إنجلترا في كثير من الأحيان. في ليون، ربما انتبهت ويلز إلى الفارق بين اللعب بحرية واللعب تحت ضغط التوقعات. ظن كثير من الناس، وربما كانوا مخطئين، أن فريقًا استطاع أن يطيح ببلجيكا خارج البطولة، سيكون قادرًا على تخطي البرتغال وحجز مكان في النهائي. وعلى أقل تقدير، وبسبب نجاحهم في الجولات الأولى وحالة التفاؤل الكبيرة وروح الدعابة لدى مشجعيهم، كان من المتوقع أن تبلي ويلز بلاءً حسنًا في نصف النهائي. وفي حين أنه كان من المتوقع إلى حد بعيد أن يخرج هذا المنتخب من دور الثمانية، خصوصًا مع الاختراقات الخطيرة التي قام بها المنتخب البلجيكي في الدقائق الأولى، فقد بدا وكأن المواجهة قد تُحسم في الشوط الأول.
كان لدى كريس كولمان، مدرب المنتخب الويلزي، تفسير لهذا. قال إن ويلز كانت قلقة في البداية لأنها كانت تعرف ما يمكن أن يفعله الهجوم البلجيكي، لكن عندما تأكدت مخاوف الويلزيين مبكرًا في الدقيقة 13، كان لذلك أثر في تهدئة الأعصاب واستعادة الفريق لتوازنه. وأوضح كولمان: «أولاً كان علينا أن نعود للمباراة، وهو ما فعلناه، وبمجرد أن حصل هذا، تسيدنا مجريات اللعب فيما تبقى من عمر الشوط الأول».
كل هذا صحيح، وقد أزعج هذا التصميم على العودة من جانب الويلزيين منافسهم. انهارت خطط البلجيك مع تراجع خط وسطهم تاركا المهاجمين معزولين، مما اضطر كيفين دي بروين وإيدن هازارد إلى تجريب حظوظهم من خلال التسديدات من مسافات بعيدة، حتى من قبل أن يقلب روبسون - كانو كفة المباراة بشكل حاسم لصالح ويلز. ولعل المتفائلين استعصموا بأمل أن يحدث شيء كهذا عندما تأخرت ويلز بهدف في ليون، لكن الحظ جانبهم هذه المرة. لقد وجدت البرتغال في كريستيانو رونالدو، رجلا من رجال المناسبات الكبرى، ولاعبا قادرا بالمعنى الحرفي على أن يكون على مستوى التحدي الماثل أمامه، أيا كان حجمه. لم يلعب غاريث بيل بشكل سيئ، وبالتأكيد لم يكن دون مستوى النزال، إنما كان زميله في ريال مدريد هو من صنع الفارق، وكانت صناعته للهدف الثاني في غضون دقائق من الاهتزاز الشديد لدفاع ويلز، هي ما وضع نهاية لهذا السجال.
ستكون البرتغال المنتخب الأقل حظا للفوز باللقب بصرف النظر عن الطرف الثاني للمباراة النهاية.. فما بالك والطرف الثاني هم الفرنسيون أصحاب الأرض في المواجهة التي تشهدها باريس اليوم، وإن كانت ستظل لدى هذا المنتخب فرصة دائما، في وجود رونالدو، بحالته الفنية الحالية.
لقد وصف مهاجم مانشستر يونايتد السابق بأنه ليس من نوعية اللاعبين المؤثرين على مستوى كرة القدم الدولية، في أعقاب هزيمة البرتغال 4 - 0 في كأس العالم 2014، على يد المنتخب الألماني الكاسح، وإخفاق البرتغال في تجاوز دور المجموعات، رغم أن رونالدو لم يكن أبدا جاهزا تماما من الناحية البدنية في البرازيل. ربما هو أكبر بعامين الآن، لكنه يبدو لاعبا مختلفا: متعاف تماما، ومستعد لاستغلال الفرصة لتحقيق المجد وقد يأتي ذلك في هذه المرحلة المتقدمة من مسيرته الكروية.
تكون البرتغال فريقا مختلفا عندما يكون رونالدو في أوج مستواه: ويشهد على هذا مساهمته الاستثنائية في مباراة المجر التي انتهت بالتعادل 3 - 3. وبينما يمكن أن يبدو أن منتخب المدرب فيرناندو سانتوس غاب عنه التوفيق في بعض الأحيان في فرنسا، ووصل للنهائي على رغم تقديمه لعدد من العروض العادية في مرحلتي المجموعات ودور الثمانية أمام بولندا، فقد استحق الإشادة، ليس فقط لقدرته على البقاء في البطولة - وهي مهارة لا تبدو إنجلترا قريبة من إجادتها - وإنما لتخطيه اثنين من المنتخبات التي كانت في أفضل حالاتها في البطولة، كرواتيا وويلز. غابت عن كرواتيا بشكل غريب روح المغامرة خلال مباراتها في دور الـ16 أمام البرتغال في مدينة لانس، لكنهم وصلوا إلى هذه المرحلة بعد فوز على إسبانيا، وهو ما جعل بعض الخبراء يرشحونهم للفوز بالبطولة. أما ويلز فلم تنل مثل هذه الترشيحات قط، رغم أنها وصلت إلى نصف النهائي، مدفوعة بطموحات هائلة، وفرصة حقيقية في مواصلة مسيرة ممتازة. وربما كان هذا هو التوقع الذي وصل إلى كولمان ولاعبيه في النهاية، أو ربما كانت البرتغال ببساطة وحدة دفاعية محكمة سيجد أي فريق صعوبة في هزيمتها.
وأيا كان الأمر، فإنه يمكن استخلاص نتيجتين. أولا، من المتوقع ألا تكون البرتغال لقمة سائغة في النهائي أمام فرنسا اليوم، وثانيا أن ويلز واحدة من النجاحات البارزة في يورو 2016. إن التجول في أنحاء المدن الفرنسية في حافلة فريق، تحمل شعارا يقول «سينهض التنين»، هو شيء يحتاج لقدر من الجرأة، لكن هذا هو ما فعلته ويلز، والجرأة هي عين ما أظهرته ويلز.
أوضح كولمان أنه بات بمقدور ويلز الآن أن تتأهل وتنافس في البطولات بصورة أكثر انتظاما بعدما ظلت طويلا تكتفي بدور المتفرج من بعيد. قال المدرب: «كان ثمة حاجز نفسي نجحنا في عبوره». لقد وصلت منطقة بحجم ويلز إلى خريطة كرة القدم، ونأمل بأن تظل موجودة بها لفترة من الزمن.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».