قال الممثل وسام حنا إن «أعمال الدراما العربية المختلطة ساهمت في التركيز على العنصر اللبناني وتثبيت نجومية ممثلين لبنانيين». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأعمال أعطتنا فرصا ذهبية، وبالتالي تلونت بالتجدد من خلال العنصر اللبناني فيها، فصار المنتجون يعولون على الممثل اللبناني في أدوار البطولة، وصار المشاهد العربي ينتظر إطلالة الممثل اللبناني بشغف».
وعما إذا كان يعتبر نفسه نجما في عالم التمثيل، أجاب: «لا أصنف نفسي نجما أو بطلا، كل ما أستطيع تأكيده هو أنني أشكل حالة لا تشبه غيرها. فلدي هويتي التمثيلية، وكذلك أدائي وأسلوبي الخاصان بي واللذان لا يمكن تشبيههما بأحد آخر. وفي الحقيقة لطالما عملت لبناء اسمي بعيدا عن الاصطفافات والكليشهات الموجودة على الساحة، تحت عنوان الممثل رقم واحد أو اثنين، وما إلى هنالك من تسميات لا تهمني. كما أن الدراما العربية اليوم لم تعد تركز على بطل للعمل، بل على البطولة الجماعية؛ مما ألغى تقليدا ساد في الماضي». وأضاف: «اليوم لم يعد هناك من نجم قوي، بل نص ناجح وأدوار مميزة، فشركات الإنتاج تعوّل على العمل ككل وليس على اسم النجم فقط. والدليل على ذلك مثلا النجومية التي حققّتها إيميه صياح بين ليلة وضحاها، بفضل نص رائع لمنى طايع في (وأشرقت الشمس)».
وكان وسام حنا قد لفت المشاهد العربي في موسم رمضان، في أدائه دور (فادي) الذي يعاني مرض التوحد، وذلك في مسلسل «يا ريت». ففاجأنا بأدائه شخصية مركبة وصعبة بأسلوب ممتع استخدم فيه تقنية الممثل المحترف. فكان أداؤه لا يرتكز على التمثيل فقط، بل أيضا على لغة الجسد واليدين والعينين وتحولات في الصوت. ويعلّق: «هذا الدور كان صعبا لدرجة أنني خفت من أدائه في البداية، إلا أن كاتبة العمل كلوديا مرشيليان تمسكت بقرارها بأن أكون صاحب الدور. وفي الواقع تطلّب مني انفصالا تاما عن شخصيتي الحقيقية، فعشتها كما هي وقدمتها بإشراف الممثلة الأستاذة عايدة صبرا التي ساعدتني كثيرا في كيفية تقمص الدور. وأصعب ما في هذه الشخصية كان القدرة على جمع كل عناصره في لحظة واحدة، فلم يكن بإمكاني الفصل ما بين حركات يدي ومشيتي ونظراتي وصوتي وأدائي التمثيلي بتاتا وإلا خسرت الشخصية من خصوصيتها، وهو أمر ليس بالسهل أبدا تطبيقه». وعما تطلّبه منه هذا الدور، أجاب: «لقد تطلّب مني الجهدين الجسدي والنفسي معا، فعشت تفاصيله إلى حد شعرت فيه بأنني فادي في الواقع، حتى أنه كان عليّ الوصول إلى البلاتو قبل ساعات من وصول ممثلين آخرين؛ لأن عملية تركيب الذقن كانت تستغرق وقتا طويلا، ولا سيما أنها واحدة من ملامحه الأساسية في الشخصية. لقد تأثّرت كثيرا بهذه الشخصيّة، خصوصا أني واحد من المتطوعين العاملين في جمعية (open mind) للعناية بمرضى التوحد». وعما إذا الأعمال الإنسانية تشده؟ قال: «منذ صغري أشعر بتعاطف كبير مع أصحاب الاحتياجات الخاصة، فإنا اعتبرهم مختلفين عنا وليسوا بمرضى، وبينهم من يملكون مواهب رائعة، وهذا ما تميّزت به شخصية (فادي) الذي كان عبقري كومبيوتر». وعن النهاية الحزينة التي تعرض لها (فادي) في المسلسل، حيث أقدم على الانتحار بعد خسارته حبيبته (زوزو) قال: «لقد كانت نهاية حزينة بالفعل لشخص بدأ يشعر بالأمل من خلال الحب الذي وجده في حضن (زوزو)، المرأة التي حنّت عليه وأغرمت به. وهنا أود الإشارة إلى أن مرضى التوحّد هم في حاجة إلى الحب والعطف أكثر من غيرهم، وأحيانا كثيرة تؤدي الجرعات الكبيرة منها إلى شفائهم بنسبة كبيرة من مرضهم، فيندمجون بشكل أفضل في المجتمع وتتحسن حالتهم». وماذا عن وسام حنا في الواقع، هل لامس حالات إحباط واستسلام؟ أنا شخص مؤمن وأصلّي. وفي جميع المشكلات التي أتعرض لها أتوكل على رب العالمين، ولقد ذكرت الكتب المقدسة على اختلافها هذا الأمر، عندما أوصانا الأنبياء بعدم الركون إلى الشعور بالخوف بتاتا؛ لأن عين الله، عز وجل، ترعانا دائما».
وما رأيك في الساحة التمثيلية اليوم التي تغزوها مشكلات الغيرة والمنافسة إلى حد كبير؟ يردّ الممثل اللبناني: «هي أمور تحصل في جميع المجالات، ولطالما كان التنافس والغيرة موجودين في زمن الفن الجميل والمعاصر معا. ولكن ما يحزنني هو أن تصل الأمور أحيانا إلى حد الأذية. فعندها تصبح الأمور غير طبيعية، ولكني على قناعة تامة بأن أي فنان يتعمّد الأذية لزميل له، لا بد أن يسقط سقوطا ذريعا؛ فينقلب السحر على الساحر. وهذا ما نلمسه اليوم من خلال غياب نجوم معروفين عن الساحة، لعبوا هذا الدور فاختفوا عن الشاشة». وأضاف: «أريد أن أستعير هنا عبارة من الكلمة التي ألقتها زميلتي ماغي بوغصن في إطلالتها في إفطار شركة (إيغل فيلمز) عندما قالت (السماء واسعة وهي تتسّع لجميع النجوم، فلماذا نتشاجر للحصول على مكان لنا فيها؟)».
ووصف وسام حنا الفن بشكل عام، والتمثيل بشكل خاص، بـ«الرسالة الإنسانية الراقية، التي تفقد معناها الحقيقي عندما تصل إلى هذا الدرك».
وعن الدراما اللبنانية قال: «نحن اليوم نعيش أفضل أيامها؛ فلقد جاهد من كانوا قبلنا ونحن حملنا رايتهم ووصلنا إلى شاطئ الآمان».
وعن تجربته مع التقديم التلفزيوني قال: «هو المتنفّس الذي من خلاله آخذ جرعة من التجديد، فقلّة من الممثلين ينجحون في مهنة التقديم التلفزيوني، حتى أننا نعاني من وجود مقدمي برامج بحيث لا يتعدّون أصابع اليد الواحدة. وفي برنامج (حسابك عنّا) للألعاب والتسلية كنت المحرك الأساسي له فنجحت في جذب المشاهد، وهذا الأمر سيترجم في عودتي القريبة إلى التقديم ودائما على شاشة (إل بي سي)؛ مما سيضطرني إلى المشاركة في عمل تمثيلي واحد العام المقبل».
وما طبيعة هذا العمل؟ «هو مسلسل طويل يتألّف من ستين حلقة، ولن أفصح عن الباقي».
وكان وسام حنا قد شارك هذا العام في أكثر من عمل درامي، بينها «كواليس المدينة» و«صرخة روح» و«الحرام» و«يا ريت» و«سمرا». وفي الأخير انطبع في ذاكرة المشاهد لأدائه المحترف، خصوصا في المشهد الذي رقص فيه حزنا على مصابه. ويعلّق: «لقد اقترحت يومها على المخرج فيليب أسمر أن أرقص من الحزن، فكنت أبكي وأرقص وأفرح في الوقت نفسه، مما جعل المشهد يخرج عن المألوف». وهل عادة ما تتدخل في كيفية أداء مشهد ما؟» لا أستطيع القيام بذلك مع عدد كبير من المخرجين، إلا أن فيليب أسمر يعطيني دائما المساحة اللازمة لأطلق موهبتي على سجيتي، وأنا أحترم لديه هذه الناحية». وعن الممثل الذي لطالما اتخذه مثله الأعلى، قال: «في بداياتي تأثّرت بكثيرين، ولكن اليوم صرت أعجب بدور يجسّده ممثل ما، كالذي لعبه جهاد الأندري في «عشق النساء» فتميز بأداء رائع ما زال يحفر في ذاكرتي رغم أن مساحة الدور كانت صغيرة».
وسام حنا: الدراما المختلطة ساهمت في تثبيت نجومية لبنانيين
قال إن الأذية التي يتسبب بها فنان لآخر لا بد ستنقلب عليه
وسام حنا: الدراما المختلطة ساهمت في تثبيت نجومية لبنانيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة