أول مناورات إسرائيلية وأميركية مشتركة لمجابهة حرب الصواريخ

التعاون العسكري لم يتأثر بتعكّر العلاقات الشخصية بين نتنياهو وأوباما

طائرة حربية تستعد للإقلاع من على حاملة الطائرات الأميريكة ايزنهاور في البحر الأبيض المتوسط  (أ.ف.ب)
طائرة حربية تستعد للإقلاع من على حاملة الطائرات الأميريكة ايزنهاور في البحر الأبيض المتوسط (أ.ف.ب)
TT

أول مناورات إسرائيلية وأميركية مشتركة لمجابهة حرب الصواريخ

طائرة حربية تستعد للإقلاع من على حاملة الطائرات الأميريكة ايزنهاور في البحر الأبيض المتوسط  (أ.ف.ب)
طائرة حربية تستعد للإقلاع من على حاملة الطائرات الأميريكة ايزنهاور في البحر الأبيض المتوسط (أ.ف.ب)

كشف النقاب في تل أبيب، أمس الخميس، عن أن الأجهزة الأمنية الأميركية والإسرائيلية، أجرت مناورة صاروخية تحاكي سقوط آلاف الصواريخ من إيران ولبنان على بلدات إسرائيلية، وذلك بهدف فحص مدى التنسيق والارتباط بين المنظومات المضادة للصواريخ الأميركية والإسرائيلية. وحملت المناورة اسم «كيشوريت» (وتعني حلقة وصل)، وتعتبر أول مناورات من نوعها.
وقالت المصادر العسكرية الإسرائيلية إن هدف هذه المناورات كان فحص مدى التنسيق بين ست منظومات دفاعية أميركية وإسرائيلية. والمنظومات الدفاعية الإسرائيلية هي «حيتس1» و«حيتس2» (سهم1 و2) و«شرفيت كساميم» (العصا السحرية)، بالإضافة إلى ثلاث أميركية، منها منظومة «باتريوت». وعلى الرغم من أن التقديرات الإسرائيلية تتحدث عن سقوط مئات الصواريخ والقذائف على بلدات إسرائيلية في حرب محتملة، من عدة جبهات في آن، فإن القائمين على المناورة فضلوا المبالغة في التقديرات بعدد الصواريخ التي قد تسقط على بلدات إسرائيلية بهدف التأكد من مدى جهوزية المنظومات. وأجريت المناورة في إسرائيل والولايات المتحدة وبمشاركة العشرات من الخبراء على مدار خمسة أيام واختتمت في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، لكن الإعلان عنها تأخر بغرض الحفاظ على السرية. وبحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية فإنه جرى التشديد على الاتصال والتشبيك بين المنظومات الإسرائيلية وأجهزة الرصد والمراقبة (ردارات) الأميركية.
وقالت المصادر الإسرائيلية إن التجربة كانت ناجحة. وإنها تدل على مدى التعاون العسكري والاستراتيجي العميق بين الدولتين. وقد تمّ التشبيك، في هذه التجربة، بين حواسيب الجيش الإسرائيلي (خصوصا حواسيب سلاح الجو)، وهيئة «حوماة» وبين جيش الولايات المتحدة (الجبهة الأوروبية) والبنتاغون. واختصّت هذه التجربة بمواجهة سيناريو يتمثل في هجمة صاروخية مكثفة ومتزامنة على إسرائيل وجيش الولايات المتحدة، وهدفت للتأكد من أن كل طرف سيتمكن من التعرف على التهديدات الموجهة إليه، واعتراضها من دون ارتكاب أخطاء.
وقد أعادت هذه التجربة اختبار منظومة «حيتس»، وهي المنظومة المخصصة لاعتراض صواريخ طويلة المدى تفوق الـ300 كيلومتر، على الجانب الإسرائيلي، ومنظومة «باتريوت» على الجانب الأميركي. لكن «حيتس» دمجت أيضا مع منظومة «العصا السحرية»، وهي المنظومة التي طوّرتها بشكل مشترك إسرائيل وأميركا وتمّ تسليمها مؤخرا لسلاح الجو الإسرائيلي لإجراء سلسلة من التجارب.
والمعروف أن منظومة العصا السحرية مخصصة لاعتراض صواريخ لمدى يبلغ حتى 200 - 250 كيلومترا. وقد تم في هذه التجربة، اختبار المنظومات المشتركة والتواصل فيما بينها، ليس من جانب الصواريخ بعيدة المدى الإيرانية فحسب، بل من جانب الصواريخ بعيدة المدى التابعة لما يسمى «حزب الله» اللبناني، وهي الصواريخ القادرة على الوصول حتى تل أبيب، بل وإلى الجنوب منها. وتعدّ هذه التجربة استمرارا للتجارب التي تجري خلال السنوات الأخيرة بهدف فحص قدرات المنظومات الدفاعية الإسرائيلية «حيتس 4» و«حيتس 3»، و«العصا السحرية»، وثلاثتها نتاج استثمارات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وتعمل هذه المنظومات بواسطة أنظمة رادار من إنتاج «دلتا» الأميركية، لكن قاعدة سلاح الجو في إسرائيل تحتوي أيضا على ممثلية دائمة للجيش الأميركي، وهي المسؤولة عن توصيل إسرائيل بالمنظومات الرادارية الأميركية، في حال حدوث هجمة صاروخية إيرانية.
وتشير هذه التجربة إلى أنه رغم الجو السياسي المتعكّر، بشكل خاص، في العلاقات الشخصية بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن التعاون والقرب في العلاقة على المستويات العسكرية لم تتضرر، ويبدو أنها لم تتأثر من الأمر. وقد أعربت مصادر عسكرية عليا في تل أبيب عن أملها في أن تقنع هذه التجربة نتنياهو بتسريع اتصالاته للتوقيع على اتفاقية المساعدة الجديدة التي تقترحها الولايات المتحدة للسنوات العشر القادمة، بدءا من العام 2018. ويتحدث الاقتراح الأميركي عن توسيع المساعدات الأميركية إلى نحو 3.7 مليار حتى 4 مليارات دولار لكل عام، ومعنى ذلك زيادة بنحو 30 في المائة على مبلغ المساعدات. إلا أن هناك شرطا مرتبطا بالأمر، وهو التزام إسرائيل بعدم التوجه بشكل مباشر إلى الكونغرس بهدف زيادة المساعدات بين فترة وأخرى لأغراض مخصصة، كما فعلت إسرائيل في السابق في حالة تطوير منظومات دفاعية صاروخية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».