العراقيون يلغون الاحتفالات بأول عيد موحد.. واستمرار تبادل الاتهامات بين كبار المسؤولين›

استقالة وزير الداخلية على خلفية تفجيرات الكرادة.. ولجنة الأمن البرلمانية تصفها بـ«الإعلامية»

العراقيون يلغون الاحتفالات بأول عيد موحد.. واستمرار تبادل الاتهامات بين كبار المسؤولين›
TT

العراقيون يلغون الاحتفالات بأول عيد موحد.. واستمرار تبادل الاتهامات بين كبار المسؤولين›

العراقيون يلغون الاحتفالات بأول عيد موحد.. واستمرار تبادل الاتهامات بين كبار المسؤولين›

للمرة الأولى منذ عقود يشهد العراق المنقسم مذهبيا ما يفترض أنه الاحتفال بعيد موحد بين الطائفتين الكبريين «السنة والشيعة»، بعد أن كانت قد جرت العادة أن يكون هناك إعلان عن عيدين في العراق يفصل بينهما يوم واحد. ففيما أعلن المجمع الفقهي العراقي الذي يمثل السنة في العراق اليوم أول أيام عيد الفطر فإن مراجع الشيعة في العراق أعلنوا أيضا، من جانبهم، أن الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.
وكان قد تزامن حلول شهر رمضان في العراق هذا العام مع بدء معارك الفلوجة التي حقق فيها الجيش العراقي انتصارا كبيرا على تنظيم داعش، وهو ما انعكس إيجابيا على مسار الحياة اليومية خصوصا لأهالي العاصمة العراقية بغداد التي كانت تمتد السهرات الرمضانية فيها حتى حلول موعد السحور، بينما تزدحم المطاعم والساحات والمتنزهات والشوارع بالسيارات والمارة، وهو ما يحصل أيضا للمرة الأولى منذ سنوات طويلة. إذ إن تفجيرات الكرادة التي وقعت فجر الأحد الماضي وأوقعت حسب ما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي: «250 قتيلا و223 جريحا غالبيتهم من الأطفال والنساء».
وبدلا من الاحتفال بالعيد مثلما كان مقررا على نطاق جماهيري واسع بالتزامن مع الانتصارات في الفلوجة وتقدم القطعات العسكرية باتجاه الموصل فإن جمعيات ومنظمات مجتمع مدني قررت إقامة وقفات تضامنية صبيحة العيد في موقع التفجير وإيقاد الشموع في وقت أعلن فيه كبار المسؤولين العراقيين بدءا من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الاعتذار عن تقبل التهاني بالعيد.
من جهته، أعلن وزير الداخلية محمد سالم الغبان أنه قدم استقالته إلى رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، وأوضح أنه بانتظار قرار إصلاح الجهاز الأمني أو قبول استقالته. وقال الغبان خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الوزارة أمس، إن «الخروق الأمنية ستتكرر إذا ما بقيت التقاطعات السياسية»، مشيرًا إلى أن «مسؤولية العمليات والجيش خارج المدن وما يتعلق بالأمن الداخلي يكون ضمن مظلة وزارة الداخلية بما في ذلك جهاز الأمن الوطني الذي يجب أن يلحق بوزارة الداخلية»، مؤكدًا أن «هذا القرار لرئيس الوزراء، ولا يحتاج إلى الرجوع لمجلس النواب». وأضاف وزير الداخلية: «كنت أتوقع بعد حادث الكرادة عقد اجتماع لمجلس الأمن، وتفاجأت بإلغاء هذا الاجتماع، وأوصلت هذه الرسالة إلى رئيس الوزراء، ولم يكن هناك أي رد، ولهذا لجأت إلى الإعلام»، مبينًا أنه «أمام الناس سيتحمل مسؤولية أي شيء».
وبين الغبان أن «استقالتي قدمتها إلى رئيس مجلس الوزراء، وسأنتظر القرار أما إصلاح جهاز الأمن وإما قبول استقالتي»، لافتًا إلى أنه «سيخول الوكيل الإداري بدلاً عنه». وبشأن حيثيات ما حصل في الكرادة، قال الغبان إن السيارة المفخخة «قدمت من محافظة ديالى، وإنها كانت واحدة من اثنتين ضبطت إحداهما واعتقل سائقها، لكن لم يتم إعلان ذلك لحساسية المعلومات الاستخبارية»، مؤكدا أن «هناك متابعة مستمرة لكشف المسؤولين عن تفخيخها». وبين الغبان أن «استخبارات الوزارة كشفت خلال الفترة الماضية 30 سيارة مفخخة»، مبينا أن «استخبارات الوزارة أحبطت كثيرا من الغزوات التي حاول تنظيم داعش تنفيذها خلال شهر رمضان، وفككت كثيرا من الخلايا الإرهابية، بفضل شرفاء في الوزارة وجنود مجهولين». وانتقد الغبان ما سماه الخطط البالية التي يتم من خلالها التصدي للإرهاب. وقال إن «الدولة أنفقت أموالاً كبيرة على منظومة الأمن، لكن من دون فائدة، لأن التصدي للإرهاب ليس من خلال خطط بالية ونستغرب عدم مراجعة تلك الخطط». وأوضح الغبان أن «الدولة لم تنجح في تنظيم الأجهزة لتكون منظومة واحدة من قبل خبراء، وأن يكون عمل هذه الأجهزة من خلال التنسيق بعيدا عن التقاطعات والأنانية»، مبينًا أنه «منذ تسلمي للوزارة عكفنا على تشخيص الخلل ووفق هذه الرؤية، ونتابع تنفيذ الرؤية من خلال إصلاح منظومة الأمن، لكن مع الأسف لم يحصل أي استجابة لإصلاح هذا الخلل»، موضحًا أن «وزارة الداخلية تقوم بالأمن، لكن هناك قصورا وخللا في إنجاز هذا الأمن».
من جانبه، عد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، وهو قيادي بارز في التيار الصدري لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستقالة التي تقدم بها وزير الداخلية هي إعلامية وليست حقيقية والهدف منها هو امتصاص الغضب الجماهيري بعد أحداث الكرادة»، مشيرا إلى أن الغبان «ربط الاستقالة بما يمكن تحقيقه من إصلاحات من خلال تحميله الآخرين المسؤولية وعدم تحميله نفسه ولو جزءا منها». وأضاف الزاملي أن «القول بعدم مسؤولية وزارة الداخلية عما يحصل في بغداد بدعوى أنه من مسؤولية قيادة عمليات بغداد أمر غير صحيح، لأننا نرى أن المسؤولية مشتركة، وكل طرف سواء في الداخلية أو قيادة العمليات يتحمل قسطا وافرا من المسؤولية».
وأشار إلى أن «لجنة الأمن والدفاع جمعت التواقيع اللازمة لاستجواب وزير الداخلية، بسبب ضعف أدائه ووجود ملفات فساد كبيرة بالوزارة، وهو ما سوف نكشفه بالوثائق والأدلة، لكي يطلع العراقيون على حجم ما يرتكب ضدهم من مآس»، موضحا أن «التداخل في الصلاحيات لا يعفي أي طرف من تحمل المسؤولية». وانتقد الزاملي قول الوزير إن السيارة جاءت من محافظة ديالى قائلا إن «السؤال هو كيف قطعت هذه السيارة كل هذه المسافة التي تزيد على الـ60 كيلومترا حتى تصل إلى هدفها، ولماذا لم تتصد لها مئات السيطرات، ومع هذا يقولون ببساطة إننا لا نتحمل المسؤولية وإنها من مسؤولية الطرف الفلاني».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».