«درع الفلوجة» المدرَّب أميركيا يتولى أمن المدينة بعد انسحاب القوات الحكومية

دعوات لاستحداث محافظة جديدة غربي الأنبار

قوات الشرطة الاتحادية المنسحبة من الفلوجة لدى وصولها إلى بغداد أمس («الشرق الأوسط»)
قوات الشرطة الاتحادية المنسحبة من الفلوجة لدى وصولها إلى بغداد أمس («الشرق الأوسط»)
TT

«درع الفلوجة» المدرَّب أميركيا يتولى أمن المدينة بعد انسحاب القوات الحكومية

قوات الشرطة الاتحادية المنسحبة من الفلوجة لدى وصولها إلى بغداد أمس («الشرق الأوسط»)
قوات الشرطة الاتحادية المنسحبة من الفلوجة لدى وصولها إلى بغداد أمس («الشرق الأوسط»)

أعلن رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت أمس أن «جميع القوات العسكرية التابعة للجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج الشرطة الاتحادية والقوات التابعة لقيادة العمليات المشتركة، باشرت عمليات الانسحاب من مدينة الفلوجة بعد أن أتمت تحرير المدينة بالكامل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي الذي لم يعد لديه أي وجود لمسلحيه في المدينة، وسيتم تسليم الملف الأمني لقيادة شرطة محافظة الأنبار، ومقاتلي العشائر المنضوين في قوات الحشد العشائري».
وأضاف كرحوت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم تكليف لواء درع الفلوجة وهو لواء خاص تم تشكيله وتدريبه مسبقًا تحت إشراف مدربين أميركيين ليتولى عمليات مسك الأرض بعد تحرير المدينة، بالإضافة إلى القوات الأخرى». وأشار كرحوت إلى أن «مديرية شرطة محافظة الأنبار ستعيد فتح مراكز الشرطة في الفلوجة وتنشر النقاط الأمنية التي ستتولى حفظ الأمن في كل شوارع ومناطق المدينة، بعدما تم بشكل رسمي إعادة افتتاح مقر مديرية شرطة الفلوجة الذي باشر العمل، وسيكون هناك وجود لمقاتلي العشائر في تلك النقاط الأمنية».
إلى ذلك، أعلن قائمقام الفلوجة عيسى ساير العيساوي مباشرة بعض الدوائر الخدمية بفتح مقراتها في مدينة الفلوجة تمهيدًا لعودة الحياة الطبيعية إلى المدينة وتأهيلها قبل إعادة سكانها إلى مدينتهم المحررة، وقال العيساوي إن «بعض الدوائر الخدمية باشرت بالفعل في فتح مقراتها أو اتخاذ مقرات بديلة داخل مدينة الفلوجة استعدادًا للبدء في حملة تأهيل المدينة التي تضررت بفعل وقوعها تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابية وما تعرضت له المدينة من دمار خلال العمليات العسكرية لتحريرها ثم ما أعقب عملية التحرير من انتهاكات شهدتها مناطق كثيرة في المدينة جراء قيام بعض العناصر التابعة لقوات الحشد الشعبي بحرق عدد كبير من الدور والمحال التجارية والمساجد وأماكن أخرى مما تسبب في إحداث أضرار كبيرة ستعيق حتمًا عودة السكان النازحين إلى مناطقهم».
وفي غرب محافظة الأنبار طالب عدد من المسؤولين الحكوميين في المدن الغربية في المحافظة باستحداث محافظة جديدة تشمل المدن المترامية الأطراف في تلك المناطق (باسم المحافظة الغربية). وقال رئيس مجلس قضاء حديثة، خالد الحديثي، إن «كثيرا من المدن والمناطق الغربية التابعة لمحافظة الأنبار واسعة جدًا ومترامية الأطراف وتبعد الواحدة عن الأخرى لمسافات تقدر بأكثر من 50 إلى مائة كلم، فضلاً عن عدد سكانها الكبير ما يؤهلها لأن تكون محافظة جديدة، باسم المحافظة الغربية، وتضم أقضية حديثة والقائم والرطبة وراوة وهيت وعانة ونواحي البغدادي والعبيدي». وأضاف الحديثي: «تحويل المناطق الغربية إلى محافظة جديدة سيضمن حقوق أهالي مدن أعالي الفرات من الموازنة المالية ويمكنهم من إقامة المشاريع وتوفير الخدمات، فضلا عن الاستحقاقات الانتخابية الخاصة بالتمثيل بمجلس النواب مع إدارة كاملة للمشاريع الصناعية للارتقاء بالواقع الاقتصادي والخدمي فيها والعراق بعامة»، مشيرا إلى أن «المطالبة بتحويل المناطق الغربية إلى محافظة من القرارات التي يجب الموافقة عليها من قبل الحكومة المركزية كونها تشكل حقًا لجماهيرها لضمان حصولهم على الخدمات والنهوض بواقعهم على الأصعدة كافة».
من جانبه، قال رئيس المجلس المحلي لناحية البغدادي الشيخ مال الله برزان العبيدي، نحن لا نطالب بتحويل مناطقنا إلى محافظة فقط، ومطالبنا تكمن في استحداث أقضية ونواح جديدة، منها تحول البغدادي إلى قضاء ضمن محافظة الغربية بعد إقرارها رسميًا لما تمتلكه من مساحة وطريق يربط مدن المنطقة ببعضها». وأضاف العبيدي، أن «استحداث المحافظة الغربية يمكن أن ينهي كثيرا من المشاكل التي تواجه الحكومة المحلية الحالية بالأنبار، مع أهالي المدن الغربية، ويؤدي إلى بناء أسس حقيقية للدوائر الخدمية والارتقاء بالواقع الخدمي والاقتصادي والصناعي خدمة للمواطنين بعد معاناة طويلة للمطالبة بالحقوق والموازنة المالية الضعيفة من حكومة المركز».
بدوره، أيد مجلس محافظة الأنبار مطالب أهالي المناطق الغربية بتحويلها إلى محافظة مستقلة، وقال عضو المجلس راجح العيساوي إن «توافر المقومات الخاصة باستحداث محافظة جديدة موجود بالفعل، ولكن قرار تحويل المدن الغربية لمحافظة جديدة يجب أن يكون بعد تطهيرها بالكامل من تنظيم داعش، خصوصا مناطق القائم والمحور الغربي لأقضية هيت وعانة وراوة وتأمين الشريط الحدودي بين العراق وسوريا». وأضاف العيساوي أن «استحداث المحافظة الغربية يضمن حقوق المناطق الغربية من الموازنة المالية والدرجات الوظيفية مع ضمان حقول محافظة الأنبار التي ستضم الرمادي والفلوجة والخالدية والكرمة والنواحي الأخرى التابعة لها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.