النمسا.. الرفاهية فيها لا تقتصر على عاصمتها فقط

سواء في المدن أو وسط الجبال

بحيرات تسورها  الجبال في خضرة منقطعة النظير
بحيرات تسورها الجبال في خضرة منقطعة النظير
TT

النمسا.. الرفاهية فيها لا تقتصر على عاصمتها فقط

بحيرات تسورها  الجبال في خضرة منقطعة النظير
بحيرات تسورها الجبال في خضرة منقطعة النظير

الرفاهية في النمسا لا تقتصر على مكان معين. فبدءًا من عاصمتها فيينا ووصولاً إلى جبال الألب سيحظى المرء بفرصة دخول عوالم أنيقة مفعمة بالفخامة والترف. فالرفاهية في فيينا مثلاً تتجلى في الأجنحة الرئاسية ومقدمي الخدمة الشخصية «الباتلر» في أرقى فنادق الخمس نجوم، كؤوس المشروبات التي صنعها المموّن السابق للبلاط الإمبراطوري، الوجبات الفاخرة في أحد المطاعم المصنفة على مستوى عالمي، والتسوق في البلدة القديمة. ويُعدّ شارع رينغ شتراسه في فيينا موطنًا للكثير من الفنادق الراقية في المدينة، التي تضمّ الفنادق التقليدية مثل «إمبريال»، «ذا بريستول»، «باليه كوبورج ريزيدنس» و«زاخر»، مع الإضافات التي تمت أخيرا مثل «لو ميريديان»، «ذا رينغ»، و«سوفياتيل فيينا ستيفانسدوم»، على الجانب الآخر من قناة الدانوب.
وفي فيينا قد يأخذ الترف شكلاً تقليديًا جدًا، إذ لا تزال معايير الجودة العالية التي حددها الممون السابق للبلاط الإمبراطوري محافظةً على مكانتها في العصر الحديث. وقد مُنحت أفضل الشركات فقط الضمانة الإمبراطورية والملكية، مما جعل منها مموّن البلاط. وتشمل الأمثلة اثنين من محلات الحلويات الأكثر شهرة في المدينة: فندق زاخر ومتجر الحلويات ديميل.
أما الحي الذهبي «غولدن كورتر» فيوفر وعودًا بتوفير تجربة تسوق فاخرة في أجواء تاريخية، حيث يمكن الاطلاع على المخازن الرائدة الراقية ذات تسميات المصممين الدولية هنا: «برادا»، «امبريو أرماني»، «لويس فويتون»، «فالنتينو»، «ميوميو»، و«روبرتو كافالي»، «شانيل» وغيرها الكثير.
وبالنسبة لفنون الطهي الفاخرة فإن أسلوب طبخ فيينا هو النوع الوحيد من الطهي في العالم المسمى وفقًا لمدينة. كما يشير تقديم الطعام من أرقى المستويات أيضًا إلى طريقة الطبخ بأسلوب فيينا، يجدده ويجعله يصل لمرحلة الإتقان من أعلى مستوى. وتُعدّ مطاعم مثل مطعم «والتر باور» و«إدفارد» في فندق «كيمبينسكي» التي تقدم أسلوب طهي من الدرجة الأولى وفقًا لدليل «ميشلان» شاهدًا على هذا.
وتتواصل الفخامة حتى عندما تكون محاطًا بالغابات والبحيرات والجبال، لا سيما عند زيارة بلدة كوفشتاين في ولاية تيرول، حيث تهيمن سلسلة كايزر الجبلية العظيمة الشهيرة. ويمثل الحصن التاريخي نقطة العلام الرئيسية للبلدة. كما تقع شركة الزجاج «ريدل» الشهيرة على مستوى العالم في كوفشتاين أيضًا. وقد ذُكر الحصن لأول مرة في 1205 باسم كاستروم كوفشتاين. ويأخذكم التلفريك البانورامي «كايزر ماكسيميليان» مباشرة من وسط البلدة حتى القلعة. وهناك متحف للتاريخ المحلي، وهو منشأة تفاعلية، يمنحكم لمحة عن تاريخ كوفشتاين. أما آلة الأرغن «هيلدين أورغل»، التي تحتوي على 4307 أنابيب، فهي تعتبر أكبر آلة أرغن في الهواء الطلق على مستوى العالم. كما يُسمع صوت نغماتها يوميًا عند الساعة 12:00 ظهرًا في جميع أنحاء المدينة.
وفي مقاطعة فورارلبرج في الجبال غربيّ النمسا، حيث تقع منطقة ليخ زورس آم ألبيرج على مستوى 1450 مترًا، وصولاً إلى ارتفاع 2.811 مترًا، ستجد أمامك قرية جميلة في الصيف والشتاء محاطة بمنظر طبيعي يثير الحماسة. وعندما تتحول المروج إلى اللون الأخضر وترتدي كساءها الصيفي، يتوافد محبو التنزه مشيًا، عشاق الأوقات القديمة، محبو الموسيقى الكلاسيكية ومحبو الموسيقى التقليدية إلى ليخ زورس آم ألبيرج. كما تمثل قرية والسر في وادي ألبيرج وجهةً مرغوبة لقضاء العطلات الصيفية، حيث ستوفر لهم مجموعة كاملة من الأحداث والفعاليات المختلفة بين يونيو (حزيران) وأكتوبر (تشرين الأول). وعلى الرغم جوها الراقي، فقد حافظ المجتمع على طابع القرية الودي، المناسب للطبيعة التقليدية للمنطقة، بحيث نشعر بأن العالم يبطئ تلقائيًا في ليخ زورس.
ستكتشفون في فصل الشتاء، قرية جبلية أنيقة، مغطاة بغطاء من الثلوج كما في القصص الخيالية. وتُعد ليخ زورس المكان المناسب في النمسا للالتقاء والاستمتاع بفصل الشتاء، بوقوعها في وسط منطقة ألبيرج. ومع 94 مصعدًا و350 كيلومترًا من منحدرات التزلج، سيجد المتزلجون من كل مستوى المتزحلق مكانهم المفضل للتزلج.
وسيجد محبو فصل الشتاء مسارات مشي رائعة للتمتع بالمناظر الطبيعية الشتوية الرومانسية، التنزه سيرًا على الأقدام نحو كوخ رومانسي، حيث يمكنهم تدليل أنفسهم بوجبة نمساوية لطيفة أو تناول الغداء على إحدى الشرفات المشمسة. ويمكنك المتابعة للاستفادة من منطقة السبا في أي الفنادق الكثيرة الفاخرة واختتام يومك بعشاء ممتاز.
وبالطبع، تزخر النمسا بالفنادق الراقية وأماكن الإقامة التي تتميز بخدماتها الشاملة وأجوائها الفخمة والمريحة. ففي فيينا مثلاً يبرز «فندق زاخر فيينا» الذي يسحر ضيوفه بجوه الأنيق وكرم الضيافة. يقع هذا الفندق في قلب المدينة وتتميز غرفه في الطابق العلوي باحتوائها على تراسات مميزة خاصة وإطلالة رائعة. وبالطبع، لا يمكن أن ينفصل الفندق عن كعكة زاخر الأصلية، التي تعتبر أشهر كعكة شوكولاته في العالم منذ 1832.
ومن الفنادق الأخرى في فيينا يبرز أيضًا فندق «شتايغنبيرغر هيرينهوف»، الذي يقع وسط المدينة القديمة بالقرب من قصر هوفبورغ. فهو يضم غرف وأجنحة رائعة وتصميم داخلي فريد ويتميز بإطلالات خلابة كما يقدم مطعم هيرينوف المأكولات المحلية والعالمية والخدمة الراقية المثالية.
وفي مدينة سالزبورغ يبرز فندق «شيراتون سالزبورغ» بموقعه قبالة حدائق ميرابل الشهيرة عالميًا، وعلى مسافة 10 دقائق من البلدة القديمة، ليضمن لزوارها أفضل ضيافة نمساوية. وبالإضافة إلى ما تتميز به غرفه وأجنحته من أجواء مفعمة بالراحة والرفاهية، تكتمل تجربة الضيف الشاملة في فندق شيراتون مع الخدمة الودودة والدقيقة ومأكولات مطعم ميرابل ذات السمعة المعروفة وبار بيانو سالزبورغ.
وفي قرية «ليش» يوجد فندق غاستهوف بوست الذي يسعى دومًا إلى تعزيز مستوى جودة خدماته ليقدم لزواره إقامة لا تُنسى.
وفي ولاية كارينثيا يمكنك أن تعيش تجربة مفعمة بالرفاهية في قصر «فالكنشتاينر شلوسهوتيل فيلدين»، حيث يتميز فندق «شلوسهوتيل فيلدين» الأنيق، الذي يقع بجوار بحيرة «وورثر زي»، بتاريخه الغني وتقاليده العريقة ويحتوي على غرف وأجنحة أميرية ومطبخ مميز للذواقة. وبالفعل، حالما تصبح داخل أسوار «فالكنشتاينر شلوسهوتيل فيلدين»، ستستقبلكم الرفاهية الفاخرة الخالدة والأناقة البسيطة من أرقى درجة، خصوصًا أنه قد تم الاهتمام بأدق التفاصيل عند تجهيز غرفه وأجنحته الفاخرة والحديثة.
كما يعد فندق تيرول «إنترألبن» الواقع على هضبة زيفيلد، ملاذًا يسمح لك بالابتعاد عن كل شيء. كما تعمل غرف الضيوف بمساحتها الواسعة وبإطلالتها على الجبال الرائعة والسبا الفاخر على تعزيز شعور الإحساس بالراحة. ويوفر فندق «تيرول إنترألبن»، العضو في الفنادق الرائدة العالمية، الراحة والرفاهية على أعلى المستويات، حيث يبهج ضيوفه بضيافة جبال الألب الاستثنائية في بيئته الحصرية التي توجد على ارتفاع 1300م، فوق هضبة زيفيلد العالية.
ومع ما تقدمه من مجموعة واسعة من الشقق والشاليهات الفاخرة، تعتبر «ألبين رينتالز» منزلك المثالي وأنت بعيد عن وطنك، لا سيما أنها توجد في مواقع ممتازة مثل «تسيل أم زي»، «كابرون»، «ليوغانغ»، و«سالباخ». فقد تم بناء الشقق الفائقة الحداثة لتكون المكان الأمثل لقضاء شهر العسل والتمتع كذلك بعطلات عائلية مفعمة بالمرح. وبإمكان الضيوف، بناءً على ما يفضلونه، الاختيار بين شقق من فئة 4 و5 نجوم - يمكن أن يستوعب بعضها ما يصل إلى 16 شخصًا. تقع شقق وشاليهات «ألبين رينتالز» في عدد من أفضل الأماكن في منطقة سالزبورغ، متيحة للزوار التعرف على أفضل المواقع السياحية النمساوية مثل بحيرة «تسيل» والنهر الجليدي لجبل «كيتسشتاينهورن».

* أين تقيم؟

* فندق زاخر فيينا
* فندق شتايغنبيرغر هيرينهوف
* فندق شيراتون سالزبورغ
* فندق غاستهوف بوست
* فالكنشتاينر شلوسهوتيل فيلدين
* فندق تيرول إنترألباين
* ألباين رينتالز



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».