تحتدم معركة خلافة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع تكثف الحملات في الصحافة وبرامج الحوار صباح أمس، فيما تبدو وزيرة الداخلية تيريزا ماي الأوفر حظا لتولي هذا المنصب.
وأفادت وسائل الإعلام البريطانية أنه أصبح من المؤكد أن ماي ستحصل على دعم نحو مائة نائب من المحافظين من أصل 330، فيما يبدأ تصويتهم غدا الثلاثاء، لكن أبرز منافسيها مصممون على قطع الطريق أمامها عبر التأكيد أن رئيس الوزراء الذي سيخلف كاميرون الذي استقال بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون من معسكر مؤيدي خروج بريطانيا. غير أن تيريزا ماي ناضلت من أجل بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد.
وقالت وزيرة الطاقة أندريا ليدسام، المرشحة أيضا التي خاضت حملة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «تيريزا مرشحة مميزة، لكن البلاد بحاجة إلى أن يقودها شخص يؤمن فعليا بالفرص التي يطرحها الخروج من الاتحاد الأوروبي». من جهته، كتب وزير العدل مايكل غوف في مقالة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف»، إن «رئيس الوزراء المقبل يجب أن يكون ممن أيدوا رؤية الاستقلال خلال الاستفتاء».
وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «آي سي إم» لصحيفة «صان أون صاندي» أن وزيرة الداخلية تتقدم على سائر المرشحين في صفوف مؤيدي المحافظين؛ إذ اعتبر 43 في المائة من المستطلعين أنها أفضل مرشحة لخلافة ديفيد كاميرون، مقابل 18 في المائة لمايكل غوف و7 في المائة لأندريا ليدسام. واعتبر 59 في المائة من الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم أنه من غير الضروري أن يكون رئيس الوزراء المقبل ممن دافعوا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال حملة الاستفتاء.
من جانبه، اعتبر مارتن بون من معهد «آي سي ام» أن «السباق لخلافة ديفيد كاميرون قد لا يكون بالضرورة مثل ماراثون، وإنما سباق سريع»، مشيرا إلى أن تيريزا ماي تفوقت على كل منافسيها. وقال: «إن الوزيرة تعتبر بغالبية الآراء المرشحة الأكثر كفاءة».
وفيما تعد ندريا ليدسام غير معروفة إلى حد ما، يعاني مايكل غوف سمعة «الخائن» التي تلاحقه، أولا حيال صديقه المقرب ديفيد كاميرون عبر اختياره معسكر خروج بريطانيا من الاتحاد، ثم حيال حليفه بوريس جونسون المؤيد لانسحاب بريطانيا؛ إذ أعلن ترشحيه قبل ساعتين من المؤتمر الصحافي المرتقب لرئيس بلدية لندن السابق للترشح.
وكرر غوف، أمس، لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنه لا يعتقد أن بوريس جونسون قادر على قيادة البلاد، وقال: «لدي شعور بأنه غير مستعد لخوض هذا التحدي».
من جهتها، اعتبرت ماي ردا على سؤال لشبكة «آي تي في» صباح أمس أن البلاد «بحاجة إلى شخص يعرف كيف يبني على أساس إرث ديفيد كاميرون ويتحدث لكل البلاد»، فيما تظاهر السبت عشرات آلاف البريطانيين في وسط لندن تعبيرا عن معارضتهم الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وفي شأن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، كررت ماي أنه في حال تعيينها فإنها لا تعتزم تفعيل المادة 50 في معاهدة لشبونة التي ستعني الانسحاب الرسمي من الاتحاد، قبل نهاية السنة. وقالت: إنه «من المهم أن نتوصل إلى الاتفاق المناسب حول ضبط حرية التنقل، وتجارة البضائع والخدمات أيضا»، علما بأن قسما كبيرا من البريطانيين صوت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي بدافع وقف تدفق المهاجرين الآتين من أوروبا. وتابعت: «لقد وجه لنا فريق مؤيدي خروج بريطانيا رسالة واضحة أنه لا يمكننا الاستمرار بالسماح بحرية التنقل كما كانت في السابق»، لكن القادة الأوروبيين سبق أن أبلغوا لندن بأن السوق الموحدة تترافق مع حرية تنقل المواطنين الأوروبيين.
وبعد أن يختار النواب المحافظون شخصين بشكل نهائي لمنصب رئيس الوزراء في 12 يوليو (تموز) ، يعود إلى نحو 150 ألف عضو في الحزب أن يختاروا رئيس الحكومة المقبل خلال الصيف قبل إعلان مرتقب في 9 سبتمبر (أيلول).
أما على صعيد التداعيات الأوروبية المستمرة لتصويت بريطانيا لصالح الخروج، نبه وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله، أمس، إلى أهمية تصدي الاتحاد الأوروبي بعد صدمة «البريكست» في شكل عاجل للمشكلات الملموسة، وإلا يرسم رؤى كبيرة للمستقبل إذا أراد استعادة ثقة الشعوب الأوروبية.
وصرح شويبله لصحيفة «فيلت أم تسونتاغ» أنه بدلا من مناقشة تغييرات في المعاهدات أو إصلاحات مؤسساتية، ينبغي التقدم سريعا على صعيد أزمة اللاجئين وبطالة الشباب ومشكلات ملموسة أخرى. وقال الوزير (73 عاما) المعروف بدعمه المشروع الأوروبي: «ليس الوقت ملائما للرؤى الكبيرة»، معربا عن صدمته بالقرار البريطاني الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن «الوضع خطير إلى درجة ينبغي الكف عن ممارسة الألعاب التقليدية لأوروبا وبروكسل. الاتحاد الأوروبي يواجه اختبارا حاسما قد يكون الأهم في تاريخه». وتابع: «في المبدأ، أؤيد مزيدا من التكامل في أوروبا. لكن الوقت ليس ملائما. في مواجهة تنامي انتشار الديماغوجية والتشكيك في أوروبا، لا يمكن لأوروبا بكل بساطة أن تستمر كما كانت».
وفي وقت تدعو أصوات في بلدان أوروبية أخرى إلى الخروج من الاتحاد، شدد شويبله على وجوب أن «يتجنب (الاتحاد) الانفجار، وإلا يستمر في خطابه التقليدي». وتأتي هذه التصريحات بعدما دعا بعض القادة الأوروبيين إلى مزيد من التكامل ردا على تصويت البريطانيين.
كذلك، أكد شويبله وجوب أن يحصل الاتحاد الأوروبي «سريعا وفي شكل براغماتي» على نتائج لمشكلات تبدأ بالسياسة المشتركة على صعيد الطاقة وتنتهي بتدريب الشباب على الوظيفة، مرورا بتنظيم شراء السلاح.
وقال: «إن هناك أمورا كثيرة يجب القيام بها، إن زمن الخطابات السياسية عن أوروبا ولى، ويجب التحرك وليس الاكتفاء بالعبارات الكبيرة والإثبات للمواطنين الأوروبيين أن ثمة تغييرا في أوروبا». ومن المنتظر أن يعقد قادة فرنسا وإيطاليا وألمانيا اليوم في باريس قمة مع دول غرب البلقان تتمحور حول الهجرة، وقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، أمس، إن اللقاء يهدف خصوصا إلى «تنظيم التعاون» بين دول البلقان المعنية وهي مقدونيا والبوسنة وكوسوفو وصربيا وألبانيا ومونتينغرو، وشركائها في الاتحاد الأوروبي سلوفينيا وكرواتيا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وفرنسا.
وتنضم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى القادة، وسيتم خلالها بحث مسألة «طريق البلقان» التي سلكها عدد كبير من المهاجرين السوريين أو العراقيين، ومكافحة الإرهاب. وقال المصدر إن المنطقة تشكل «معبرا للمقاتلين الأجانب» المتجهين إلى سوريا والعراق. وخلال القمة، سيتم تخصيص 400 مليون يورو، بينها 140 مليونا من الأموال الأوروبية لمشاريع التعاون الإقليمي فيما يتعلق بالعبور وشبكات الكهرباء والشباب.
قمة باريس هي الثالثة في إطار «عملية برلين» التي انطلقت في 2014 لتشجيع الإصلاحات والتنمية في دول البلقان الست التي اجتازت مراحل مختلفة في عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال المصدر إنه إذا كانت القمة تتعلق بالتعاون، فإنها لن تبحث مسألة توسيع الاتحاد بشكل مباشر، وهي مسألة تتعلق بأهداف «بعيدة الأمد».
معركة خلافة كاميرون تحتدم.. والتصويت على المرشحين الرئيسيين يبدأ غدًا
100 نائب محافظ أعلنوا دعمهم لماي.. ومنافسوها يتحدون لإقصائها
معركة خلافة كاميرون تحتدم.. والتصويت على المرشحين الرئيسيين يبدأ غدًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة