بعد ساعات على بث الإعلام الرسمي تصريحات رئيس النظام السوري بشار الأسد لقناة «إس بي إس» الأسترالية عن «مساعٍ أوروبية وغربية عمومًا لفتح قنوات اتصال وتعاون أمني سري مع دمشق»، نقلت صحيفة «الوطن» السورية الموالية للنظام عن مصدر دبلوماسي غربي في بيروت رفض الكشف عن هويته، أن وفدًا أمنيًا سوريًا رفيع المستوى قام بزيارة روما الأسبوع الماضي، والتقى بكبار المسؤولين الأمنيين الإيطاليين. وبحسب «الوطن» ترأس الوفد مدير إدارة المخابرات العامة اللواء ديب زيتون يرافقه عدد من الضباط، واستمرت زيارته يومين، والتقى في روما بنظيره وعدد من المسؤولين الأمنيين. وقال المصدر إن «طائرة خاصة حكومية إيطالية أقلت الوفد السوري من وإلى مطار بيروت».
ولفتت «الوطن» إلى أنها لم تتمكن من تأكيد أو نفي الخبر من أي مصدر سوري رسمي، فيما تناقلت باهتمام وسائل إعلام حليفة للنظام في لبنان النبأ عن صحيفة «الوطن» كقناة «المنار» التابعة لما يسمى حزب الله.
وتعد هذه أول زيارة لمسؤول أمني سوري رفيع إلى عاصمة أوروبية، علمًا بأن مصادر سورية إعلامية تابعة للنظام سبق وتحدثت عن عدة وفود أمنية أوروبية زارت دمشق، منها وفود ألمانية وبلجيكية وإسبانية وحتى فرنسية.
وانتقد بشار الأسد في لقائه الأخير مع قناة «إس بي إس» السياسة الأوروبية حيال نظامه، ووصفها بالمعايير المزدوجة، وقال: «إنهم يهاجموننا سياسيًا ومن ثم يرسلون لنا مسؤوليهم للتعامل معنا من تحت الطاولة، خصوصًا مسؤوليهم الأمنيين بما في ذلك حكومتكم، فجميعهم يفعل هذا وهم لا يريدون إزعاج الولايات المتحدة، ومعظم المسؤولين الغربيين يكررون فقط ما تريد الولايات المتحدة منهم قوله».
ولم تؤكد أي من الدول الغربية ما كشفه الأسد عن وجود مساعٍ من هذا النوع، كما لم يتبين مدى صحة زيارة اللواء ديب زيتون إلى إيطاليا الأسبوع الماضي، علمًا بأن اسمه مدرج على قائمة العقوبات الأوروبية التي تتضمن 13 مسؤولاً في نظام الأسد، بسبب مشاركتهم في قمع المظاهرات السلمية ضد حكم بشار الأسد. والعقوبات التي تبناها الاتحاد الأوروبي رسميًا بتاريخ 10 مايو (أيار) 2011، تنص على تجميد أصول الواردة أسماؤهم في اللائحة، ومنعهم من دخول دول الاتحاد الأوروبي. ويترأس القائمة ماهر الأسد، ثم مدير المخابرات العامة علي مملوك ووزير الداخلية الجديد إبراهيم الشعار، وقد شملتهما العقوبات أيضًا بسبب «ضلوعهما» في التحرك ضد المحتجين، بالإضافة إلى رئيس شعبة الأمن السياسي اللواء محمد ديب زيتون، ورئيس شعبة الأمن العسكري عبد الفتاح قدسية، ومدير إدارة المخابرات الجوية جميل حسن، والعميد حافظ مخلوف الضابط في إدارة مخابرات أمن الدولة، وكذلك شقيقه رامي مخلوف.
وتم تعيين محمد ديب زيتون رئيسًا لجهاز المخابرات العامة بدلاً من علي مملوك الذي ترأس مكتب الأمن القومي في 2012، بعد تعرض خلية الأزمة التي شكلها النظام عام 2011 للتعامل مع الثورة السورية عام 2011، لهجوم في مبنى الأمن القومي السوري ومقتل وزير الدفاع داود راجحة ونائبه آصف شوكت (صهر بشار الأسد) ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني وإصابة وزير الداخلية محمد الشعار.
واللواء محمد ديب زيتون المنحدر من بلدة الجبة في القلمون بريف دمشق، يعد من كبار ضباط أجهزة الأمن في سوريا الذين مارسوا قمعًا وحشيًا ضد معارضي النظام، وبرز اسمه كأحد رموز الإجرام في سوريا، وأوردت منظمة «هيومان رايتس ووتش» اسم ديب زيتون بين 74 مسؤولاً أمنيًا قاموا بارتكاب انتهاكات ضد الإنسانية خلال قمعهم المظاهرات السلمية، في تقرير مفصل أصدرته بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) 2011، واعتمدت في تقريرها على شهادة أكثر من 60 عنصرًا منشقًا عن الأجهزة الأمنية.
من جانب آخر برز اسم اللواء محمد ديب زيتون، في عمليات التفاوض بين النظام وفصائل المعارضة المسلحة التي جرت في حمص، أولها كانت لدى محاصرة حي بابا عمرو مطلع عام 2012، قبل اجتياحه بشكل كامل من قبل قوات الأسد، ومن ثم التسوية في حمص القديمة، وخروج المعارضة المسلحة منها، وأخيرًا المفاوضات الحالية لفك الحصار عن حي الوعر التي تم تعليقها بعد رفض محمد ديب زيتون الإفراج عن المعتقلين المعارضين. مع الإشارة إلى أن اللواء زيتون ومنذ بداية الثورة نصب حاجزًا قرب منزله في حي برزة الذي يعتبر من أكبر الحواجز في مدينة دمشق وأخطرها، وصار يعرف بحاجز ديب زيتون، ولا يمر أسبوع إلا ويتم اعتقال عدد من المواطنين على الحاجز.
ويأتي نبأ زيارة زيتون إلى روما لتأكيد ما كشفه الأسد عن وجود تواصل أمني غربي مع نظامه، وهو ما سعى إليه الأسد من خلال دعواته المتواصلة للغرب بالتعاون معه للقضاء على الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش، وليكون بذلك تنظيم داعش طوق النجاة للنظام. واعتبر معارض سوري مقيم في دمشق أن زيارة زيتون إلى روما أمر «عادي» في العلاقات بين الدول، وقال: «عادة، ومهما بلغت حدة التوتر السياسي يظل التعاون الأمني قائمًا بدرجات متفاوتة حسب معطيات ما يجري على الأرض». وأضاف: «من الجانب السياسي، من الواضح أن هناك معادلة إقليمية جديدة بدأت تظهر ملامحها عبر التغييرات الحالية على العلاقات بين تركيا - إسرائيل - روسيا، ومن المحتمل أن تكون هذه الزيارة (التقنية بالمعنى الحرفي للكلمة)، جس نبض أو كشف منافذ نجاة للنظام في التغييرات السياسية الحالية، مع الإشارة إلى أن إسبانيا هي من كانت تقوم بهذا الدور في مراحل سابقة».
يذكر أن أول اختراق سياسي باتجاه الحصار المفروض على سوريا، قاده نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، عبر زيارة قام بها إلى براغ عاصمة التشيك في 18 أبريل (نيسان) الماضي. وقالت الخارجية التشيكية في حينها إن «زيارة المقداد تأتي استكمالاً للمشاورات التي كان أطلقها نائب وزير الخارجية التشيكي مارتين تلابا في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي في دمشق»، ولاحقًا وصلت إلى مطار دمشق الدولي طائرتان تشيكيتان تحملان المساعدات الإنسانية.
وفد أمني سوري يرأسه مسؤول على قائمة العقوبات الأوروبية.. يزور روما
يعد من كبار ضباط الأمن الذين مارسوا قمعًا وحشيًا ضد معارضي النظام
وفد أمني سوري يرأسه مسؤول على قائمة العقوبات الأوروبية.. يزور روما
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة