نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة ميتشغان الأميركية.. التفوق البحثي والعلمي

نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة ميتشغان الأميركية.. التفوق البحثي والعلمي
TT

نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة ميتشغان الأميركية.. التفوق البحثي والعلمي

نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة ميتشغان الأميركية.. التفوق البحثي والعلمي

هناك كثير من المزايا التي صنعت السمعة العالمية لجامعة ميتشغان في الولايات المتحدة والعالم. فهذه الجامعة العريقة التي أسست في إحدى أهم الولايات الصناعية الأميركية، تفوقت في مجالات علمية كثيرة، من الآداب إلى العلوم، ومن الطب والحقوق إلى الهندسة والعمارة والفنون وإدارة الأعمال. وهي - باختصار شديد - في كل مجال خاضته تبوأت مكانة مرموقة، ويقدر عدد خريجيها الأحياء اليوم بنحو نصف مليون خريج وخريجة، بينهم قادة عالميون كبار ومشاهير من العلماء والفنانين والأدباء.
جامعة ميتشغان، التي يقوم حرمها الأساسي، الأقدم والأشهر في مدينة آن آربر، إلى الغرب من مدينة ديترويت كبرى مدن ميتشغان، أسست عام 1817، أي قبل أن تصبح الولاية الكبرى الواقعة في شمال الولايات المتحدة «ولاية» بعشرين سنة. وتمكّنت الجامعة منذ تأسيسها بتأكيد مكانتها في طليعة الجامعات الحكومية الأميركية، تنافسها جامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة فيرجينيا وجامعة نورث كارولينا وجامعة ويسكونسن وجامعة إيلينوي، ولاحقا، جامعة واشنطن - سياتل وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس وجامعة تكساس في أوستن. وبفضل النمو السريع في عدد الطلبة والإمكانات المادية التي سهّلت التوسع أسّست جامعة ميتشغان فرعين لها في مدينتي ديترويت وفلينت، غير أن المكانة والسمعة والطاقات البحثية ظلت للجامعة الأم في آن آربر، وهي عضو مؤسس لـ«رابطة الجامعات الأميركية» الطويلة الباع في مجال الأبحاث العلمية.
في الحقيقة كان المقر الأساسي للجامعة عند تأسيسها في ديترويت نفسها، لكنها نقلت عام 1837 إلى آن آربر، واحتلت رقعة من الأرض هناك بلغت مساحتها أربعين فدانا، تشكل اليوم جزءا من «المجمّع الأوسط»، وهو أحد ثلاثة مجمّعات («أوسط» و«شمالي» و«جنوبي»)، في المدينة تبلغ مساحتها الإجمالية 712 فدانا (2.38 كلم2) يقوم فوقها ما لا يقل عن 584 مبنى تعليميا ومرفقيا وخدميا، يضاف إليها المركز الطبي الضخم والمجمّع الرياضي الذي يضم أكبر استاد رياضي جامعي في الولايات المتحدة، إذ يتسع لأكثر من مائة ألف متفرج. أضف إلى ذلك أن مجموع أراضي الجامعة خارج «المجمعات» الثلاثة يقارب الثلاثين ألف فدان.
عام 1870 باتت الجامعة مفتوحة للجنسين، واليوم يتجاوز حجم الوقفية المالية لجامعة ميتشغان - آن آربر تسعة مليارات دولار أميركي، مما يجعلها إحدى أغنى الجامعات الحكومية في أميركا والعالم. ويبلغ عدد طلابها قرابة 44 ألف طالب وطالبة، ثلثهم يتابعون الدراسات المتقدمة العليا (الماجستير والدكتوراه). أما عدد أفراد الهيئة التدريسية فيقارب 6 آلاف و700 أستاذ ومدرس.
الكليات التخصصية التي تضمها الجامعة حاليا، وفق تاريخ تأسيسها: الآداب والعلوم والفنون، والطب، والهندسة، والحقوق، وطب الأسنان، والصيدلة، والموسيقى والمسرح والرقص، والتمريض، والعمارة والتخطيط المدني، والدراسات المتقدمة العليا، والسياسة العامة، والتربية والتعليم، وإدارة الأعمال، والموارد الطبيعية والبيئة، والصحة العامة، والعمل الاجتماعي، والعلوم المعلوماتية، والفن التشكيلي والتصميم، والعلوم الحركية.
أما بالنسبة لمكانة الجامعة وتقييمها الأكاديمي فيضعها «التقييم الأكاديمي لجامعات العالم» في أحدث نسخه في المرتبة الـ18، وتقييم «فوربس» في المرتبة الـ30، وتقييم «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت» في المرتبة الـ28، وتقييم «واشنطن منثلي» في المرتبة الـ12 على مستوى أميركا.
وبين جامعات العالم يضعها «التقييم الأكاديمي لجامعات العالم» في المرتبة الـ23، وفي تقييم «كيو إس» في المرتبة الـ22. وفي تقييم «التايمز لجامعات العالم» في المرتبة الـ18.
اللونان الرسميان والرياضيان للجامعة هما الأصفر الفاتح والأزرق الكحلي الداكن، واللقب الرياضي للجامعة وفرقها الرياضة «الولفرينز» («الولفرين» هو الحيوان اللاحم الشرس المعروف بالعربية بـ«النهم») وتلعب فرق الجامعة مبارياتها الرياضية الجامعية ضمن «مجموعة العشر الكبار» Big Ten التي تضم حاليا 14 جامعة، وسيتوسع ليضم جامعتين أخريين قريبا هما جامعة رتغرز وجامعة ماريلاند، ليتكون من 16.
وأخيرا بين مشاهير خريجي الجامعة وقدامى طلبتها: الرئيس الأميركي السابق جيرالد فورد، ومن أهل السياسة الآخرين ريتشارد «ديك» غيبهاردت (القيادي البارز في الكونغرس والمرشح الرئاسي)، والوزراء جوليوس مورتون وراي تشابين (أحد مؤسسي ورئيس شركة «هدسون» لصناعة السيارات) وجورد دي رو ميكلجون، وويليام روفوس داي، وإدوين دنبي، وآرثر هايد، وروبرت لامونت، وجيمس وليم غود، وجورج همفري، ودان غليكمان، والسيناتور القديم البارز آرثر فاندنبورغ، وعدد كبير من المشرعين وحكام الولايات والسفراء. وثمانية من حاملي جوائز نوبل، وتسعة من أشهر رواد الفضاء الأميركيين منهم جيمس مكديفيت، وديفيد سكوت، وجاك لوسما، وإدوارد وايت، وجيمس إيروين، وألفريد واردن. والمخترع الأميركي اللبناني الأصل توني فاضل، ومن الأدباء الروائي الشهير آرثر ميلر (أحد أزواج مارلين مونرو).
ومن نجوم الفن (تمثيلا وإخراجا وإنتاجا وإعدادا) مادونا، وجيمس إيرل جونز، ولورنس كاسدان، وكريستين لاهتي، ودان غليكمان، وجورج فينكل، ومايكل دن، وسيلما بلير، وروث هاسي، وغيلدا رادنر، وجين بيترز، وتيد رايمي، ومارثا سكوت.
ومن ساسة العالم: رئيس الوزراء المصري الأسبق كمال الجنزوري، ورئيس وزراء إيطاليا لامبرتو ديني، والشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى في دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم الخيمة، ونائب رئيس وزراء بلغاريا سيميون ديانوف، ونائب رئيس وزراء تايلاند أمينواي فيرافان، ومن الوزراء الأردنيين مروان القاسم (رئيس الديوان الملكي)، وخالد طوقان، والسياسي البريطاني تيري ديفيس الأمين العام لـ«مجلس أوروبا».



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.