إسرائيل تحاصر الخليل.. ردًا على قتل مستوطن

غارات إسرائيلية تستهدف مواقع لحركتي حماس والجهاد في غزة

إسرائيل تحاصر الخليل.. ردًا على قتل مستوطن
TT

إسرائيل تحاصر الخليل.. ردًا على قتل مستوطن

إسرائيل تحاصر الخليل.. ردًا على قتل مستوطن

اتخذت إسرائيل خطوات عقابية ضد الفلسطينيين على المستويين الرسمي والشعبي، وذلك بعد عملية قتل مستوطن على طريق سريع قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالخصم من أموال الضرائب الفلسطينية بحجة أنها تحولها إلى عائلات منفذي العمليات، أو عائلات «الشهداء»، في وقت فرض فيه الجيش الإسرائيلي حصارًا كاملاً ومطبقًا على محافظة الخليل كبرى المحافظات الفلسطينية، التي يسكنها أكثر من 600 ألف فلسطيني.
وقال مكتب نتنياهو إن المبلغ المستقطع من بين نحو 130 مليون دولار يتم إرسالها للسلطة الفلسطينية شهريًا، سيعادل ما تدفعه للنشطاء القابعين في السجون الإسرائيلية ولعائلات النشطاء المسجونين أو القتلى، مضيفًا في بيان أن «التحريض ودفع أموال للإرهابيين ولأقاربهم يشكل حافزًا للقتل».
ولم يحدد مكتب نتنياهو رقمًا بعينه، لكن الحديث يدور حول 10 ملايين دولار للأسرى، ومثلها لعائلات منفذي العمليات.
علما بأن السلطة تدفع رواتب شهرية «للمناضلين» من أجل تكريمهم ودعمهم.
وطالما احتجت إسرائيل على الأمر، لكن هذه هي المرة الأولى التي تقرر فيها اقتطاع عائدات مالية، بما يعادل ما تدفعه السلطة لعوائل الأسرى والشهداء. وبموجب اتفاقات السلام المؤقتة التي وقعت في تسعينات القرن العشرين تتولى إسرائيل تحصيل الضرائب، نيابة عن السلطة الفلسطينية التي تمارس حكمًا ذاتيًا محدودًا. فيما يقول مسؤولون إسرائيليون وفلسطينيون إن الحصيلة الشهرية تتراوح حاليًا ما بين 130 و155 مليون دولار.
وندد الفلسطينيون بهذه الإجراءات، واعتبروها عقابًا جماعيًا إضافة إلى حصار الخليل، حيث أدان يوسف المحمود، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، الحصار الذي تفرضه القوات الإسرائيلية على محافظة الخليل، وحملة الملاحقة والاعتقال والمداهمة ضد أبناء الشعب الفلسطيني وبيوتهم، مؤكدًا أن ما تقوم به القوات الإسرائيلية هو فرض عقوبات جماعية ضد المواطنين العزل.
وقال المتحدث الرسمي «إن هذا الحصار الجائر والظالم وما يرافقه من خطوات احتلالية يطال مئات الآلاف من أبناء شعبنا، ويضيق عليهم سبل حياتهم، خاصة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك التي تفصلنا عن حلول عيد الفطر السعيد»، داعيًا مؤسسات المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية العالمية التدخل العاجل لإرغام الاحتلال على فك الحصار عن محافظة الخليل، وإنهاء العقاب الجماعي الذي يصنف جريمة حرب، حسب قوله.
في غضون ذلك، أرسلت القوات الإسرائيلية أمس كتيبتين إضافيتين إلى جنوب الضفة، وأغلقت جميع مداخل محافظة الخليل، بما يشمل المدن والقرى ردًا على عملية قتل المستوطن.
وكان مهاجمون فلسطينيون أطلقوا النار على سيارة مستوطنين قرب الخليل فقتلوا السائق فورا. واعتقلت إسرائيل أمس عشرات الفلسطينيين في إطار التحقيقات. فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن من بين المعتقلين شخصين يشتبه بهما بتنفيذ العملية.
وقال الوزير نفتالي بينت، زعيم حزب «البيت اليهودي»، إنه سيقدم خطة أمنية تشمل وقف «الفيسبوك» و«تويتر» في الضفة الغربية، واعتقال كل نشطاء حماس ومنع تحويل الأموال للسلطة، وإعادة اعتقال جميع الأسرى المفرج عنهم، ووقف حركة المرور الفلسطينية على طريق 60، حيث قتل المستوطن، وبناء أحياء جديدة في المستوطنات، وفرض رقابة عسكرية من الجيش الإسرائيلي على مناطق السلطة.
وفي غزة شن الطيران الإسرائيلي أمس سلسلة غارات جوية عدة، استهدفت مواقع تابعة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وورشة للحدادة من دون وقوع إصابات، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وشهود، ردا على إطلاق قذيفة من غزة تجاه سديروت سقطت على روضة أطفال.
وقال مصدر أمني إن «طائرات تابعة للاحتلال من طراز «إف 16» وطائرات استطلاع قصفت في ساعات الفجر بصواريخ عدة ورشة للحدادة، ومواقع مختلفة أخرى تابعة للمقاومة، ما أسفر عن وقوع أضرار كبيرة، ولكن لا توجد إصابات».
وأوضح المصدر نفسه أن «طائرات الاحتلال استهدفت بصاروخين موقع بدر العسكري التابع لكتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة حماس، في غرب غزة ما أحدث أضرارا.
وأشار أيضا إلى شن غارتين أخريين، استهدفت «الأولى بصاروخ واحد من طائرة استطلاع إسرائيلية موقع عسقلان العسكري للقسام، والثانية موقع حطين العسكري التابع لسرايا القدس (الجناح العسكري للجهاد الإسلامي) في بلدة بيت لاهيا» في شمال القطاع.
وكانت هذه المواقع العسكرية وورشة الحدادة تعرضت في مناسبات عدة لقصف جوي إسرائيلي، ردًا على عمليات إطلاق صواريخ من قطاع غزة على إسرائيل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.