شكسبير الذي يعاصرنا

شكسبير الذي يعاصرنا
TT

شكسبير الذي يعاصرنا

شكسبير الذي يعاصرنا

وليم شكسبير، التي تحتفل البشرية هذه الأيام بمرور 400 سنة على رحيله، لا يزال حاضرًا بقوة في حياتنا المعاصرة، فما أن تعيش حدثًا تراجيديًا، أو آخر مضحكًا، وما أكثر الاثنين، اللذين يتداخلان غالبًا، حتى تتذكر شخصية من شخصياته، كأنه استطاع أن يقرأنا منذ ذلك الزمن السحيق، وأن يكشف جوهر طبيعتنا البشرية بأبعادها المتعددة، وخصوصًا في صراعها مع ذاتها والآخرين والوجود، وبشكل أخص ضعفها أمام السلطة. أم أن الطبيعة البشرية لا تزال كما هي منذ عصر شكسبير؟
ما إن طعن وزير العدل البريطاني مايكل غوف ظهر بوريس جونسون، صديقه وحليفه الحالم منذ سنين برئاسة الوزارة البريطانية - وهما اللذان كتبا وأخرجا معًا وبنجاح كبير تراجيديا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأدخلاها في هوة عميقة لا تعرف كيف تخرج منها، وربما لن تخرج أبدًا - حتى تذكرنا شكسبير في مسرحيته «يوليوس قيصر»، وصرخة قيصر الشهيرة وهو يتهاوى تحت سيف صديقه ومعاونه، وأقرب الناس إلى قلبه: «حتى أنت يا بروتس؟ إذن ليمت قيصر». كان قيصر على حق. الموت أفضل. فماذا يبقى بعد خيانة أقرب الناس إليك؟ ولكنها السلطة يا عزيزي. لقد أطلق هذان المخلوقان، ومعهما ذلك المخلوق البائس نايجل فراج، بخطابهم المضلل، المليء بالأكاذيب، كل وحوش العنصرية والتطرف والانعزال التي كانت نائمة، ليس في الجزيرة البريطانية وحدها، بل في كل الغابات الأوروبية. مخلوقات بائسة غيرت بريطانيا، وقد تغير أوروبا كلها، وربما العالم معها. ولكن لم تمض ساعات قليلة حتى بدأ الصراع الخالد على السلطة.
يقول غوف، وهو يقف على جثة جونسون - الذي يذكرنا بالمناسبة بشخصية البهلول في مسرحية شكسبير «الملك لير» - معلنًا ترشيحه لرئاسة وزراء بريطانيا العظمى في اللحظات الأخيرة على حساب صديقه: «أستطيع أن أوقع بدمي أني لا أريد أن أكون رئيس وزراء بريطانيا، ولكن الحزب وبريطانيا بحاجة لمن يوحدهما، وبوريس جونسون غير مؤهل لذلك».
فنتذكر قول بروتس وهو يقف على جسد قيصر المطعون: «لقد قتلت قيصر ليس لقلَة حبي له، بل لأني أحب روما أكثر».
هل شكسبير معاصرنا، كما يعنون البولندي يان كوت كتابه الشهير عنه؟ أم نحن معاصرون لشكسبير؟ ألم تتغير الطبيعة البشرية منذ 400 عام؟ كل هذه الإنجازات الحضارية الهائلة، ألم ترفعنا قليلاً عن أنفسنا البدائية، التي سرعان ما تكشف عن طبيعتها المتوحشة في ظرف ما؟ ألم تُصقل دواخلنا بعد كل هذه القرون، فترتفع إلى ما يليق بطبيعتنا الإنسانية الحقة؟ كأن التاريخ يدور على نفسه ولا يسير، لا في طريق منحنٍ ولا مستقيم.
لا تزال شخصيات شكسبير، وقلما هناك شخصيات سوية في مسرحه كما في واقعه وواقعنا، تحكمنا، شرقًا وغربًا. شخصيات، كطبيعتنا البشرية، يتصارع فيها الخير والشر، وينتصر الشر غالبًا، والعاطفة والعقل، وتتقدم العاطفة دائمًا، وعالم حكمه القتل والدم، المؤامرات والمكائد، والطعن والخيانة، والخديعة والنفاق، النوازع والغرائز، التي تؤكد دائمًا أنها موجودة بقوة، في صراع مميت على السلطة بمختلف أشكالها. وإذا استخدمنا مصطلحات حديثة، فقلما نعثر على «بطل إيجابي» في مسرحيات شكسبير. ومن أين كان بإمكانه أن يأتي بهذا البطل الإيجابي في عصره المضطرب آنذاك، الذي كان يسمى عصر النهضة الإنجليزية؟ هل انتهى عصره حقًا؟ ألسنا نعيد إنتاجه بعد أربعة قرون من التطور البشري، بتراجيدياته ومهازله؟



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.