انتهت القمة الأوروبية.. ولكن الجدل مستمر حول خروج بريطانيا

هدوء في ردود الفعل الأوروبية.. ومراقبون يصفونه بـ«الانفصال» لا «الطلاق»

نيكولا ستيرجن مع يونكر في بروكسل (أ.ب.أ)
نيكولا ستيرجن مع يونكر في بروكسل (أ.ب.أ)
TT

انتهت القمة الأوروبية.. ولكن الجدل مستمر حول خروج بريطانيا

نيكولا ستيرجن مع يونكر في بروكسل (أ.ب.أ)
نيكولا ستيرجن مع يونكر في بروكسل (أ.ب.أ)

تبدأ، اليوم (الجمعة)، رسميا فترة تولي سلوفاكيا رئاسة الاتحاد الأوروبي. وقد انعقد في براتيسلافا، أمس، الاجتماع التقليدي بين المفوضية الأوروبية والحكومة السلوفاكية حول برنامج عمل الرئاسة الجديدة التي تستمر حتى نهاية العام، وكانت هولندا قد تولت الرئاسة منذ مطلع العام الحالي.
ويشكل ملف تداعيات الاستفتاء البريطاني أحد أبرز الملفات والتحديات أمام الرئاسة الجديدة للاتحاد الأوروبي. ويأتي ذلك بعد ساعات من انتهاء القمة الأوروبية التي استضافتها بروكسل حول خروج بريطانيا، ولكن تصريحات القادة والبيان الختامي للقمة لم تتضمن إجابة واضحة حول الأسئلة والجدل المستمر منذ ظهور النتائج، ولعل أبرزها: هل بريطانيا لا تزال عضوا في التكتل الأوروبي الموحد أم أنها أصبحت قانونيا خارج السرب؟
وبالأمس، وخلال المؤتمر الصحافي في مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل، تركزت الأسئلة حول استقالة المفوض البريطاني جوناثان هيل المكلف بالشؤون المالية، وهل سيكون هناك بديل بريطاني له أم أن الأمر انتهى عند هذا الحد؟ وكذلك أسئلة حول وضعية اسكوتلندا التي صوتت لصالح البقاء.
وقال مارغريتس شيناس، كبير المتحدثين في المفوضية، إن رئيس المفوضية جان كلود يونكر كان واضحا في تعامله مع هذا الأمر. ورد من خلال بيان أكد فيه على استعداده للنظر في تعيين مفوض بريطاني جديد، مشيرًا إلى أن المفوض الأوروبي للعملة الموحدة فالديس دومبروفسكيكس سيتولى في الوقت الحاضر مهام هيل.
وحذر المستشار الألماني الأسبق هلموت كول الاتحاد الأوروبي من اتخاذ رد فعل سياسي متعجل على قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، داعيا في تصريح لصحيفة بيلد الألمانية، الصادرة أمس (الخميس)، للوصول لطريق متعقل في التعامل مع الاستفتاء البريطاني.
أما فيما يتعلق بوضع اسكوتلندا، فقد أشار المتحدث إلى أن يونكر استمع إلى رئيسة وزراء اسكوتلندا نيكولا سترجين، وأكد لها أنه يحترم الديمقراطية في اسكوتلندا، وأيضًا اختيار الشعب الاسكوتلندي، مضيفا: «ولكن يبقى الأمر يتعلق باستفتاء في بريطانيا المتحدة، وبناء على هذا يتم التعامل مع هذا الملف».
وكان رئيس المفوضية جان كلود يونكر قد قال في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة، في تعليق على هذا الأمر، إنه يظل ملفا يتعلق بالشأن الداخلي البريطاني، ولن يخوض فيه، موضحا: «لقد طلبت رسميا من أعضاء المفوضية وكبار الموظفين عدم التفاوض أو النقاش حول أي معلومات مع البريطانيين لأن موقفنا واضح: لا تفاوض من دون طلب رسمي من لندن للخروج من الاتحاد، كما أن الأسواق لن تظل مفتوحة، ومن يريد العودة إلى الأسواق الأوروبية لا بد من أن يلتزم بالضوابط والإجراءات المطلوبة».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، انقسمت الآراء بين المراقبين في داخل مؤسسات الاتحاد، فقال الإسباني إنريكي سيرفتو: «أعتقد أن كاميرون نظم الاستفتاء ولم يكن لديه خطة احتياطية لمواجهة الوضع في حال التصويت لصالح الخروج، لقد تصرف بشكل خاطئ، مما تسبب في الوضع الصعب الذي نراه الآن، وجعل البعض يتساءل الآن، هل بريطانيا داخل أو خارج الاتحاد؟ ووفقا للمعاهدات، فهي ما تزال عضوا ولها كل الحقوق، ولكن وفقا لنتائج الاستفتاء فهي ليست عضوا، ويجب احترام اختيار البريطانيين.
«إذا هي حالة انفصال، وليس طلاقا»، كما يقول البلجيكي اندريا بلاتو. وتطرقت القمة إلى آليات تفعيل هذا الخروج في أسرع الآجال من أجل تفادي مرحلة عدم اليقين، كما أشار رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك إلى أن بريطانيا لن تفتح لها أسواق الاتحاد دون أن تلتزم بمعاهدات حرية الحركة، التي تتضمن الخدمات والأشخاص.
وقال تاسك في المؤتمر الصحافي الختامي: «يجب أن يكون الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي بشكل منظم، ولن تكون هناك مفاوضات من أي نوع حتى تخبرنا المملكة المتحدة رسميا بنيتها في الانسحاب. الوصول إلى سوق واحدة يتطلب قبول جميع الحريات الأربع، بما في ذلك حرية التنقل، ولن تكون هناك سوق واحدة حسب الطلب.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعت إلى الشروع في تقييم الوضع، وتقديم بدائل كفيلة برفع التحدي، خصوصا من الجانب الاقتصادي.
وصرحت أنجيلا ميركل قائلة: «التقديرات والتنبؤات لا تخبرنا إن كان هذا سيخلق قوة دفع للنمو، لذلك ستكون لدينا مصلحة في التركيز أكثر على الفعالية والنمو لتعويض ما خسرناه هنا بعد ترك المملكة المتحدة لاتحادنا الأوروبي».
وبالإضافة إلى مختلف التدابير المتعلقة بآليات الخروج البريطاني، أكد قادة دول وحكومات الاتحاد الأوروبي على مواصلة مباحثاتهم في قمتهم المقبلة التي ستعقد منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل.
وكان زعماء المؤسسات الأوروبية قد حذروا بريطانيا من مغبة المماطلة، لما لذلك من آثار سلبية على الاقتصاد البريطاني أولاً، ثم على الاقتصاد العالمي. كما حرصوا على الظهور بموقف القوي أمام الشريك البريطاني «المشاكس» الذي يستعد للخروج، فلا مفاوضات من أي نوع من دون تقديم إخطار رسمي يؤدي إلى تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، حسب ما كرر الزعماء خلال أعمال القمة.
وحرص زعماء دول أوروبا على تحميل كاميرون، ولو بلهجة دبلوماسية، مسؤولية ما حدث في بلاده، ومسؤولية الاضطراب الحالي في الأسواق المحلية الأوروبية العالمية، لكنهم في الوقت نفسه، شرعوا بالتحضير للعيش من دون بريطانيا ذات الاقتصاد القوي.
ومن هنا، جاءت دعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للمراكز المالية الأوروبية للعب الدور المالي المحوري الذي كانت لندن تلعبه في السابق، وكذلك حديثه عن ضرورة زيادة الدول لمساهماتها في نفقات الدفاع الأوروبية لتعويض الفراغ البريطاني.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.