سباق روسي ـ أميركي على طرد «داعش» من شرق سوريا.. تحضيرًا لمعركة الموصل

«جيش سوريا الجديد» يتعرض لانتكاسة عسكرية في البوكمال

سباق روسي ـ أميركي على طرد «داعش» من شرق سوريا.. تحضيرًا لمعركة الموصل
TT

سباق روسي ـ أميركي على طرد «داعش» من شرق سوريا.. تحضيرًا لمعركة الموصل

سباق روسي ـ أميركي على طرد «داعش» من شرق سوريا.. تحضيرًا لمعركة الموصل

تعرض «جيش سوريا الجديد»، أمس، لانتكاسة عسكرية في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، إثر إحراز تقدم في مناطق سيطرة «داعش»، وخسارتها بعد ساعات قليلة، وذلك في ثاني العمليات العسكرية الكبيرة التي يحرزها الجيش المشكّل حديثًا، ويُراهن عليه لمحاربة تنظيم «داعش» في شرق البلاد.
وكان «جيش سوريا الجديد» المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية، قد بدأ هجومه الثلاثاء من أجل قطع خطوط إمداد تنظيم «داعش» بين العراق وسوريا، في ما بدا أنه سباق أميركي – روسي لقتال التنظيم المتطرف من شرق سوريا قرب الحدود مع العراق. وحقق الجيش تقدمًا خلال الليل، وتمكن من السيطرة على مطار الحمدان (5 كلم شمال غرب البوكمال في محافظة دير الزور بشرق سوريا)، بهدف الوصول إلى القوات العراقية في الجانب الآخر من الحدود.
لكن هذا الجيِش، تعرض لانتكاسة، حيث تراجع الأربعاء بعيدا عن مدينة البوكمال بعد ساعات على تقدمه باتجاهها. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «فشل هجوم فصيل جيش سوريا الجديد، وخسر مطار الحمدان الذي سيطر عليه ليلا وتراجع عن مدينة البوكمال، إلا أنه لا يزال موجودا ضمن الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور»، مشيرًا إلى أنه ليست هناك اشتباكات أو حتى قصف جوي لطائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وذكر المرصد أن جيش سوريا الجديد اضطر للانسحاب بعد هجوم عنيف ومعاكس نفذه مقاتلون من تنظيم «داعش»، أجبروا خلالها مقاتلي المعارضة السورية على الفرار من مناطق وجودهم بريف البوكمال.
وقال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن «جيش سوريا الجديد» خاض أمس ثاني عملية عسكرية له ضد تنظيم «داعش»، لكنه تعرض لانتكاسة كون العملية «كانت تحتاج إلى كثير بشري أكبر من حجم جيش سوريا الجديد»، مشيرًا إلى أن السيطرة على معبر التنف في وقت سابق، بعد عبورهم من الأردن باتجاه سوريا في أول عملية خاضها هذا الجيش «لم تكن تتطلب عددًا كبيرًا من المقاتلين، واستطاعوا الصمود تحت غطاء جوّي من طائرات التحالف الدولي».
وأكد المتحدث باسم «جيش سوريا الجديد» مزاحم السلوم في اتصال هاتفي مع وكالة «الصحافة الفرنسية»: «انسحبنا باتجاه صحراء البوكمال بعدما أنهينا المرحلة الأولى من العملية المتمثلة باستهداف مواقع تنظيم داعش في محيط البوكمال. ونحن نحضر حاليًا للمرحلة الثانية».
وكان السلوم قال في وقت سابق إن الهدف من الهجوم هو «قطع خطوط (داعش) العسكرية بين سوريا والعراق بشكل رئيسي، وفي مرحلة ثانية السيطرة على البوكمال».
ويعد «جيش سوريا الجديد» فصيلاً معارضًا جديدًا تأسس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. وتتضارب الأنباء حول كثير. ففي وقت قال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط»، إن كثير هذا الجيش يبلغ 125 مقاتلاً، قبل أن ينضم إليه عشرات المقاتلين العشائريين في شرق سوريا، تشير تقديرات أخرى إلى أن هذا الجيش يضم مئات من المقاتلين الذين يتحدرون بشكل رئيسي من محافظة دير الزور (شمال شرق) بالإضافة إلى حمص (وسط)، وتلقوا تدريبات في معسكر تابع للتحالف الدولي في الأردن.
وتمركز مقاتلو (جيش سوريا الجديد) في ريف البوكمال بعد عمليات إنزال من 3 طائرات مروحية نفذت الثلاثاء، حيث نقلوا تحت غطاء من طائرات التحالف الدولي عبر البادية السورية وصولاً إلى ريف البوكمال، قادمين من منطقة التنف ببادية حمص الجنوبية الشرقية. ويشير هذا الهجوم، إلى السباق بين حلفاء واشنطن وحلفاء موسكو في سوريا، باتجاه محافظة دير الزور الغنية بالنفط، والمحاذية للحدود مع العراق، وخط إمداد «داعش» بالمقاتلين والنفط والسلاح على طول الجبهتين السورية والعراقية.
وفي المقابل، يتحدث معنيون عن تقديرات أخرى، مرتبطة بتقسيم الميدان في شرق سوريا بين موسكو وواشنطن، كما جرى في الشمال حيث يقاتل حلفاء واشنطن في شرق حلب، بينما يقاتل حلفاء موسكو في الريف الشمالي.
ولا ينفي أستاذ العلاقات الدولية والباحث السياسي الدكتور سامي نادر أن ما يجري ميدانيًا يعكس سباقًا بين الروس والأميركيين، لتمكين الأطراف الموالية لهما من السيطرة الميدانية.
وقال نادر لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الممكن أن يسبق الروس الأميركيين في السيطرة على شمال سوريا، قبل أن يستدرك الأميركيون ذلك، ويقدموا دعمًا كبيرًا للمقاتلين الأكراد»، لافتًا إلى أن «الاتفاق مع الروس، على ما يبدو، كان يتمحور حول احتواء معارك الشمال، قبل أن يغرد الروس خارج الاتفاق مع الأميركيين، على قاعدة أنهم يتعاملون مع رئيس على طريق الرحيل من البيت الأبيض، ولا يستطيع اتخاذ خيارات كبيرة». وأضاف: «أمام هذا الواقع، تدخل الأميركيون بثقل، لإدراكهم أن سيطرة الروس على الشمال السوري، تعني السيطرة على الشرق الأوسط».
وينسحب التسابق نفسه بين موسكو وواشنطن، على شرق سوريا، حيث قدمت واشنطن، أمس، المساعدة لقوى حليفة لها لإطلاق معركة الميادين، بعد تمهيد من قبل النظام بأنه يسعى لافتتاح معركة في دير الزور. وإضافة إلى حقول النفط التي توجد بكثرة في منطقة شمال شرقي سوريا، فإن الموقع الجغرافي يمهد لأحد الطرفين الروسي والأميركي للسيطرة على الموصل والقضاء على «داعش»، بعد الانطلاق من هذه المنطقة.
وقال نادر: «إذا أكمل الروس معركتهم إلى دير الزور بموازاة عزل الرقة، تصبح معركة الموصل أكثر سهولة، وتمكن الحليفان الروسي والإيراني من الانقضاض على الموصل من الشرق والغرب، بينما يستطيع الأميركيون أن ينقضوا من على الموصل وحدهم بمساعدة حلفائهم الأكراد، في حال السيطرة على دير الزور ليقابلوا الموصل من الغرب فيما يقابها الأكراد من الشرق وشمال العراق.
ومع التقدم الذي كان أحرزه مقاتلو «جيش سوريا الجديد»، أقدم تنظيم «داعش» على قطع رؤوس خمسة أشخاص بتهمة التعاون مع المعارضة التي تدعمها واشنطن، بحسب ما ذكر المرصد السوري الأربعاء. وذكر المرصد أنه حصل على نسخة من شريط مصور يظهر إعدام خمسة شبان قال إنهم من البوكمال على أيدي عناصر في التنظيم، وأن التهمة التي وجهت إليهم هي «التجسس لصالح جيش سوريا الجديد والقوات الصليبية»، بحسب التسجيل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».