بعد «رسالة الاعتذار» التركية.. بوتين يبادر بالاتصال مع إردوغان

مساع روسية ـ تركية لتطبيع العلاقات الثنائية

الرئيس التركي يوجه خطابا خلال مأدبة في أنقرة أمس (رويترز)
الرئيس التركي يوجه خطابا خلال مأدبة في أنقرة أمس (رويترز)
TT

بعد «رسالة الاعتذار» التركية.. بوتين يبادر بالاتصال مع إردوغان

الرئيس التركي يوجه خطابا خلال مأدبة في أنقرة أمس (رويترز)
الرئيس التركي يوجه خطابا خلال مأدبة في أنقرة أمس (رويترز)

يبدو تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة كأنه عربة في سباق يحاول كلا الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين دفعها لتتحرك بأقصى سرعة ممكنة، وذلك بعد أن جاءت رسالة اعتذار وجهها إردوغان لبوتين عن حادثة إسقاط تركيا لقاذفة روسية في سوريا، لتشكل لحظة انطلاق في ذلك السباق الذي وضعت معالمه مصالح تركيا وروسيا والمصالح المشتركة للبلدين في آن واحد.
وبعد يوم واحد فقط على تسلم الكرملين رسالة رجب طيب إردوغان، أعلن دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، أن اتصالا هاتفيا سيجري اليوم (الأربعاء) بين الرئيسين بوتين وإردوغان بمبادرة من الأول. ونقلت وكالة «إنتر فاكس» عن بيسكوف وصفه رسالة إردوغان بأنها «خطوة مهمة نحو تطبيع العلاقات الثنائية»، وفي إجابته على التساؤلات حول آفاق العلاقات الروسية - التركية بعد التطورات الأخيرة، دعا بيسكوف إلى التريث «بانتظار المحادثة الهاتفية التي ستجري في منتصف نهار الغد بين الرئيسين»، حسب قوله.
وقرأ مراقبون في الإعلان عن الاتصال الهاتفي بين الرئيسين، لا سيما أنه سيجري بمبادرة من بوتين، خطوة طبيعية كانت مرتقبة، في ظل توقعات بأن يعمل الرئيسان الروسي والتركي ما بوسعهما لإعادة العلاقات بين بلديهما إلى سابق عهدها بأسرع ما يمكن لما في ذلك من مصلحة مشتركة.
وتحصل الخزينة التركية سنويا على ما يقارب 10 مليارات دولار أميركي من ملايين السياح الروس الذين حُرمت منهم هذا العام؛ بسبب الأزمة مع روسيا. أما روسيا من جانبها، فهي مهتمة بالتعاون مع تركيا لا سيما في مجال الطاقة، وتحديدا مشروع شبكة غاز «السيل التركي» التي تحرر صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا من «العقدة الأوكرانية» إلى حد كبير. والأمثلة حول ملفات الاهتمام المشترك في الجانب الاقتصادي كثيرة جدا، ومعها هناك ملفات تشكل محط اهتمام مشترك في المجال السياسي، وبصورة خاصة في الشأن السوري حاليا؛ حيث تشير غالبية التوقعات إلى أن التعاون بين موسكو وأنقرة في هذا الشأن سيدشن الانطلاقة الجديدة للعلاقات بين البلدين، مع توقعات بأن يشهد الوضع ميدانيا في سوريا وسياسيا بشأن تسوية أزمتها تحولات جوهرية في وقت قريب جدا، على ضوء تلك التطورات في العلاقات بين تركيا وروسيا.
ورغم كل تلك المناخات الإيجابية التي أخذت تحيط بالتوقعات بشأن العلاقات الروسية - التركية على ضوء رسالة إردوغان، فإنه ما زالت هناك مخاوف من ظهور عراقيل قد تعيد الأمور بين الجانبين إلى ما كانت عليه قبل رسالة إردوغان. وبرزت خلال اليومين الماضيين تفسيرات متباينة لنص رسالة إردوغان وتحديد ما إذا كان قد «اعتذر لبوتين» أم «أبدى أسفه»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العبارة في رسالته التي يبدي فيها استعداده لدفع تعويضات لعائلة الطيار الذي قُتل، وعن طائرته التي أسقطتها مقاتلات تركية.
وبينما ذهبت وسائل إعلام كثيرة إلى التأكيد بأن إردوغان «أبدى أسفه»، أكد دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، أن إردوغان اعتذر، وبصفته متخصصًا في اللغة التركية أكد بيسكوف، يوم أمس، أن «العبارات في نص رسالة الرئيس التركي لا تحمل في طياتها أي خفايا لغوية».
أما القضية الثانية التي قد تعكر هذه الأجواء الإيجابية، فهي تتعلق بكلام إردوغان حول استعداده للتعويض عن الحادثة، أي لعائلة الطيار الذي قتل، وعن الطائرة. ففي الوقت الذي يؤكد فيه الجانب الروسي رسميا أن إردوغان أبدى استعداده للتعويض بوضوح، برز تضارب حول موقف الجانب التركي بهذا الصدد، إذ نقلت وكالة الأنباء الروسي «ريا نوفستي» عن رئيس الوزراء التركي تأكيده أن بلاده ستدفع تعويضات لروسيا، موضحا أن «مضمون الرسالة (من إردوغان لبوتين) واضح، وقد عبرنا فيها عن أسفنا للحادثة، واستعدادنا لدفع تعويضات». لكن وبعد قليل نقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء التركي قوله إن «الحديث لا يدور عن دفعنا تعويضات لروسيا».
ومقابل تحذيرات على مستوى الخبراء والمحللين من أن التصريحات المتضاربة ومحاولات تأويل اعتذار إردوغان لروسيا بأنها كانت «تعبيرا عن الأسف» وليست اعتذارا، قد تسبب الحرج للرئيس الروسي، يبرز على الجانب الرسمي في البلدين تمسك بالفرصة التي أتاحها «اعتذار» إردوغان لبوتين عن إسقاط الطائرة، وهو ما تدل عليه تصريحات بيسكوف بشأن الاتصال الهاتفي بين بوتين وإردوغان يوم غد، وكذلك تصريحات ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم الخارجية الروسية، التي أكدت يوم أمس أن «العمل جار في مجال التحضيرات للقاء بين وزيري الخارجية الروسي والتركي».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.