الجيش اليمني يضع سيناريو اقتحام صنعاء.. ولواء لحماية المنطقة التاريخية

30 كيلومترًا تفصله عن مركز العاصمة.. والرئيس هادي يلتقي قيادات عليا في القوات المسلحة

جنديان إماراتيان يقومان بحراسة مطار عدن أمس (رويترز)
جنديان إماراتيان يقومان بحراسة مطار عدن أمس (رويترز)
TT
20

الجيش اليمني يضع سيناريو اقتحام صنعاء.. ولواء لحماية المنطقة التاريخية

جنديان إماراتيان يقومان بحراسة مطار عدن أمس (رويترز)
جنديان إماراتيان يقومان بحراسة مطار عدن أمس (رويترز)

وضع الجيش الوطني خطته العسكرية المقرر تنفيذها في عملية تحرير العاصمة اليمنية صنعاء، التي تعتمد على أكثر من أربعة ألوية لاقتحام المدينة، مع تطويقها من الناحية الشرقية والشمالية، فيما سيتكفل لواء بكامل عتاده باقتحام أمانة العاصمة، وفق استراتيجية عسكرية للحفاظ على المنطقة التاريخية.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» عن ملامح الخطة العسكرية المزمع تنفيذها من قبل الجيش الوطني الذي ينتظر أوامر القيادة العليا للجيش، التي يتوقع وفقا لمصادر عسكرية أن تكون قريباً، وذلك بعد أن التقى الرئيس عبد ربه منصور هادي، أول من أمس، قيادات عليا من هيئة الأركان في القوات المسلحة. ووفقا لهذه المعلومات، سيقوم الجيش الوطني بتحريك آلياته وقواته البشرية في وقت واحد ومن عدة محاور في جبهة نهم، وتتمركز في تومة، وبن غيلان المطلة على مطار العاصمة صنعاء، وستقوم وحدات عسكرية باختراق المطار بشكل مباشر وسريع، في حين يتقدم لواء عسكري بتطويق الـ4 المداخل الرئيسية لأمانة العاصمة من انتشار أكثر من ألف فرد من الأجهزة الأمنية التي ستقوم بعملية حفظ الأمن في المناطق التي تقع تحت قبضة الجيش الوطني.
وقبيل عملية تحرير العاصمة اليمنية سيكون هناك تنسيق مع بعض القيادات التابعة للمقاومة الشعبية في داخل المدنية، لتكون على أهبة الاستعداد بالتزامن مع عملية التحرير التي تعرف في الأوساط العسكرية بـ«ساعة الصفر»، ومع هذا التحرك ستنضم المقاومة الشعبية في خارج المدينة مع قيادات الشعبية في عملية التطهير. وقال اللواء ركن الدكتور ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطة المزمع تنفيذها لتحرير العاصمة اليمنية تعتمد على كثير من النقاط الرئيسية، التي من أبرزها عملية المباغتة للمدينة، خصوصا بعد الانتصارات التي تحققت في الجبهات المطلة على صنعاء. وأضاف اللواء الطاهري، أن هناك تقدمًا مستمرًا نحو صنعاء باتجاه تومة، وعقيل بن غيلان، التي تعد بوابة صنعاء من الجهة الشرقية، ولم يبقَ لتحرير صنعاء سوى 30 كيلومترا، وهي المسافة الفاصلة التي سترتكز منها عملية التحرير للمدينة وستنطلق قوات الجيش إلى الهدف من هذه النقطة.
وأشار اللواء الطاهري، إلى أن جبهة نهم واسعة ومتعددة المحاور المتلازمة بعضها مع بعض، عمليا سيعمد الجيش الوطني، للدخول من محاور عدة، حتى لا تكون هناك فرصة لميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، للقيام بعملية التفاف على القوات الوطنية التي ستقوم بالزحف والتقدم من عدة محاور على النسق نفسه وبالقوة العسكرية نفسها وبشكل متواز وفي زمن محدد من قلب جبهة نهم إلى العاصمة اليمنية.
وسيتم تطويق العاصمة اليمنية، وفقا للواء الطاهري، الذي قال إن الجيش سيقوم بتطويق المدينة، وستتجه قوة مدربة لتأمين أمانة العاصمة للحفاظ على ما فيها، ومجرد وصول القوة إلى مداخل الأمانة التي تزيد على 4 مداخل منها طريق نهم، وطريق الحديدة، وطريق عمران، وطريق صرواح، وهي الطرق الرئيسية السعودية المؤدية إلى أمانة العاصمة، سيكون هناك انتشار واسع للجيش.
واستطرد نائب رئيس هيئة الأركان، أن القوة التي ستدخل إلى أمانة العاصمة ستتكون من «لواء» بكامل عتاده، وهناك قرابة ألف فرد من الأمن، وستتركز مهامهم على حفظ الأمن والاستقرار في المدينة، وباقي الأولوية والمقاومة الشعبية القادمة من مختلف الاتجاهات ستكون على منافذ أخرى للمدينة لإكمال عملية التحرير لباقي المحافظات، فيما ستبقى القوات الرئيسية على مداخل الأمانة حتى تستقر الأمور، بعدها ستتحرك القوة الخارجية، وتقوم بعملية التفاف وتتحرك باتجاهات أخرى.
ولفت اللواء الطاهري، إلى أن هناك قوة فعلية على الأرض داخل صنعاء، تنتظر اقتحاما للمدينة للمساندة في عملية التوغل، وهذه القوة لديها القدرة على مساندة الجيش الوطني، وستقوم بأعمال قتالية أثناء عملية التحرير، موضحا أنه مع تحرير أمانة العاصمة ستسقط على الفور ميليشيا الحوثيين وأتباعهم مع هذا التقدم العسكري، ويتوقع أن يفر الحوثيون من مقر الأمانة قبل ساعات من عملية التحرير، فيما سيتبقى عدد من القيادات التي قد تعلن انضمامها للشرعية مع دخول الجيش. وشدد نائب رئيس هيئة الأركان، على أن الجيش سيعمل على سلامة أمانة العاصمة، التي تعد منطقة تاريخية وأثرية، من أي ضربات عسكرية، أو عملية تخريب قد يحدثها الحوثيون أثناء عملية الفرار، وسينشر الجيش أفراده على جميع مساحة أمانة العاصمة، للتأكد من سلامتها وسلامة المدنيين.



خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)
بسبب تدهور المعيشة توقف نشاط عدد من شركات التوصيل في صنعاء (فيسبوك)

برغم فشل غالبية مشاريع خدمة التوصيل في العاصمة اليمنية صنعاء بسبب غلاء المعيشة، فإن الطلب عليها لم يتوقف، ويستمر مئات الشباب في تقديمها خصوصاً في شهر رمضان، وتشهد الشوارع المزدحمة قبيل مغرب كل يوم سباقاً مع الوقت يخوضه الشباب العاملون في هذه الخدمة، معرضين حياتهم للخطر.

وغالباً ما تتسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية في شوارع صنعاء، ويرفع العاملون في خدمة التوصيل منسوب هذه الحوادث نتيجة رغبتهم في توصيل أكبر عدد من الطلبات لزيادة مداخيلهم، والاستجابة لإلحاح زبائنهم المطالبين بسرعة وصول الوجبات من المطاعم ومستلزمات الوجبات المنزلية من الأسواق.

ويذكر عمار سعيد، وهو عامل توصيل على دراجة هوائية، أن عمله في هذه المهنة يتطلب هدوء أعصاب وتركيزاً شديداً وقدرة على الصبر والتحمل.

ويبين سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية زبائنه يطلبون وصول الطعام بأقصى سرعة، ويستعجلونه خلال تنقلاته بإلحاح شديد وتذمر، ما قد يفقده التركيز أثناء قيادة دراجته، وكثيراً ما يكون مضطراً لتوصيل أكثر من طلب في الوقت نفسه في اتجاهات مختلفة.

عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)
عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

وكانت خدمة التوصيل في العاصمة صنعاء ومدن أخرى قد شهدت ازدهاراً كبيراً منذ 5 أعوام بسبب حائجة كورونا (كوفيد 19) وما تسببت به من عزوف عن الاختلاط والخروج من المنازل، وهو ما دفع بعدد من المستثمرين إلى إنشاء شركات توصيل تستخدم تطبيقات على الهواتف المحمولة.

ويكشف مقيمون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنه، وبرغم إيقاف العديد من شركات التوصيل نشاطها وتسريح العاملين فيها خلال الأعوام الماضية، فإن الخدمة ذاتها لم تتوقف، بل تشهد تزايداً نسبياً من خلال طلب العائلات والأفراد لها من شبان يتعاملون معهم باستمرار، إلى جانب توظيف المطاعم الكبيرة لعمال توصيل.

ثراء غير متوقع

يستغرب الكثير من المتابعين للوضع في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من ظهور وانتشار خدمة التوصيل، في حين يعاني غالبية السكان من أوضاع معيشية صعبة ومعقدة، ولا يملكون القدرة على شراء الطعام من المطاعم، ناهيك عن دفع المزيد من الأموال مقابل خدمة توصيله.

المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)
المطاعم والكافتيريات الشعبية تنتشر في غالبية شوارع وأحياء العاصمة صنعاء (خرائط جوجل)

وبحسب هؤلاء، فإن العاصمة صنعاء تشهد اتساع رقعة البطالة وإغلاق العديد من الشركات التجارية وهروب أصحاب الأموال والاستثمارات، ولم يتبقَّ فيها إلا من لا يستطيع المغادرة لعدم مقدرته على ذلك، أو من لا يخشى على نفسه وممتلكاته من ممارسات الجماعة الحوثية.

إلا أن الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان يشير إلى أن الإقبال على طلب خدمة التوصيل يأتي بسبب نشوء فئة واسعة تمكنت من الإثراء مستفيدة من الانقلاب والحرب، وهي الفئة التي تسيطر مظاهر ثرائها على المشهد في صنعاء من خلال ظهور أنواع جديدة من السيارات الفارهة والقصور الكبيرة وزيادة النشاط العمراني، مقابل اتساع دائرة الفقر والفاقة.

ويوضح شمسان لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الفئة الجديدة نشأت من خلال أعمال النهب المنظم، أو العشوائي، لموارد المؤسسات العامة وأعمال الجباية والإتاوات المفروضة على غالبية السكان، وابتزاز الشركات التجارية ورجال الأعمال والمستثمرين، وتكوين طبقة من المستثمرين الطفيليين الذين سعوا للإثراء من خلال الأموال المنهوبة أو بالشراكة الإجبارية مع أصحاب رؤوس الأموال.

شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)
شركة توصيل في صنعاء استخدمت الخيول قبل ثلاث سنوات للفت الانتباه (إكس)

ويرى مراقبون للشأن اليمني في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أن هناك فئة أخرى تمكنت من الإثراء من خلال العمل أو النشاط في تقديم المساعدات الإغاثية، سواء مع المنظمات الدولية والأممية أو المحلية، وهو النشاط الذي يشهد فساداً واسعاً بحسب العديد من التقارير.

أطعمة جديدة

يعدّ انتشار خدمة التوصيل في صنعاء أمراً لافتاً، كون الأوضاع المعيشية فيها لا تؤهل لذلك، إلى جانب أن المطاعم الشعبية منتشرة في كل الشوارع والأحياء وبالقرب من جميع المساكن تقريباً، في حين يفضل غالبية السكان إعداد الطعام في المنازل.

تقول لبنى عقلان، وهي طبيبة أسنان، إنها وحتى سنوات قليلة مضت، لم تكن تطلب هذه الخدمة كما هي عليها الآن، وكانت تكتفي بالاتصال الهاتفي إلى الكافتيريا الموجودة في نفس البناية التي تقع فيها عيادتها لطلب الطعام، فيقوم أحد العاملين بإيصاله خلال دقائق معدودة.

انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)
انتشار مشاريع الطبخ في المنازل ساعد في انتشار خدمة التوصيل (الأمم المتحدة)

لكن الأعوام الأخيرة شهدت، بحسب حديث عقلان لـ«الشرق الأوسط»، افتتاح مطاعم تقدم وجبات جديدة ومميزة، وهو ما يغري بطلب إيصالها بسبب ازدحام أوقات العمل وعدم القدرة على التنقل إليها والعودة بسرعة.

أما عصام شرف، وهو اسم مستعار لمعلم فيزياء في إحدى كبريات مدارس العاصمة صنعاء، فيلفت إلى أن طلبات توصيل الطعام تعدّ رفاهية لا يحصل عليها سوى من يملكون القدرة على ذلك، وقد حظي بها بسبب عملها في تقديم الدروس الخصوصية.

الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)
الإثراء بسبب الحرب والانقلاب والفساد أدى إلى انتشار واسع لمطاعم فارهة في صنعاء (خرائط جوجل)

ووفق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلاب الذين يقدم لهم الدروس الخصوصية، وغالبيتهم من عائلات ثرية، يطلبون الطعام لهم وله خلال جلسات الدراسة، فيحصل على وجبات لم يكن يفكر حتى بها بسبب أسعارها المرتفعة، وأحياناً يأخذ ما تبقى منها لعائلته في المنزل.

وتساعد مشاريع إعداد الطعام بالمنازل في استمرار خدمة التوصيل، حيث يعتمد أصحاب هذه المشاريع، وأغلبهم من النساء، على شبان يعملون على دراجات نارية أو هوائية في توصيل الطعام إلى الزبائن.