التيارات المتصارعة في الأحزاب البريطانية تكشر عن أنيابها

من سيتوج زعيمًا للمحافظين.. وهل سينجح الانقلاب العمالي؟

جلسة للبرلمان الاوروبي ويظهر فيها نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يمين) وجان كلود يونكر رئيس المفوضية  الاوروبية (إ.ب.أ)
جلسة للبرلمان الاوروبي ويظهر فيها نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يمين) وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الاوروبية (إ.ب.أ)
TT

التيارات المتصارعة في الأحزاب البريطانية تكشر عن أنيابها

جلسة للبرلمان الاوروبي ويظهر فيها نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يمين) وجان كلود يونكر رئيس المفوضية  الاوروبية (إ.ب.أ)
جلسة للبرلمان الاوروبي ويظهر فيها نايجل فاراج زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يمين) وجان كلود يونكر رئيس المفوضية الاوروبية (إ.ب.أ)

يقف حزب العمال البريطاني المعارض، الثلاثاء، على حافة الانفجار في إحدى التداعيات السياسية للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حين يستعد حزب المحافظين لبدء عملية استبدال رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون في رئاسة الحزب.
في جلسة المساءلة التي عقدت، أول من أمس، الاثنين، في البرلمان البريطاني لمناقشة نتيجة الاستفتاء وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رحب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، في البداية، بعضو البرلمان المسلمة التي انتخبت يوم الخميس ممثلة عن منطقة توتينغ بدلا عن صديق خان، الذي أصبحت دائرته الانتخابية فارغة بعد أن انتخب رئيسا لبلدية لندن. وأضاف كاميرون: «أنصحك أن تبقي جوالك مفتوحا. أعتقد أنه سيصلك مكالمة مهمة تدعوك للانضمام إلى حكومة الظل». التعليق «خفيف الدم» أضحك جميع أعضاء مجلس العموم، بشتى أطيافهم السياسية. وكان يقصد كاميرون بذلك أن المعارضة العمالية فقدت معظم وزراء الظل، الذين استقالوا بالجملة احتجاجا على أداء زعيمها اليساري جيرمي كوربن، ولهذا سيكون هناك وظائف شاغرة.
وواجه كوربين، أمس الثلاثاء، تصويتا بالثقة، بعد أن أصر على أنه لن يستقيل وأنه سيخوض أي منافسة على منصب زعيم الحزب، وذلك على الرغم من الانتقادات القوية لحملته من أجل بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
وأعلن كوربن أنه لن يستقيل من منصبه رغم خسارته تصويتا على الثقة داخل حزبه الذي يتهمه بأنه لم يبذل جهدا كافيا في حملته بهدف بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، علما بأن هذا التصويت غير ملزم.
وقال كوربن في بيان: «لقد انتخبت في شكل ديمقراطي رئيسا لحزبنا من أجل سياسة جديدة من جانب ستين في المائة من أعضاء حزب العمال وأنصاره. لن أخونهم بالاستقالة. إن تصويت النواب اليوم لا يتمتع بأي شرعية دستورية». وصوت نواب حزب العمال في وقت سابق على الثقة بكوربن، فعارضه 172 منهم في حين أيده 40.
ويتهمه المتمردون عليه بأنه لم يدافع بما يكفي عن بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي ويعتبرون أن وجوده على رأس حزب العمال لا يترك أي فرصة للحزب في العودة إلى الحكم.
واستقال عدد كبير من أعضاء حكومة الظل التي ينتمي إليها كوربن الليلة قبل الماضية، ليتبقى حفنة فقط من 30 كانوا أعضاء في حكومة الظل الأسبوع الماضي. وصوت نواب الحزب في البرلمان في اقتراع سري بشأن ما إذا كانوا سيستمرون في منحهم الثقة لكوربن أو لا. ومن المتوقع أن يفتح الحزب باب المنافسة على منصب زعيم الحزب مع السماح لأعضائه والتابعين له البالغ عددهم 600 ألف شخص بالتصويت. وقالت ديان أبوت، وهي حليفة قوية ما زالت في حكومة الظل، إن تصويت الثقة اليوم «ليس له معنى». وقالت أبوت للمحطة الرابعة بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن «نواب البرلمان لا يختارون زعيم حزب العمال. قواعد الحزب هي التي تختار». وأضافت أن «الطريقة لحل ذلك هو أن تكون هناك انتخابات زعامة». وكان كوربن المدعوم من جانب نقابة العمال، فاز في انتخابات الزعامة في سبتمبر (أيلول)، حيث حصل على نحو 60 في المائة من الأصوات البالغ عددها 422 ألف صوت، ليفوز على ثلاثة مرشحين آخرين.
ويستمد كوربن اليساري قوته من دعم قواعد الحزب الذين تظاهر نحو عشرة آلاف منهم تأييدا له أمام البرلمان مساء الاثنين والذين قد ينقذون منصبه في نهاية المطاف.
وتحتاج مذكرة حجب الثقة إلى تصويت سلبي لعشرين في المائة فقط من النواب حتى يتم قبولها، وهو ما يبدو متوفرا نظرا لعدد المعارضين لكوربن داخل الحزب. لكن هذه المذكرة تحتاج لاحقا إلى مصادقة مجمل أعضاء الحزب، حيث لا يزال كوربن يحظى بشعبية واسعة. وخاطب «الرفيق كوربن» مؤيديه قائلا: «لا تدعوا وسائل الإعلام ومن يريدون بنا سوءا يقسموننا». وقال كوربن: «لن أخون ثقة الذين صوتوا من أجلي ولا ثقة الملايين في أنحاء البلاد الذي يحتاجون لتمثيلهم من قبل حزب العمال».
وطلبت قيادة الحزب، مساء الاثنين، من كوربن «القيام ببادرة مشرفة» لإنهاء أجواء مقيتة «كارثية»، بحسب النائب شوكا أومونا. وشاهد صحافيون تجمعوا في طابور أمام القاعة نوابا يغادرون متحدثين بتأثر عن «مجزرة» و«ألم عميق» و«مأساة».
وتكاد الفوضى في حزب العمال تنسي الجميع أن حزب المحافظين غارق في إحدى أكبر الأزمات في تاريخه. فقد أعلن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون استقالته كما أعلن وزير المالية جورج أوزبورن، الثلاثاء، كما كان متوقعا أنه لن يترشح لخلافته. وقال: «لست الأفضل لمنح حزبي الوحدة التي يحتاجها».
وكان كاميرون وأوزبورن أبرز المدافعين عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي واعتبرا أنه يتعين أن يتولى شخص آخر التفاوض مع بروكسل على مغادرة بريطانيا. وسيتم تنصيب الزعيم الجديد للمحافظين بحلول الثاني من سبتمبر (أيلول) كأبعد تقدير، بحسب ما أعلن الحزب الاثنين.
أفاد حزب المحافظين أنه سيعلن اسم خلف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في التاسع من سبتمبر المقبل، مرجئا بذلك الموعد أسبوعا على الأقل. وأوضح متحدث باسم الحزب أن باب الترشيحات سيفتح (اليوم) الأربعاء ويغلق الخميس (غدا) على أن يعلن اسم الرئيس الجديد للحزب يوم التاسع من سبتمبر. وتتجه الأنظار كلها إلى بوريس جونسون الذي قاد معسكر مؤيدي الخروج من الاتحاد. لكن صحيفة «تايمز» أشارت، الثلاثاء، إلى وزيرة الداخلية تيريزا ماي كمرشحة تملك حظوظا أيضا لتولي المنصب.
وتيريزا ماي (59 عاما) المعروفة بمعارضتها للفكرة الأوروبية، كانت أحدثت مفاجأة حين أعلنت انضمامها لأنصار البقاء في الاتحاد الأوروبي. لكنها لم تقم بحملة قوية.
وبحسب كثير من المحافظين، فهي تمثل تسوية ممتازة للمصالحة داخل الحزب المقسم بين أنصار الاتحاد الأوروبي ومعارضيه.
ويغلق باب الترشحات لرئاسة حزب المحافظين الخميس. ويمنح بعد ذلك نواب الحزب ثلاثة أسابيع لاختيار مرشحين اثنين يصوت لانتخاب أحدهما أعضاء الحزب الـ125 ألفا صيف 2016. وقال وزير الصحة جيرمي هانت المؤيد للاتحاد الأوروبي الثلاثاء أنه يفكر جديا في الترشح.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».