في محاولة لصد الانتقادات ضده على اتفاق المصالحة مع تركيا، الذي أعلن أمس في البلدين، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الاتفاق يقدم أكبر خدمة للمصالح الأمنية والاقتصادية الإسرائيلية، إذ يعيد التنسيق العسكري والاستخباري، «الذي كان ركنا أساسيا في الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية في الماضي»، ويفتح آفاقا هائلة لتطوير التعاون الاقتصادي من خلال مشروع بيع الغاز إلى تركيا.
وكان نتنياهو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما. وحسب التنسيق المسبق، تحدث في الوقت نفسه، نظيره التركي، رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، في أنقرة. وحاول كل منهما صد الانتقادات المحلية والإقليمية على الاتفاق، من خلال إبراز ما حققه كل طرف من إنجازات. فقال يلدريم إن الاتفاق يرفع غالبية الحصار عن قطاع غزة، ويساهم في دفع الاقتصاد. فيما قال نتنياهو إن الاتفاق يتضمن بنودا كثيرة تحقق لإسرائيل أهدافها، وينهي الأزمة، ويعيد علاقات التعاون والتنسيق مع هذه الدولة الإسلامية العريقة. وشدد نتنياهو على الرسالة التي تلقاها من نظيره التركي، أول من أمس، كجزء من الاتفاق، وفيها يتعهد بالعمل مع حماس من أجل إنهاء قضية الإسرائيليين المفقودين في غزة، ابرا منغيستو وهشام السيد (وهما مواطنان دخلا غزة بمبادرتهما ويعانيان من خلل نفسي)، وإعادة جثتي الجنديين هدار غولدين واورون شاؤول (وهما العسكريان اللذان قتلا في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة سنة 2014، وبقيت أجزاء أساسية من جثتيهما محتجزة لدى حماس).
وكان من المفروض أن يتم نشر البيان المشترك حول التوصل إلى اتفاق حال انتهاء المحادثات في ساعات الغروب يوم الأحد، إلا أنهما قررا تأجيل الإعلان إلى أمس، بسبب موعد الإفطار. وقد عقد نتنياهو، مؤتمره الصحافي في روما، بمشاركة عضوي الوفد الإسرائيلي المفاوض، المحامي يوسيف تشاحنوبر والقائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب نيجل. وفي المقابل، عقد رئيس الحكومة التركية، بن علي يلدريم، مؤتمرا صحافيا في أنقرة. وأكدا أنه سيتم توقيع الاتفاق اليوم الثلاثاء، بقلم كلا المديرين العامين لوزارتي الخارجية الإسرائيلية والتركية، وذلك بشكل منفرد في كل من القدس وأنقرة.
ويستهل الاتفاق، بالتأكيد على أن تقوم تركيا وإسرائيل بتطبيع العلاقات بينهما – رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، تعيين سفيرين في تل أبيب وأنقرة، وإزالة القيود التي فرضها كل جانب على الآخر في مجال التعاون السياسي والأمني والعسكري والاستخباري، ويعيدون هذا التنسيق إلى المستوى اللائق للعلاقات الطبيعية بين بلدين متصالحين.
ويتضح من صيغة الاتفاق، أن تركيا تلتزم بتمرير قانون في البرلمان يشطب الدعاوى القضائية القديمة ضد جنود الجيش الإسرائيلي، الذين شاركوا في السيطرة على السفينة التركية، ويحرر إسرائيل من خطر أي دعوى مستقبلية. وبعد أن يتم إقرار هذا القانون في تركيا، تدفع إسرائيل مبلغ 20 مليون دولار إلى صندوق إنساني سيقام لتعويض عائلات المدنيين الأتراك، الذين قتلوا وجرحوا خلال السيطرة على سفينة «مافي مرمرة»، خلال رحلة الأسطول إلى غزة في مايو (أيار) 2010.
وفي قضية الحصار على غزة، تخلت تركيا عن مطلبها بأن ترفعه إسرائيل تماما، واعترفت عمليا، بأن عليها تمرير كل مساعدة أو بضائع تجارية إلى غزة عبر ميناء أشدود الإسرائيلي. وستسمح إسرائيل لتركيا ببناء مشاريع للبنى التحتية في غزة، مثل مستشفى، محطة للطاقة ومحطة لتحلية مياه البحر. كما التزمت إسرائيل بالسماح لتركيا بنقل المعدات والمساعدات الإنسانية إلى غزة من دون قيود، طالما سيتم نقلها عبر ميناء أشدود.
والى جانب البنود الرئيسية للاتفاق، هناك ملحقان: الأول، يخص المطلب الإسرائيلي بإغلاق قيادة حماس العسكرية الناشطة في إسطنبول، التي توجه العمليات ضد إسرائيل في الضفة الغربية. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن «الحكومة التركية التزمت بعدم السماح لحماس بتنفيذ أي عمل إرهابي أو عسكري من أراضيها ضد إسرائيل. أما الملحق الثاني، فهو عمليا، رسالة رسمية حولتها تركيا إلى إسرائيل، أمس، بشأن الالتزام بالعمل مقابل حماس لإعادة الإسرائيليين المفقودين والجنديين القتيلين». وقال مسؤول إسرائيلي رفيع للصحافيين، إنه جرى تحويل الرسالة إلى طاقم المفاوضات الإسرائيلي، من قبل الطاقم التركي خلال لقاء روما. وقال المسؤول الإسرائيلي، إن رئيس الحكومة نتنياهو طلب من الطاقم الإسرائيلي، طرح قضية المفقودين خلال المحادثات قبل عدة أشهر، والهدف هو الحصول على الالتزام التركي بتفعيل التأثير على حماس في غزة، من أجل تحقيق اختراق في هذه المسألة. وأضاف: «أمس تلقينا رسالة رسمية يأمر فيها إردوغان أجهزة الاستخبارات التركية وكل الجهات الحكومية، ذات الصلة، باتخاذ الإجراءات المطلوبة للمساعدة على إنهاء قضية الأسرى والمفقودين في غزة، على أساس إنساني». وقال إن نتنياهو أبلغ عائلات الجنديين والمفقودين بالموضوع بعد تسلم إسرائيل الرسالة التركية.
اتفاق المصالحة الإسرائيلية التركية يعيد التنسيق العسكري والاستخباري بين البلدين
اتفاق المصالحة الإسرائيلية التركية يعيد التنسيق العسكري والاستخباري بين البلدين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة