«ديفي».. فيه «كول وطعميني»

أطباق العالم تحت سقف واحد

ديكورات عصرية وجلسات خارجية - طبق الدجاج المقلي - جبن بري مقلي
ديكورات عصرية وجلسات خارجية - طبق الدجاج المقلي - جبن بري مقلي
TT

«ديفي».. فيه «كول وطعميني»

ديكورات عصرية وجلسات خارجية - طبق الدجاج المقلي - جبن بري مقلي
ديكورات عصرية وجلسات خارجية - طبق الدجاج المقلي - جبن بري مقلي

لن تشبه جلستك في مطعم «ديفي» الواقع في منطقة مار مخايل، أيا من تلك التي سبق وجرّبتها في مطعم آخر في بيروت. فصاحبه سامر شحلاوي أخذ على عاتقه أن يقدّم للزبون أطباقا صممت تحت عنوان «في المشاركة اهتمام» (sharing is caring). أسلوب جديد في عالم المطاعم في لبنان، استحدث علاقة دافئة ما بينه وبين زبائنه، سواء جاءوا مجموعات أو بشكل ثنائي.
«كول وطعميني» قد تكون العبارة الأكثر تردادا ما بينك وبين شريكك على مائدة «ديفي»، فستستهلكها دون كلل. ويكمن أسلوبه في خدمة الزبائن، من خلال تقديمه عدّة أنواع أطباق على مائدة واحدة، قد تعرف في الصين باسم «ديم سام» وفي إسبانيا «تاباس» وفي لبنان «مزّة». إلا أنك عندما توجد في هذا المطعم يصبح اسمها وبكل بساطة «ديفي» والمشتقّة من كلمة مقاسمة.

المكتوب يقرأ من عنوانه أما في «ديفي» فمن ديكوراته

لا يسعك إلا أن تشعر بالاختلاف وأنت تدخل «ديفي»، من بابه الرئيسي المطلّ على شارع مار مخايل العريق في بيروت. فما أن تحطّ قدمك فيه حتى يأخذك نظرك في جولة سريعة ومحيّرة، تتساءل خلالها على أي طاولة أو أي زاوية من فسحاته تختار لتجلس عليها.
فهنا طاولة خشبية كبيرة تتّسع لعشرة أشخاص، وهناك قعدة مريحة على كنبة رمادية طويلة قد تكون من الأماكن الأكثر شهرة في المطعم لاتسّامها بطابع البيت، أما في آخر المكان فتتوزّع عدة طاولات خشبية مغطّاة بطبقة رخامية تحيط بها كراسي خيزران قديمة تمّ تحديثها من خلال تبطينها بالمخمل، لتتلاءم وأجواء المطعم عامة والتي تمثّل الفنيّن الحديث والقديم معا.
أما الجلسة في الهواء الطلق فقد فكّر أصحاب المحل بتخصيص مساحة كبيرة لها، على شرفة يمكن إدراجها على لائحة الحدائق المعلّقة. فأشجار الشربين والزيتون تظلّلها من ناحية، والورود والأزهار تتدلّى من جدرانها من ناحية ثانية. وهنا على كنبة وثيرة خضراء مقلّمة، يمكنك أن تتمتّع بجلسة منزلية، تتشارك فيها بتناول الطعام مع أصدقائك، أو حتى مع جيرانك الموجودين على طاولات أخرى إذا رغبت في ذلك. فعنوان المطعم الأساسي هو المشاركة في الطعام تحت سقف واحد. وعلى سيرة السقف فإن الإضاءة التي استخدمها «ديفي» ستذكّرك دون شكّ باللمسة الصناعية والمدنية معا، من خلال لمبات حديثة تتدلّى من سقفه الإسمنتي، أو من خلال مراوحه الضخمة التي تضخّ الهواء فتعيدك إلى زمن المصانع والمعامل في إنارتها الخافتة.

أطباق «ديفي» عالمية وغنيّة بالمقبلات

إذا كنت من محبّي المطبخ الإيطالي أو الأميركي أو تحبذ تناول الأطباق الآسيوية والصينية وحتى الفرنسية، فإن «ديفي» يقدّمها لك بأصناف منوّعة من خلال لائحة طعام غنيّة بالمقبّلات والسلطات واللحوم وثمار البحر والباستا والبيتزا وغيرها.
فيمكنك أن تستهلّ جلستك بقرمشة عيدان جبن الموزاريلا مع صلصة الحبق (بيستو)، والتي يمكنك أن ترفقها بطبق مقبلات مؤلّف من مكعبات جبنة الـ«بري» الفرنسية وصلصة التوت البرّي. أو في استطاعتك أن تختار أصنافا أخرى تتشارك في تناولها مع رفيقك على طاولة تتألّف من «مامازغواكامول» المكسيكي (مطحون الأفاكادو مع البصل والبندورة والفلفل التشيلي)، المرفق مع رقائق الـ«ناتشوز» المشهورة في تلك البلاد، أو من تورتة جبنة الماعز والزعتر، و«دجاج التورتيلا» على الطريقة الأميركية (buffalo chiken tortilla).
وعلى قسم السلطات ستجد التايلاندية منها والكيناوا مع الخضراوات وسلطة التونا، إضافة إلى تلك المسمّاة باسم المحلّ (سلطة ديفي)، وتتألّف مكوّناتها من الربيان المشوي والسبانخ والكرّاث المقلي، فتقدّم إليك مغطّاة بطبقة من جبن البارميزان الإيطالي وإلى جانبها صلصة موقّعة من شيف المطعم.
وفي قسم الأطباق من نوع الساندويتش، ستجد البيرغر على أنواعه وشرحات لحم البقر والدجاج المتبّلة بالثوم فتتناولها في قطعة خبز فرنسية طازجة يسيل لها اللعاب. كما ستجد أطباقا أخرى كـ«سمك السلمون» المدخّن وقطعة الهامبرغر من الـ«angus» (لحم بقر) ومعها جبنة الـ«بري» الفرنسية.
ومن المطبخ الإيطالي يمكنك أن تتذوّق الباستا (divvy chiken linguini) و(المعكرونة مع الجبن)، إضافة إلى عدة أنواع من البيتزا (مارغريتا وريجينا ولا بيانكا) وغيرها. أما في لائحة الأطباق الرئيسية ستجد قطعة الدجاج المشوية على طريقة الشيف (divvy braised chiken) و(مانغوليان تشيكن) بالكراميل، وطبق لحم البقر الآسيوي مع الخضراوات (يقدّم في قدر ساخن)، وطبق «الترياكي» المكسيكي، وفيليه اللحم المشوي على الطريقة الكلاسيكية، وغيرها من أطباق ثمار البحر والسمك (السلمون والربيان) مع الخضراوات أو البطاطس المهروسة. وعندما تقرر أن تتناول طبق الحلوى من مطعم «ديفي» كالنوتيلا مع بوظة الفانيلا، وتورتة المورينغ بالليمون الحامض، وقطعة من «تشيز كيك» أو «كيك ديفي» بالشوكولاته البيضاء، وغيرها من أنواع الحلوى فإنك تساهم بذلك في التبرّع بمبلغ (ألف) ليرة لجمعية «حماية» الخاصة بالأطفال المعنّفين، بحيث يتم حسم هذا المبلغ مباشرة من حساب فاتورة الحلويات.
حين تقصد مطعم «ديفي» في مار مخايل، فإنك دون شكّ تكون قد خرجت عن المألوف، في تناولك أطباق طعام ترتكز على مبدأ المشاركة الفعلية، في لمّة دافئة مع الأصدقاء بعيدة عن الملل والرتابة، أو من خلال المساهمة في حماية الطفولة من أي إساءة جسدية أو نفسية يتعرّض لها أصحابها.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».