كيري يلتقي 8 دبلوماسيين معارضين يطالبون بمزيد من العمل من أجل سوريا

الاستراتيجية التي أحبطت الجميع بألا شيء ينجح في حل الأزمة السورية

مقاتلان في الجبهة الشامية يقفان بين أنقاض القصر العدلي في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
مقاتلان في الجبهة الشامية يقفان بين أنقاض القصر العدلي في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
TT

كيري يلتقي 8 دبلوماسيين معارضين يطالبون بمزيد من العمل من أجل سوريا

مقاتلان في الجبهة الشامية يقفان بين أنقاض القصر العدلي في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)
مقاتلان في الجبهة الشامية يقفان بين أنقاض القصر العدلي في القسم القديم من مدينة حلب (رويترز)

دخل الموظفون الثمانية من الإدارة الوسطى بوزارة الخارجية إلى المكتب الرسمي للوزير كيري في ديوان الوزارة يوم الثلاثاء - وهي الغرفة التي لم يدخلها سوى عدد قليل للغاية منهم من قبل - ليخبروه بأنه كان ينتهج مسارا حيال سوريا، لن يضع حدا أبدا للحرب الأهلية البشعة الدائرة هناك.
وذلك النقاش ليس جديدا على مسامع كيري، فهو، في حقيقة الأمر، قد أعرب عن أجزاء منه بنفسه في غرفة العمليات والمكتب البيضاوي في البيت الأبيض. ولكن ولمدة نصف الساعة، ووفقا لكثير من المشاركين في النقاش، دخل وزير الخارجية والموظفون الثمانية في محادثة ودية مفاجئة، حول ما إذا كان هناك سبيل، خلال الشهور الستة المتبقية من ولاية الرئيس أوباما، لاستخدام القوة العسكرية الأميركية للمساعدة في إنهاء الصراع، والذي حصد، وفقا لبعض التقديرات، أرواح ما يقرب من نصف مليون إنسان.
كان الموظفون الثمانية من بين 51 موظفا في وزارة الخارجية الأميركية الذين وقعوا على برقية «قناة المعارضة» المرسلة إلى كيري الأسبوع الماضي، وهو الخطاب الذي تسرب بسرعة شديدة بحيث يبدو أنه مقصود لأنه يكون بمثابة رسالة مفتوحة إلى الرئيس أوباما، بأن جيش الدبلوماسيين خاصته، لا يمكنهم جميعهم دعم سياسته شديدة الحذر حيال الأزمة السورية.
وقال كثير من المشاركين في النقاش، إن كيري كان حريصا على عدم الموافقة الصريحة على انتقاداتهم الموجهة، أو السماح لهم بإدراك، أنه قال إن رئيس النظام السوري بشار الأسد سوف يواصل قصف وتجويع وحصار شعبه، ما لم تستند المفاوضات مع نظامه إلى بعض أشكال الضغط العسكري الأميركي. ولكن كيري حاور وناور بلطف وكياسة، حتى بدا أنه يقول: «إن كثيرا من مخاوف الموظفين المعارضين كانت قيد النظر والاعتبار لكثير من المرات من قبل، ورُفضت بسبب أنها تحمل قدرا كبيرا من التعقيدات، أكثر مما يبدو عليه الأمر».
وقبل ساعات من الاجتماع، أول من أمس، بدا نائب الرئيس جوزيف بايدن منزعجا للغاية عند ذكر برقية المعارضة، مشيرا إلى مذكرة مماثلة على برنامج «سي بي إس هذا الصباح»، أن جميع الأفكار التي طرحها الدبلوماسيون الشبان كانت قيد النظر والاعتبار منذ فترة طويلة. وقال بايدن: «ليست هناك توصية واحدة رأيتها كانت لها إجابة واحدة وشافية، فكيف نفعل ما يريدون منا القيام به؟».
ومع وجود اثنين من مساعديه فقط في الغرفة (وفي وجود كلبه بن والذي كان حاضرا في كثير من الاجتماعات الدبلوماسية الحساسة أكثر من حضور مساعدي وزير الخارجية)، أثار كيري سلسلة من التساؤلات حول ما يمكن أن يحدث إذا ما نجح الدبلوماسيون المعارضون في مساعيهم. ما الأساس القانوني لقصف قوات الأسد، في ظل غياب قرارات الأمم المتحدة أو حتى حلف شمال الأطلسي؟ ما الذي سوف يحدث إذا ما دخلت القوات الأميركية في مواجهة غير مقصودة مع القوات الجوية الروسية، التي تدافع حاليا عن نظام الأسد؟ ماذا لو أن الطيارين الأميركيين أسقطت طائراتهم؟ وكيف يمكن لتلك الجهود أن تؤثر على معركة الولايات المتحدة مع تنظيم داعش؟
كانت الجلسة استثنائية بكل معنى الكلمة. هناك 4 فقط من أصل 5 برقيات للمعارضة تتم كتابتها في كل عام، يبقى أغلبها طي السرية والكتمان. ولكن الطبيعة العلنية لهذه البرقية وضعت كيري في موقف حرج. فهو لا يريد أن يظهر بمظهر المخالف لاستراتيجية الرئيس، وقد ظل محتفظا لنفسه يوم الثلاثاء الماضي، بما سوف يقوله للرئيس أوباما على انفراد (يصر مساعدو كيري على أن هناك استراتيجية مشتركة، وهي التي تبدأ بمحاولة الضغط على روسيا من أجل فرض تنفيذ وقف إطلاق النار المنتهك كثيرا).
ربما إن أبرز الأشياء الملاحظة حول ذلك الاجتماع كانت السنوات الخمس من الحرب الأهلية السورية - بعد إعلان الرئيس أوباما عن ضرورة رحيل الأسد، والخطوط الحمراء غير المنفذة، وسلسلة اتفاقيات وقف إطلاق النار الفاشلة - حتى بعض الشخصيات التي تدير الدبلوماسية السورية يوما بيوم، لم يسمع قط عن مبررات الإدارة الأميركية شديدة الحذر تجاه قضيتهم.
ولا تزال وزارة الدفاع الأميركية تنتهج المنهج الحذر حول الدخول في حرب جديدة بمنطقة الشرق الأوسط عندما لا تستطيع السيطرة على نتائجها. وربما يمنحها مرور الوقت بعض الخيارات.
في بدايات الصراع، قال بعض من الدبلوماسيين التابعين لكيري في الأشهر الأخيرة، إنه كان من الممكن «قصف» مدارج الطائرات التي تستخدمها القوات الجوية للنظام السوري، مما يجعل من المستحيل على الطائرات الحربية السورية الإقلاع وإسقاط البراميل المتفجرة. وقد استخدمت الولايات المتحدة نفس التكتيك منذ الحرب العالمية الثانية، ومن غير الواضح السبب الذي منعها من استخدامه في سوريا.
ودعت هيلاري كلينتون، عندما كانت تشغل منصب كيري من قبل، إلى تسليح المعارضة السورية، وهو الموقف الذي انضم إليها فيه وقتها، مدير وكالة الاستخبارات المركزية آنذاك ديفيد بترايوس. ولكن أوباما كان معنيا - وعن حق، وكان كثير من الآخرين في الغرفة في ذلك الوقت - بأنه ليس هناك ضمان بأن قوات المعارضة لن تستخدم هذه الأسلحة في أغراض أخرى.
كما أشار كيري ضمنيا لزواره، أول من أمس، إلى أن دخول روسيا في الصراع سبب تعقيدات كبيرة أمام أي تدخل عسكري أميركي محتمل. حيث إن فرص المواجهات العرضية بين الجيشين، والتي قد تتحول إلى مواجهات قاتلة، هي فرص كبيرة ومعتبرة. وتحدث كيري مرة أخرى في ذلك اليوم، إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف، محاولا العثور على سبيل من أجل فرض وقف إطلاق النار والذي أعلنه الوزيران في فبراير (شباط) الماضي. وتريد روسيا وجود درجة من التنسيق مع القوات الأميركية، بما في ذلك الاستخدام المشترك للمعلومات الاستخبارية، وهو الأمر الذي ترفضه وزارة الدفاع الأميركية.
ويعلم كيري أنه في سباق مفتوح مع الزمن. فلا يقتصر الأمر على قتل مزيد من السوريين في كل يوم، ولكن نفوذه في المفاوضات يتلاشى بمرور الوقت. وقد يراهن الأسد على إمكانية بقائه في منصبه حتى رحيل الرئيس أوباما عن البيت الأبيض.
ويصر كيري علانية، على أن الأمر ليس على هذا النحو. وردا على سؤال وجه إليه في فيينا الشهر الماضي، إذا كان الأسد يشكك في وجود «الخطة البديلة» للعمل العسكري، قال كيري: «إذا علمت أنه خلص إلى اعتقاد بعدم وجود الخطة البديلة، فهو قد خلص إلى اعتقاده هذا من دون الاستناد إلى أي أسس على الإطلاق، وربما كان اعتقاده هذا خطيرا، خطيرا للغاية».
ربما يكون الأمر كذلك، ولكن الأسد، حتى الآن على الأرجح، قد قرأ برقية قناة المعارضة، واستمع لحجج بايدن التي أفاد فيها بأن هيئة الأركان المشتركة الأميركية، لا تعتقد بوجود خيارات عسكرية قابلة للتنفيذ من أجل إجباره على التفاوض في عملية السلام.
وفي الوقت الذي غادر فيه الموظفون الثمانية المعارضون مكتب كيري، لا يبدو أن شيئا قد حدث. فلقد وافقوا جميعا على سرية تفاصيل هذه المحادثة مع الوزير. ولكنهم وافقوا أيضا على أنها ليست الكلمة الأخيرة التي سوف يقولونها بشأن الاستراتيجية التي أحبطت الجميع - المعارضين، ووزير الخارجية، والرئيس على حد سواء - بألا شيء ينجح في حل الأزمة السورية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.