مراكش.. وجهة للسياح من جميع الفئات

بعد أن صنفتها مواقع عالمية متخصصة ضمن «الأفضل» و«الأغلى»

الأسواق الشعبية تجذب السياح من جميع الجنسيات  ({الشرق الأوسط})
الأسواق الشعبية تجذب السياح من جميع الجنسيات ({الشرق الأوسط})
TT

مراكش.. وجهة للسياح من جميع الفئات

الأسواق الشعبية تجذب السياح من جميع الجنسيات  ({الشرق الأوسط})
الأسواق الشعبية تجذب السياح من جميع الجنسيات ({الشرق الأوسط})

بعد أن بوأها موقع «تريب أدفايزر»، المتخصص في الرحلات والسفر، صدارة أفضل الوجهات السياحية العالمية، صنف، أخيرًا، موقع «هوبا»، المتخصص في الإحصائيات عن أرخص الوجهات السياحية وأغلاها، مدينة مراكش المغربية كرابع أغلى وجهة سياحية في العالم، وذلك ضمن لائحة ضمت 46 مدينة، تصدرتها دبي الإماراتية، كأغلى وجهة سياحية، بنحو 407 دولارات، وتذيلتها العاصمة المجرية بودابست، كأرخص وجهة سياحية، بنحو 58 دولارًا. واستندت الدراسة، في تصنيفها، على جملة معايير لقياس التكلفة، تشمل متوسط سعر الليلة الفندقية، وأجرة سيارات الأجرة لكل ثلاثة كيلومترات، فضلا عن سعر وجبة أكل لشخصين، وسعر كوب قهوة.
ويرجع حلول مراكش في المرتبة الرابعة لأغلى الوجهات العالمية، بـنحو 318 دولارا، إلى ارتفاع متوسط سعر الليلة الفندقية بها، الذي ناهز، حسب الدراسة، 222 دولارا لليلة الواحدة، فيما بلغ مقابل التنقل بسيارة الأجرة نحو 3 دولارات، وسعر الوجبة الواحدة لشخصين نحو 15 دولارا، وكوب قهوة نحو دولارين.
وحيث إن تصنيف المدينة الحمراء كرابع أغلى وجهة عالمية يمكن أن يدفع كثيرًا من عشاق السياحة والسفر عبر العالم إلى الإحجام عن اختيارها وجهة سياحية واستبدالها بوجهة أخرى، يتم تقديمها على أنها أرخص، على مستوى مصاريف وتكاليف السياحة، مقارنة بالمدينة المغربية، تجدر الإشارة إلى أن المعطيات التي قدمها موقع «هوبا» لا تكشف وجهي العملة بالنسبة لمراكش، بشكل يقدمها كواحدة من أغلى الوجهات السياحية العالمية ومن أرخصها، في نفس الوقت، وهو ما من شأنه أن يوفر فرصة الاستمتاع بسحر المدينة المغربية للجميع، سواء كانوا من «فاحشي» الثراء أو من محدودي الدخل وغير القادرين على تحمل التكاليف المرتفعة، سواء تعلق الأمر بالإقامة أو التنقل أو الأكل والشرب. ففي مراكش المغربية، وعلى خلاف ما قد تتركه مثل هذه التصنيفات من انطباعات، فالسياح، على اختلاف طبقاتهم، سواء نزلوا في فنادق تتراوح أسعارها لليلة الواحدة والفرد الواحد بين 10 دولارات و40 ألفا لليلة الواحدة، تجدهم يضربون موعدا بساحة جامع الفنا لشرب كأس عصير بأربعة دراهم (نصف دولار)، أو التفرج على حلقات الحكي والغناء والملاكمة مجانًا، وربما الجلوس إلى نفس طاولة الأكل، بالمطاعن الشعبية التي توفرها الساحة الشهيرة بأسعار في متناول الجميع.
* الإقامة.. بين 10 دولارات و40 ألف دولار لليلة الواحدة
في مراكش، يمكن للسائح أن يقضي ليلته في فندق يتطلب مقابلا قد يتراوح بين أربعين ألفا وألفي دولار لليلة الواحدة، كما هو الحال بالنسبة لفنادق «رويال منصور» و«المامونية» و«نامسكار» و«السعدي»، مثلا، كما يمكنه أن يقضي ليلته في فندق شعبي لا يتطلب أكثر من 10 دولارات، وفي قلب المدينة القديمة، على بعد خطوات من ساحة جامع الفنا الشهيرة.
هكذا هي «سوق» الإقامة في مراكش، أنواع وأشكال. ذلك يعتمد على اختيارات وجيب السائح. وما بين الإقامة في فندق باذخ وفندق شعبي، تتأكد المسافة بين الفقر والغنى، كما يتم التمييز بين الغنى «العادي» والثراء الفاحش.
وفيما تضمن الإقامات الفاخرة للسائح أكلاً شهيًا، وفق لائحة تقترح عليه طعامًا، حسب جنسية المطبخ، حيث يمكنه أن يطلب طعامًا مغربيًا أو فرنسيًا أو حتى صينيًا، تنعدم في الفنادق غير المصنفة مثل هذه الخدمات.
وفيما تقترح الإقامات الفاخرة على السائح جميع وسائل الراحة، بداية من الحمام والمسبح، وصولا إلى قاعات الرياضة والتدليك وملاعب التنس والغولف، وغيرها، تكاد تنعدم في بعض الفنادق غير المصنفة، حتى «بيوت الراحة».
وفيما تقترح الفنادق الفاخرة على السائح كل الخدمات المرتبطة بالتلفزيون وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة، من هاتف وإنترنت، وغيرها، تنعدم في الفنادق غير المصنفة مثل هذه الخدمات.
وفيما تكتفي الفنادق غير المصنفة باقتراح غرف نوم «حافية»، تغرق الفنادق الباذخة، وخاصة تلك التي توجد خارج التصنيف، في سيل من الخدمات، التي لا تتطلب من المقيم إلا أن يكون قادرًا على الأداء، ولذلك توجد فيها شبابيك لصرف العملات ومحلات لبيع الملابس العصرية والتقليدية والحلي والجواهر. بل تعمل الفنادق المصنفة، وخاصة الفاخرة منها، أو التي تتوفر على عدد مهم من النجوم، على أن تمنح المقيم بها كل ما قد يخطر له على بال، حتى أنه يمكن تقسيم هذه الخدمات، التي تقترحها عليه، إلى خدمات «فوق» الأرض، من مسابح ومطاعم وأسواق، وخدمات «تحت» الأرض، كالعلب الليلية، مثلا، إلى درجة أن السائح يستطيع أن يصل هذه الفنادق، مباشرة، من المطار، ليغادرها، مباشرة، إلى بلاده، من دون حاجة إلى زيارة المدينة والاختلاط بباقي «البشر».
وفيما تنتشر أغلب الفنادق الفاخرة والمصنفة خارج سور المدينة العتيقة، توجد أغلب الفنادق الشعبية، غير المصنفة، في عمق المدينة القديمة، على بعد خطوات من ساحة جامع الفنا، حيث يتناول نزلاؤها وجبة الإفطار في «المحلات» والمقاهي القريبة، فيما تتكفل مطاعم الساحة بوجبتي الغداء والعشاء، وكل ذلك بأرخص الأثمان.
وتتوفر مراكش ما يقارب 300 فندق، منها نحو عشرين من النوع الفاخر، بينها «المامونية» و«أمان جنة» و«غولف بلاص» و«رويال منصور» و«فور سيزون». وهي فنادق تكون على شكل قصور، تشترك في أن واجب النزول بها ليس في متناول الجميع، لتبقى حكرا على أغنى الأغنياء، لذلك تجمع في دفاترها الذهبية توقيعات مشاهير السياحة والسياسة والاقتصاد والفن والرياضة والموضة، عبر العالم.
والمثير في الفنادق الفاخرة أن نزلاءها صاروا يتحدثون عنها كوجهات سياحية قائمة بذاتها، بشكل يركز الأهمية على الفندق وليس المدينة أو البلد، حيث يتباهى السائح، حين العودة إلى بلده، بقضائه أياما في فندق «المامونية»، مثلا، ويقول لمعارفه: «لقد كنت في (المامونية)»، من دون حاجة إلى ذكر المدينة أو البلد حيث يوجد هذا الفندق.
وإلى الفنادق الفاخرة، التي تبقى خارج التصنيف، نجد الفنادق المصنفة، ما بين نجمة وخمس نجوم، وهي عبارة عن فنادق سياحية، يبلغ عددها، في مراكش، نحو 150. ونجد من بين فنادق الخمس نجوم فنادق «سوفياتيل» و«ميريديان نفيس» و«أطلس مدينة» و«كنزي فرح بلاس»، مثلا، ومن فنادق الأربع نجوم فنادق «الأندلس» و«الأدارسة» و«أطلس مراكش» و«موغادور المنارة» و«موغادور أكدال»، مثلا، فيما يطلق على الفنادق غير المصنفة، لقب «الفنادق الشعبية»، والتي هي في متناول شريحة كبيرة من السياح، مغاربة وأجانب، خاصة أن أثمان النزول فيها تتراوح ما بين 10 و15 دولارًا. وعلى الرغم من أنها غير مصنفة سياحيا، فإنها مراقبة من طرف السلطات المسؤولة. كل هذا من دون الحديث عن دور الضيافة، التي يتعدى عدد المصنف منها نحو 700. أشهرها «المنزل العربي» و«قصر الشرق»، والتي يتراوح ثمن النزول فيها ما بين 50 و2000 دولار لليلة الواحدة.
* الأكل: مطاعم مراكش.. بين الغالي والرخيص
ثمة اعتقاد لدى كثير من السياح أن أفضل ما في مراكش، إضافة إلى طقسها الساحر وبناياتها الأثرية الغنية بمقوماتها الحضارية، وبنيتها الفندقية اللائقة، تبقى خدمات الأكل التي تقترحها على زوارها، لذلك فإن أكثر ما يغري زوار المدينة الحمراء المطاعم، سواء كانت فاخرة أم شعبية. لكل وجبة ثمنها، تبعًا لطبيعة وموقع وتصنيف المطعم.
وتبقى أسعار المأكولات، التي تقترحها المطاعم الشعبية، في المتناول، على عكس المطاعم الفاخرة، التي هي إما تابعة للفنادق، أو مستقلة بذاتها. ومن بين أشهر المطاعم الفاخرة، في مراكش، نجد «قصر سليمان» و«دار الزليج» و«دار موحى» و«الفاسية». أما عناوين المطاعم الشعبية فتتوزعها مختلف أزقة وساحات المدينة، بداية من مطاعم ساحة جامع الفنا، وصولا إلى محيط شارع جليز، حيث «سلسلة» مطاعم «بجكني» و«عند الأمين».
وتشترك المطاعم الشعبية في تقديم مختلف المأكولات المغربية الشهيرة، بداية من المشويات، وانتهاء بالطاجين والطنجية. وإذا كانت المطاعم الفاخرة تكتفي، من بين زوار مراكش، بالأغنياء والميسورين، فقط، فإن المطاعم الشعبية تفتح أبوابها أمام الفقراء والأغنياء، على حد سواء. بل إن المقيمين الأجانب وسياح المدينة صاروا يميلون أكثر إلى المطاعم الشعبية، خاصة بعد أن اقتنعوا بجودة خدماتها ورخص أسعار وجباتها، وسهر المسؤولين على مراقبتها، لذلك يرى البعض أن المطاعم الشعبية هي أكثر رحمة وإنسانية وعدالة ومساواة بين البشر من المطاعم الفاخرة.
وتقترح مطاعم ساحة جامع الفنا، مثلا، مأكولاتها من العصر حتى ساعات الصباح الأولى، بحيث لا يكون لقائمة الطعام والمشويات سقف محدد يضبط طبيعة الوجبات: إنها سوق أكل تحتمل كل أصناف المأكولات المغربية. بعضها مألوف وبعضها غريب يثير دهشة السياح الذين يزورون الساحة لأول مرة، لذلك يقال عنها إنها توفر للزوار «الأكل العشوائي»، حيث يمكن لمعدتك أن تمتلئ عن آخرها بثمن يتراوح بين عشرة دراهم وخمسين درهما.
* عصير وشاي منعنع
بعيدًا عن المقاهي «الزجاجية» التي صارت تنبت بين الشهر والآخر في هذا الشارع أو ذاك، من المدينة الحمراء، تصر مقاه أخرى على الوقوف في وجه إعصار التحولات المتسارعة، التي طالت البشر والشجر والحجر، محافظة على الشكل واللون والمضمون نفسه. ويمكن القول إن مقاهي «فرنسا» و«أركانة» و«كلاصيي»، الموجودة في محيط ساحة جامع الفنا، أشهر ساحات مدينة مراكش، بل والمغرب كله، عنوان بارز لـ«حرب المقاهي» في المدينة الحمراء.
وإضافة إلى قيمتها الرمزية، التي حولتها إلى ما يشبه «المَعلَم التاريخي» في «المدينة الحمراء»، تواصل هذه المقاهي تقديم الشاي المنعنع لروادها، تلخيصا لبساطة تحتفظ للمكان بدفئه الإنساني. ورغم قيمة وجمالية المشهد البانورامي، المفتوح على ساحة جامع الفنا ومنظر الغروب الممتد على ارتفاع صومعة الكتبية، وفضلا عن مذاق كؤوس الشاي المنعنع والطواجن المغربية وأطباق الكسكس، في مطاعمها، فإن الأسعار تبقى في متناول الجميع. الشيء الذي يؤكد أن الأصيل تبقى له فرادة التاريخ ودفء المكان.. ومزية الرأفة بجيوب الزبناء.
التنقل: عربات مجرورة سيارات أجرة وحافلات سياحية
يوجد بمراكش أسطول مهم من سيارات الأجرة، الكبيرة والصغيرة: للأولى لوائحها وللثانية عداداتها. فيما تقدم العربات المجرورة والحافلات السياحية المكشوفة للسائح فرصة التجول والتعرف على المدينة المترامية الأطراف والغنية بمؤهلاتها ومزاراتها السياحية.
ويلخص التنافس الشديد بين عربات النقل المجرورة بفرس واحد أو اثنين، أو ما يعرف باسم عربات «الكوتشي» وحافلات النقل السياحي وسيارات الأجرة، صورة مصغرة عن طبيعة وشكل التحولات المتسارعة التي تعيش على إيقاعها مراكش، عاصمة السياحة في المغرب. وتجر عربات «الكوتشي» خلفها تاريخا، كما تتميز بشكلها الجمالي وترتبط في أذهان السياح بصوت حوافر الخيل وصهيلها، وهي تجول بركابها في شوارع ودروب وساحات المدينة، حيث لا تخلو الجولة من طابع رومانسي.
من جهتها، تلبي الحافلات المكشوفة، المخصصة للنقل السياحي، رغبات السياح لزيارة الأمكنة السياحية المعروفة والمشهورة بالمدينة. ومن مميزات هذه الحافلات أنها مجهزة بنظام استماع فردي متعدد اللغات يقوم على صوت رقمي من ثماني لغات، هي العربية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية والإيطالية واليابانية والبرتغالية.
ونظرا لطبيعتها الدافئة، يفضل عدد كبير من السياح المشي، الذي يمكنهم من الاستفادة من منافعه الصحية، والتعرف على معالم المدينة براحة أكبر، فضلا عن مزية إراحة الجيب من تكاليف التنقل.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».