مصر: المحققون ينتهون خلال ساعات من معالجة تلفيات ذاكرة الطائرة المنكوبة.. والقاهرة وباريس تترقبان

صرف 25 ألف دولار دفعة أولى لأسر الضحايا وبدء إصدار شهادات الوفاة

الصندوق الذي يحتوي على التسجيلات الصوتية للطائرة المصرية المنكوبة
الصندوق الذي يحتوي على التسجيلات الصوتية للطائرة المصرية المنكوبة
TT

مصر: المحققون ينتهون خلال ساعات من معالجة تلفيات ذاكرة الطائرة المنكوبة.. والقاهرة وباريس تترقبان

الصندوق الذي يحتوي على التسجيلات الصوتية للطائرة المصرية المنكوبة
الصندوق الذي يحتوي على التسجيلات الصوتية للطائرة المصرية المنكوبة

أعلنت شركة «مصر للطيران»، وهي الشركة المالكة للطائرة «إيرباص 320» التي سقطت فوق البحر المتوسط في مايو (أيار) الماضي، التوصل لاتفاق مع شركات التأمين على صرف 25 ألف دولار أول دفعة لأسر ضحايا الطائرة، في وقت تترقب فيه القاهرة وباريس ظهور نتائج تحليل ذاكرة الرحلة رقم «804» بعد أن أعلن فريق التحقيق أنه سيتم الانتهاء من عمليات معالجة تلفيات وحدتي الذاكرة بالصندوقين الأسودين خلال ساعات.
وقال مصدر مسؤول في لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة إن المحققين المصريين سيكملون في غضون الساعات القليلة المقبلة إصلاح وحدتي الذاكرة في الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، وهو أمر من شأنه أن يساهم في كشف غموض تحطمها فوق مياه البحر.
ويسجل أحد الصندوقين الأسودين في الطائرات المحادثات داخل قمرة القيادة، بينما يسجل الصندوق الثاني بيانات الرحلة. وتم انتشال الصندوقين الأسودين للطائرة من البحر المتوسط الأسبوع الماضي. وقال المحققون حينها إن الأجهزة في الصندوقين تعرضت لأضرار بالغة وتحتاج لإصلاح قبل أن يتم نقل البيانات منها.
وكانت طائرة الرحلة «804» التابعة لـ«مصر للطيران» تحطمت وهي في طريقها من باريس إلى القاهرة، مما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها، وعددهم 66 شخصا، بينهم 30 مصريا، و15 فرنسيا.
وقال المصدر الذي تحدث إلى وكالة «رويترز» إن الإصلاحات ستنتهي «خلال ساعات» بعدها ستتمكن اللجنة من معرفة «ما إذا كان سيتم تفريغ المعلومات بطريقة سهلة منهما أم لا».
وإذا تم إصلاح مسجل محادثات قمرة القيادة بنجاح، فمن المفترض أن يكشف عن المحادثات التي تبادلها الطياران وأي أصوات من أجهزة الإنذار في القمرة وأدلة أخرى مثل أي ضوضاء صادرة عن محرك الطائرة، وهو أمر تترقبه كل من القاهرة وباريس لكشف غموض الحادث.
وتسعى مصر وفرنسا للوقوف على حقيقة ما جرى للطائرة المنكوبة، لكن القاهرة تأمل أن تعزز التسجيلات موقف طياريها وأسطولها الجوي، لتجنب ضربة ثالثة لقطاع الطيران بعد حادث تحطم الطائرة الروسية أواخر العام الماضي مما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها في هجوم أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه، وحادث اختطاف رجل يرتدي حزاما ناسفا مزيفا لطائرتها في مارس (آذار) الماضي.
وعثرت فرق البحث على حطام الطائرة المنكوبة قبالة سواحل الإسكندرية، فيما تنازع الحادث روايتان لتفسير أسبابه، الأولى رجحتها القاهرة واعتمدت فرضية وجود عمل إرهابي مما يعني وجود اختراق أمني في مطار «شارل ديغول» الذي انطلقت من الطائرة في طريقها للقاهرة.
لكن الرواية الثانية التي اعتمدتها تقارير إعلامية غربية سعت لترجيح وجود خطأ فني أو بشري لتبرير الحادث الذي وجه ضربة جديدة للاقتصاد المصري الذي يعاني قطاعه السياحي من الركود منذ تحطم طائرة روسية فوق سيناء أواخر العام الماضي.
وسبق أن رجح مسؤولون مصريون فرضية أن يكون العمل الإرهابي وراء تحطم الطائرة، كما نفت «مصر للطيران» وجود أي خلل في محركات الطائرة، مؤكدة القيام بكل إجراءات التأمين والصيانة لها بشكل دوري.
وكانت لجنة التحقيق قد أكدت أن الصور الرادارية التي وردت إلى لجنة التحقيق من القوات المسلحة المصرية والخاصة بمسار الطائرة قبل وقوع الحادث، أشارت إلى حدوث انحراف للطائرة يسارا عن مسارها وقيامها بالدوران يمينا لدورة كاملة، متفقة مع ما جاء بصور الرادارات اليونانية والإنجليزية، وأضافت: «مع الأخذ في الاعتبار بأنه لا يمكن الاعتماد على تلك المعلومات بمعزل عن السياق العام للتحقيق».
ويشارك في التحقيقات بالإضافة إلى الجانبين المصري والفرنسي، ممثل من مجلس سلامة النقل الأميركي (NTSB)، باعتبار أن الولايات المتحدة الأميركية هي الدولة الصانعة للمحركات. ومحركات الطائرة من إنتاج شركة «برات آند ويتني» الأميركية. وغالبا ما يتم دعوة الدولة التي تصنع فيها المحركات للمشاركة في التحقيق في حوادث الطائرات رغم أن ذلك ليس إلزاميا.
وفي غضون ذلك، قال صفوت مسلم، رئيس «الشركة القابضة لمصر للطيران»، إنه «تم الاتفاق مع شركات التأمين على صرف مبلغ 25 ألف دولار تعويضا مؤقتا لأسرة كل راكب من ضحايا الطائرة، لحين إجراء التسوية الخاصة لإصدار القيمة الكاملة للتأمين وفقا للقواعد المتعارف عليها عالميا للتأمين».
وأضاف مسلم أن «مبلغ الخمسة وعشرين ألف دولار هو تعويض مؤقت، وفقا لمقاييس التأمين العالمية، وسيصرف للجميع بمن فيهم طاقم الطائرة»، لافتا إلى أن السلطات المصرية ستبدأ في إصدار شهادات وفاة للضحايا من مجلس الوزراء خلال الـ48 ساعة المقبلة.
ودشنت شركة «مصر للطيران»، السبت الماضي، موقعا إلكترونيا لخدمة ذوي ضحايا الطائرة، وقالت إنه «يهدف، إلى جانب وجود وسائل التواصل الأخرى، لخدمة أسر الضحايا وتيسير سبل الاتصال معهم لإخطارهم بأي تطورات جديدة بشأن الحادث والتحقيقات الخاصة به».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.