كويمان.. الطريق إلى إيفرتون ليس مفروشًا بالحرير

المدرب الهولندي يراهن على نجاحه في ساوثهامبتون.. لكن مزيدًا من الضغوط في انتظاره

كويمان يستعرض قميص إيفرتون بعد توقيع عقد تدريبه للفريق (رويترز)
كويمان يستعرض قميص إيفرتون بعد توقيع عقد تدريبه للفريق (رويترز)
TT

كويمان.. الطريق إلى إيفرتون ليس مفروشًا بالحرير

كويمان يستعرض قميص إيفرتون بعد توقيع عقد تدريبه للفريق (رويترز)
كويمان يستعرض قميص إيفرتون بعد توقيع عقد تدريبه للفريق (رويترز)

جاءت الرؤية التشاؤمية لرونالد كويمان عند انتقاله لتدريب ساوثهامبتون في 2014 من أنه قَبل مهمة صعبة في ضوء معاناة الفريق من نضوب المواهب، إثر مغادرة معظم المتميزين لأندية أكبر شهرة، وتداعي الأمور داخل وخارج الملعب، وكان الأمر أشبه بالإبحار بزورق غير مؤهل.
لكن المدرب الهولندي نجح في صناعة فريق قوي قادر على التحديات، في قفزة جعلت كل المراقبين يضعونه ضمن مصاف أبرز مدربي الدوري الممتاز.
الآن يستعد كويمان للانتقال لنادٍ صاحب جماهيرية عريضة وإمكانيات أكبر من ساوثهامبتون، غير أنه قد يدرك سريعًا أن الميزانية الكبيرة التي سيجنيها له إيفرتون سوف تجلب عليه المزيد من الضغوط.
من الواضح أن المناخ في إيفرتون احتفالي، وذلك عقب أيام من نهاية المفاوضات بالتعاقد مع كويمان كبديل للإسباني روبرتو مارتينيز. وبعد أن سمح مارتينيز بأن تتحول سيطرته على مقاليد الكرة إلى تصلب في الرأي وعدم قبول الآخر، ثبت في النهاية أن المدرب الإسباني غير ذي جدوى كبيرة في إيفرتون، والآن بات ليدهم مدرب أظهر مقدرة على المحافظة على قدر من التوازن بين الدفاع والهجوم خلال الفترة المبهرة التي قضاها في ساوثهامبتون.
الطريقة التي تخطى بها كويمان التوقعات في الموسمين الماضيين زادت من رصيده وسمعته، وهذا ما يفسر سعي إيفرتون للتعاقد معه.
جاء اندفاع ساوثهامبتون الأخير لإنهاء الموسم في المركز السادس بفوزه على ليفربول، ومانشستر سيتي، وتوتنهام هوتسبير ليظهر أن الفريق عاقد العزم على الذهاب للدوري الأوروبي الموسم المقبل. وجاءت مواجهة فريق آرسنال في اليوم التالي لأعياد الميلاد بديسمبر (كانون الأول) الماضي لتؤكد التهديد الهجومي لفريق كويمان، في حين أن الفوز اللاحق بنتيجة 1 – صفر على مانشستر يونايتد بملعب أولد ترافورد بين قدراتهم ونجاحهم في شن الهجمات المرتدة.
إذا نظرنا من بعيد، فإن ترتيب ساوثهامبتون كان محفوفا بالمخاطر عند وصول كويمان، بعد خسارة المدرب موريسيو بوكتينيو المنتقل لفريق توتنهام، تعمقت المخاوف ببيع النادي لكالوم تشامبرز، وريكي لامبرت، وديجان لوفرين ولوك شو، نظير مبلغ إجمالي 88.5 مليون جنيه إسترليني، وكلها كانت مؤشرات لعودة ساوثهامبتون لدوري الدرجة الثانية، غير أن الفريق أنهى الموسم في الترتيب السابع.
لكن المهاجم لا يستطيع إنهاء الهجمة في حال لم تصله التمريرة الأخيرة بشكل صحيح. فإذا كان صحيحا أن قوة ليونيل ميسي أمام المرمى حسنت من تمريرات تشافي وأندريس أنييستا، فمن الصحيح أيضا أن إبداعهما أيضا قد رفعه إلى عنان السماء. وبنفس المنطق، في حين يعتبر النجاح مع كويمان نجاحا كبيرا بعد أن حل محل بوكتينيو، فإنه لم يكن لينجح من دون الأساس الذي وضعه ساوثهامبتون. فقد استطاعوا توفير نظام يافع، ومناخ تدريبي فني عالٍ، ومجلس إدارة رفيع المستوى، وفريق توظيف وضع قاعدة لفريق قوي. كان ساوثهامبتون هنا من قبل وأظهر التاريخ أنهم تعاملوا مع الهزات بأن عادوا أقوى من ذي قبل.
وفي هذا السياق، من الطبيعي أن تتعجب مما إذا كان كويمان قد اتخذ القرار الصحيح بالرحيل عنهم إلى فريق إيفرتون. قد لا تكون مفاجأة كبيرة أن تقول إنه لم يوحِ أن ما يقوم به يندرج في إطار مشروع طويل المدى، ولم يخف الرغبة في تدريب برشلونة يوما ما، وأثار ما قاله الشكوك حول ما إذا كان ذلك يعني التفكير في الرحيل.
من المرجح أن يتسبب ذلك في اشتعال الجدل لدى جماهير الفريقين، ومن الممكن أن نسامح ساوثهامبتون لسؤاله عن سبب رحيل كويمان عنهم، والذهاب إلى فريق حل خلفهم بخمسة مراكز وبفارق أقل 16 نقطة في جدول المسابقة الموسم الماضي. استنادا إلى هذه الأرقام فقط، نستطيع أن نلحظ تراجعا إلى الخلف، إذ إن أهم لاعبي ساوثهامبتون وقعوا بالفعل على عقود طويلة الأمد، وهناك بطولة أوروبية يجب النظر لها.
كان يتبقى على عقد كويمان عام واحد، ولم يبد رئيس نادي ساوثهامبتون رالف كروغر تفاؤلا بأن المفاوضات بشأن تمديد العقد ستنتهي بشكل حسن، عندما تقابل مع الإعلام في أبريل (نيسان).
كانت هناك مشكلة جاثمة في الصورة، فقد ذاعت سمعة سلبية عن ساوثهامبتون بأن النادي يبيع لاعبيه، وأن المهاجم البارز ساديو ماني سيباع لنادي ليفربول مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، ومن حق كويمان أن يتساءل إن كان بمقدوره أن يغير من هذا الوضع.
بالطبع خطوة كويمان لإيفرتون هي نحو نادٍ أكبر، وفي ضوء فوز نادي ليستر سيتي بلقب الدوري العام سيكون من الخطأ القول إن ساوثهامبتون في قمة قوته، لكن الإمكانيات المتاحة في ملعب إيفرتون ضخمة. لقد فاز إيفرتون بتسعة ألقاب دوري، وخمسة ألقاب كأس إنجلترا، وكأس أوروبا للأندية أبطال الكأس، مقابل لقب كأس إنجلترا وحيد عام 1976 لساوثهامبتون. تاريخ إيفرتون مغرٍ، وقاعدته الجماهيرية عريضة، وعطشهم للبطولات كبير.
ما رجح كفة كويمان هو الوعد الذي تلقاه من مالك غالبية أسهم نادي إيفرتون، فرهاد موشيري، بأنه سيضع أمامه أعلى ميزانية تنقلات في تاريخ النادي، بالإضافة إلى عائدات بيع المهاجم روميلو لوكوكو، واحتمال بيع المدافع جون ستونز. وعلى الرغم من أن التدعيم مطلوب في الكثير من المجالات، فإن وجود روس باركلي، وجيمس ماكارثي، وجيرارد ديلوفو، وسيموس كولمان جعل كويمان يقف على أرض صلبة.
غير أن العشب ليس أخضر دائما، وعلى كويمان توخي الحذر، إذ إن الميزانية الكبيرة تعني احتمالات ضغط إضافي. فالتخلص من النخبة لن يكون سهلاً، وفى حال استثمر إيفرتون بشكل كبير، فقد ينفذ الصبر في حال لم ينجز كويمان المطلوب منه بسرعة. قد يشير ساوثهامبتون إلى أنه لم يكن ماهرًا بالشكل الكافي عندما تعرض لثماني هزائم في عشر مباريات في الشتاء الموسم الماضي، لكن كيف سينظر جمهور إيفرتون إذا حدث للفريق تدهور مماثل؟!
إن فرصة إنفاق المال تعطي فرصة عظيمة للنجاح، وها قد أظهر إيفرتون عن عضلاته ماليًا، لكن لا يجب أن ننسى مدى التطور الذي شهده ساوثهامبتون بفضل الرؤية المبنية على التخطيط الدقيق والتطور التدريجي المدروس. بالتأكيد إن إيفرتون مكان جيد للمدرب لكي يطور من نفسه، ويومًا ما سيجدون شخصًا وفيًا يستمر معهم للنهاية.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».