لبنان: تيار «المستقبل» يعد لمؤتمر عام أجّله سنتين في مسعى لاحتواء الإخفاقات الأخيرة

الحريري يزور طرابلس قريبًا للملمة الصفوف التي شقها الوزير ريفي

لبنان: تيار «المستقبل» يعد لمؤتمر عام أجّله سنتين في مسعى لاحتواء الإخفاقات الأخيرة
TT

لبنان: تيار «المستقبل» يعد لمؤتمر عام أجّله سنتين في مسعى لاحتواء الإخفاقات الأخيرة

لبنان: تيار «المستقبل» يعد لمؤتمر عام أجّله سنتين في مسعى لاحتواء الإخفاقات الأخيرة

تنكب اللجان التحضيرية في تيار «المستقبل» في لبنان على الإعداد للمؤتمر العام الذي أجّل لعامين متتاليين على خلفية غياب رئيس التيار النائب سعد الحريري عن البلاد. ويجري التعاطي مع المؤتمر كـ«استثنائي» في ظل ظروف «استثنائية» يمر بها «التيار الأزرق» منذ مطلع العام الحالي، كان آخرها الخسارة التي مني بها في الانتخابات البلدية في أحد معاقله الرئيسية في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، على يد أحد أبرز «صقوره» السابقين وزير العدل المستقيل أشرف ريفي.
الحريري يعد خلال الأيام القليلة المقبلة لزيارة طرابلس للمشاركة في حفل إفطار كبير جار التحضير له، وتتخذ هذه الحركة أهمية لافتة؛ كونها تندرج بإطار المساعي التي يبذلها للملمة الصفوف التي تفرّقت بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة، خصوصا في ظل الزعامة المتنامية لريفي في مدينته على حساب تراجع زعامة الحريري. ويقر النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، القيادي في التيار وعضو المكتب السياسي واللجنة التحضيرية للمؤتمر العام، بأن هذا المؤتمر «استثنائي»، لكن بظروفه وليس بانعقاده على اعتبار أنه كان يجب أن ينظم في عام 2014 بعدما انعقد المؤتمر الأول في عام 2010. وارتؤي تأجيله لعامين متتالين. ويقول علوش في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن «المستقبل في حاجة إلى إعادة تجديد النخب المنتسبة إليه وتصويب سياسات المرحلة وتصويبها ورسم سياسات جديدة للسنوات الـ4 المقبلة». ويضيف «أي سياسي لا يطوّر عمله سيصطدم بإشكاليات، من هنا وجب على تيارنا اللجوء إلى التطوير اليومي والأسبوعي والشهري بناء على المستجدات، خصوصا في المسائل التي تتخذ بعدا تكتيكيا، باعتبار أن تلك الاستراتيجية قد لا تستوجب تعديلات مستمرة».
ويشدّد علوش على أن تجربة اللواء ريفي لا تبرر الحديث عن انشقاقات داخل التيار، باعتبار أنّ ريفي أصلا لا ينتمي تنظيميا إلى «المستقبل»، لافتا إلى وجوب التفرقة بين المنتمين والحزبيين وبين أولئك الحلفاء للتيار. ويستطرد «لا شك أن المؤتمر سيتطرق إلى كل هذه الملفات، لكن الأبرز يبقى الموضوع التنظيمي والورقتان الاقتصادية والسياسية».
وفعلاً، اتخذ المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل» الأسبوع الماضي خلال اجتماعه برئاسة رئيسه سعد الحريري قرارا بعقد المؤتمر العام للتيار في 15 و16 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وفي نهاية الاجتماع عبّر الحريري عن أمله في «أن يشكل المؤتمر والأعمال التحضيرية له فرصة جديدة وبناءة في مقاربة تطلعات القاعدة الشعبية، وبخاصة الشباب والمرأة، وأن يفتح ذلك كله آفاقا واعدة للعمل السياسي والاجتماعي في التيار وفي المجال الوطني العام». وبحسب راشد فايد، عضو اللجنة التي شكلها المكتب السياسي للتحضير للمؤتمر العام، فإن اللجنة تضم عددا من الأشخاص من المكتب السياسي وعددا آخر من أعضاء الهيئة التنفيذية. وستعقد اجتماعات دورية لتنجز المهام المطلوبة منها، ليعود عندها المكتب السياسي للاجتماع والاطلاع على النتائج التي ستتقدم بها، مشيرا إلى أن «من أبرز مهام هذه اللجنة مراجعة الأوراق الداخلية وبالتحديد تنقية اللائحة الاسمية للأعضاء، وتحديد شروط الانتساب والعضوية، والتأكيد على المسار الديمقراطي للعملية الانتخابية للمكتب السياسي الجديد».
ويشدد فايد لـ«الشرق الأوسط» على أنه خلال المؤتمر العام فإن «كل الملفات والموضوعات ستكون خاضعة للنقاش، شرط أن تكون جزءا من جدول الأعمال المقترح»، متابعًا أنه «وبعد انتهاء اللجنة التحضيرية من إعداد الأوراق الداخلية التنظيمية، فهي ستنصرف لتحضير الأوراق السياسية، التي سيتم وضعها بالتنسيق والتعاون المباشر مع القاعدة الشعبية».
ويعتبر فايد أنه «رغم كل التصويب على وجوب تعديل السياسات الأخيرة التي اتبعها تيار «المستقبل»، فإننا لا نرى أن النهج السياسي في حاجة إلى التعديل، بل للتمتين والتعزيز والرد على الملاحظات المطروحة وتفنيدها... لا أحد يناقشنا بالاستراتيجيات العامة للتيار بموضوع السيادة والحرص على الحوار والتمسك بالاعتدال وبلبنان أولا. قد يكون هناك اختلاف بالدرب الواجب أن نسلكه للوصول إلى تحقيق هذه الأهداف، لكن في النهاية كل الدروب توصل إلى روما».
هذا، وتنطلق بعض الأصوات في فريق 14 آذار من تحديد موعد المؤتمر العام لتيار «المستقبل» لتدعو للتحضير لمؤتمر مماثل لقوى 14 آذار، إلا أن مصادر قيادية في هذا الفريق قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الموضوع غير مطروح في الوقت الراهن، ومتروك للنقاش السياسي، علما بأن مجالا أصلا للربط بين مؤتمر (المستقبل) الداخلي الحزبي وبين إمكانية عقد مؤتمر يضم كل قوى 14 آذار التي تشتت في المرحلة الماضية، وخصوصا على خلفية ملف رئاسة الجمهورية بعد ترشيح الحريري رئيس تيار (المردة) سليمان فرنجية، أحد الأفرقاء الأساسيين في فريق 8 آذار لرئاسة الجمهورية مقابل ترشيح رئيس حزب (القوات) سمير جعجع رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون للمنصب نفسه». وتضيف المصادر «مشهد التحالفات السابق انقلب رأسا على عقب، وقد يصح بعد اليوم التزام تسمية ما كان يسمى بـ8 و14 آذار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».