تعز تشهد أكبر صفقة تبادل أسرى منذ بدء تحرير اليمن من الانقلابيين

الإفراج عن 78 من قوات الشرعية و113 حوثيًا > الميليشيات تعنف معتقلي المقاومة والجيش

جانب من استلام الأسرى في غرب تعز أمس («الشرق الأوسط») (رويترز)
جانب من استلام الأسرى في غرب تعز أمس («الشرق الأوسط») (رويترز)
TT

تعز تشهد أكبر صفقة تبادل أسرى منذ بدء تحرير اليمن من الانقلابيين

جانب من استلام الأسرى في غرب تعز أمس («الشرق الأوسط») (رويترز)
جانب من استلام الأسرى في غرب تعز أمس («الشرق الأوسط») (رويترز)

شهدت مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية، أمس، أكبر عملية تبادل للأسرى بين قوات الشرعية وميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح الانقلابية لنحو 201 أسير بين الطرفين.
ولعب دور الوساطة في الإفراج عن الأسرى عبر لجنة وساطة محلية مكونة من ثلاثة أسرى من قوات الشرعية ممن تم الإفراج عنهم الشهر الماضي، وفقا لمصادر متطابقة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن عبد اللطيف المرادي وهو إحدى الشخصيات البارزة الاجتماعية والمحايدة، أسهم أيضا في إتمام الصفقة، وبإشراف الصليب الأحمر.
وشملت العميلة التبادل بين الأسرى كدفعة أولى صباح أمس السبت، بتحرير 88 عنصرا من قوات الشرعية مقابل 113 أسيرا من الميليشيات الانقلابية، وذلك بالقرب من منطقة غراب شمال اللواء 35 مدرع غربي مدينة تعز. وتم الاتفاق لاحقا على الإفراج عن الأسرى الآخرين قبل صلاة المغرب.
وقال أحد الذين تم إطلاق سراحهم بأنهم «تعرضوا لتحقيقات قاسية وتعذيب عنيف في سجون الميليشيات خلال اعتقالهم، وإن بقية المعتقلين الذين لم يشملهم الإفراج ما زالوا يتجرعون مرارة الاعتقال والتعذيب العنيف».
وتعد هذه أكبر عملية تبادل للأسرى بين قوات الشرعية والانقلابين على شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، منذ بداية عمليات «عاصفة الحزم وإعادة الأمل».
ويعزز تبادل الأسرى بين الطرفين، الآمال إلى التوصل لوقف إطلاق النار بين قوات الشرعية والانقلاب في تعز الذي أعلن عنه في العاشر من أبريل (نيسان) الماضي، مع فك جميع منافذ مدينة تعز الذي تواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية حصارها المطبق على جميع المنافذ لتمنع دخول المواد الغذائية والطبية والدوائية وحتى الإغاثية وجميع المستلزمات، ما يفاقم من الوضع الإنساني الذي أصبح كارثيا في تعز.
ويأتي ذلك في ظل استمرار الميليشيات الانقلابية خروقاتها من خلال القصف المستمر على الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة مع التحشيد والدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق التي لا تزال تسيطر عليها ومحيط مدينة تعز.
ويؤكد مراقبون سياسيون لـ«الشرق الأوسط» أن عملية الإفراج التي تمت أمس بين قوات الشرعية والانقلابيين في تعز جاءت «بحسب التفاهمات بين وفد الشرعية والانقلابيين في دولة الكويت الشقيقة، حيث تستمر محادثات السلام هناك في ظل استمرار تعنت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، في الوقت الذي يستمر القتال في محافظة تعز مع عدم سيطرة الميليشيات الانقلابية على المحافظة أو المدينة بالكامل، ولجوئها إلى شن هجماتها الصاروخية وبالقذائف على الأحياء السكنية، ووصل الأمر بها إلى استهداف الأسواق المزدحمة بالسكان، وذلك كما حصل في بداية شهر يونيو (حزيران) الجاري، واستهداف الباب الكبير، وأدى ذلك إلى سقوط أكثر من 10 قتلى من المدنيين وإصابة ما يزيد على 120 آخرين».
وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري بمحافظة تعز، العقيد الركن منصور الحساني، لـ«الشرق الأوسط» إن «عملية الأسرى جرت أمس مع الانقلابيين على الإفراج عن الأسرى الذين تم أسرهم من النقاط ومن خلال عمليات الاعتقالات التي طالتهم من منازلهم، وإن هناك أسرى، إضافة إلى وساطة قبلية محايدة لعبت دور الوساطة في عملية الإفراج عن الأسرى».
وأضاف: «لقد حركت مشاورات الكويت بين وفد الشرعية وفود الانقلابيين على الشرعية، المياه الراكدة في ملف الأسرى وها هي بدأت ثمارها من خلال إطلاق الأسرى في الشهر الماضي لعدد 16 من المقاومة الشعبية و19 من الميليشيات الانقلابية، واليوم ما يقارب المائتين من الأسرى تم الإفراج عنهم، ولكن ليس هذا فحسب، بل إن المفاوضات ستستمر من أجل إطلاق جميع الأسرى المعتقلين في سجون ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح». وأكد العقيد الحساني أن «عمليات تبادل الأسرى جرت في الوقت الذي تستمر فيها ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بخروقاتها في تعز من خلال القصف بمختلف الأسلحة والمحاولات المستميتة من قبل الانقلابيين للتقدم إلى مواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطني، لكنهم لم ينجحوا في ذلك حيث حقق الأبطال تقدما بسيطا في جبهة ثعبات، الجبهة الشرقية، والزنوج، شمالا، واستطاعوا دحر الميليشيات».
وشنت الميليشيات الانقلابية هجومها الكبير على مواقع الشرعية في وادي الزنوج وتبة الدفاع الجوي وكذلك حي ثعبات شرق المدينة ومعسكر اللواء 35 في المطار القديم ومحيط السجن المركزي والضباب غرب المدينة.
كما شهدت الجبهة الشمالية من المدينة معارك عنيفة تخوضها قوات الشرعية ضد الميليشيات الانقلابية التي تستمر في مهاجمة مواقع الجيش والمقاومة واستهداف أحياء المدينة واستعادة مواقع تم دحرهم منها، وأسفرت المعارك عن سيطرت المقاومة الشعبية على معظم مناطق وادي الزنوج شمال المدينة وتراجع الميليشيات الانقلابية بعد تكبدهم خسائر كبيرة في العتاد والأرواح.
في المقابل، دشن ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز توزيع السلل الغذائية في مديرية صالة ضمن مشروع مائة ألف سلة ومائتي طن من التمور المقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، حيث وزعت لجنة الإغاثة في مديرية صالة 1249 سلة غذائية على أحياء: شولق، والدرن، وحي الزهراء، وثعبات، ومحطة صالة، والشعبة، والمنزل، والمشنة، والحوية، وبيت عطا، والسائلة وجبل الشماسي، في حين تواصل اللجنة توزيع الكمية المحددة للمديرية على بقية الأحياء السكنية الواقعة في نطاقها الجغرافي إلى جانب استكمال التوزيع في الأحياء المذكورة.
وأكد رئيس لجنة الصرف التابعة للائتلاف في مديرية صالة، علي القباطي أن «اللجنة مستمرة في توزيع حصة المديرية على أحيائها السكنية كافة حتى تستوفي الحصة المخصصة لها بالكامل» مشيرا إلى أنها تبذل قصارى جهدها لتسليم الإغاثة لجميع مواطني المديرية بهدف التخفيف من معاناتهم مع الحرص التام على أن تتم عمليات الصرف بشكل مرن».
من جانبها واصلت لجنة الإغاثة في مديريتي القاهرة والمظفر توزيع السلل الغذائية على الأحياء السكنية في المديريتين، حيث شهدت مديرية القاهرة توزيع 4789 سلة غذائية على الأحياء السكنية فيما لا تزال عملية التوزيع مستمرة، حيث تواصل اللجنة توزيع بقية حصة المديرية من الإغاثة على أحيائها السكنية من يوم غد السبت حتى تستكمل الكمية المحددة لها.
وكانت لجنة الإغاثة في مديرية المظفر قد واصلت توزيع حصة المديرية بتوزيعها 11950 سلة غذائية في الوقت الذي تواصل فيه توزيع بقية السلل من حصة المديرية على الأحياء السكنية الواقعة ضمن نطاق المديرية الجغرافي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.