اختلافات الشركاء تتوسع.. ودمشق مستاءة من الدور الروسي في حلب

تمديد اتفاق داريا رغم استهدافها بالبراميل.. والائتلاف يتهم موسكو بأنها أول من يخرق الاتفاقات

عناصر من القوات الديموقراطية في منبج (رويترز)
عناصر من القوات الديموقراطية في منبج (رويترز)
TT

اختلافات الشركاء تتوسع.. ودمشق مستاءة من الدور الروسي في حلب

عناصر من القوات الديموقراطية في منبج (رويترز)
عناصر من القوات الديموقراطية في منبج (رويترز)

جدّدت موسكو تأكيدها أن «التهدئة لا تزال سارية في مدينة حلب»، ثانية كبرى مدن سوريا وعاصمة شمالها، وأنه تم تمديد ترتيب مماثل حول بلدة داريا بمحافظة ريف دمشق. وهذا، رغم أن النظام السوري انتهك هدنة وقف إطلاق النار في حلب، التي دخلت منتصف ليل الخميس - الجمعة حيّز التنفيذ، عبر غارات جوية شنّتها طائراته الحربية على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل معارضة، ما أدى إلى مقتل سبعة مدنيين، وهو ما دفع المعارضة للردّ عليها بقصف مدفعي استهدف الأحياء الغربية الموالية للنظام.
في دمشق، أعرب مصدر قريب من النظام السوري عن استياء النظام، إزاء القرار الروسي. وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية: «الأمر ذاته يتكرر، ففي كل مرة يتقدم فيها الجيش شمال مدينة حلب ويقترب من تطويق المدينة، تتدخل روسيا لإقرار وقف لإطلاق النار بالتوافق مع الأميركيين»، مضيفا: «من الواضح أن موسكو لا تريد لنا أن نستعيد حلب». ويأتي خرق الهدنة الجديدة التي أعلنتها موسكو يوم الخميس في حلب ومدتها 48 ساعة، بعد ساعات قليلة على سريانها. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن «طائرات نظام بشار الأسد، شنّت غارات على شرق حلب ظهر اليوم (أمس)، كما قصف بالبراميل المتفجرة بعد الظهر أحياء عدة في المدينة». ومن جانبه، اتهم «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» روسيا بأنها «أول من يخرق الهدن»، قائلا: «الأحداث المتوالية سواء في ميدان القتال أو في ميدان السياسة تؤكد أن روسيا لا تعلن عن هدنة مؤقتة في سوريا إلا وتكون أول من يخترقها ويغدر بها، بطيرانها أو بطيران الأسد». وقال الائتلاف في بيان أصدره أمس إن موسكو «فقدت المصداقية والثقة، وتؤكد صعوبة كونها طرفًا مشرفًا في العملية السياسية والمفاوضات، لا سيما أنها شريكة مباشرة في الإجرام والإرهاب الممارس على أبناء الشعب السوري».
وأشار إلى أن «قوات الأسد والعدوان الروسي قامت بخرق الهدنة أكثر من 30 مرة خلال الـ24 ساعة الأولى، ما أسفر عن مقتل وجرح أكثر من 85 مدنيًا، في قصف جوي ومدفعي على أحياء حلب والبلدات المجاورة لها».
في هذه الأثناء، أعلن الناشط المعارض في حلب عبد القادر علّاف أن الهدنة التي أعلنها الروس «لم تكن إلا هدنة عبر إعلامية، لكن الواقع على الأرض مختلف». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الساعات الأولى للهدنة توقف قصف الطيران، لكن المدفعية وراجمات الصواريخ حافظت على فاعليتها وإن بوتيرة أقل، لكن الطيران ما لبث أن استأنف غاراته إلى مناطق المعارضة شرق حلب، كما نشطت القناصة في اصطياد المدنيين المارين على طريق الكاستيلو، الذين حاولوا الاستفادة من ساعات الهدنة المزعومة لشراء بعض حاجياتهم قبل موعد الإفطار». وأردف علاف: «ليست المرّة الأولى التي يكسر فيها النظام إعلان وقف إطلاق النار»، ولفت إلى أن «الثوار لا يمتلكون صواريخ أرض جو للرد على الطيران، لكنهم قادرون على التصدي لأي هجوم يحاول النظام وحلفاؤه شنّه على مناطق سيطرتهم مستغلاً الهدنة».
من جهة أخرى، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «قوات النظام شنت غارات على أحياء عدة داخل حلب، بينها قاضي عسكر والسكري وباب النيرب». وأعلن أن القصف «أدى إلى سقوط 7 شهداء من المدنيين، 3 منهم قضوا جراء قصف طائرات حربية لحي الصاخور، وقضى رجلان وامرأة إثر قصف جوي وصاروخي تعرضت له طريق الكاستيلو، بينما قضى الأخير خلال قصف الطيران الحربي لمناطق في حي السكري»، مشيرًا إلى أن المعارضة «ردت بإطلاق قذائف مدفعية على مناطق في حيي السريان الجديدة والأشرفية بمدينة حلب».
هذا، كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت الخميس دخول «نظام تهدئة حيز التنفيذ في حلب لمدة 48 ساعة، بهدف خفض مستوى العنف المسلح وتهدئة الوضع». من دون أن تحدد الجهة التي ناقشت معها موسكو هذا القرار. لكن الإعلان الروسي عن تطبيق الهدنة جاء بعد ساعات على تحذير وزير الخارجية الأميركي جون كيري من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية وتأكيده أن «على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود».
واقع حلب وهدنتها انسحب على مدينة داريا في الغوطة الغربية لدمشق، التي أعلنت وزارة الدفاع الروسية تمديد هدنتها التي بدأت مطلع شهر رمضان، غير أن الواقع يختلف كليا عمّا يعلنه الروس، إذ إن الغارات الجوية على المدينة المحاصرة زادت ثلاثة أضعاف، بعد دخول الهدنة، عما قبلها. وكشف إسماعيل الداراني، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، أن «الهدنة التي يتغنّى بها الروس في داريا، بعيدة عن الواقع». وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «طائرات النظام قصفت المدينة أمس (الأول) بـ28 برميلاً متفجرًا، ويوم الأربعاء بـ36 وقبلها كانت الضربة الكبرى، حيث قصفت المدينة بـ41 برميلاً، كل ذلك حصل تحت مظلّة الهدنة التي يتحدث عنها الروس»، مشيرًا إلى أن «الغارات أسفرت عن استشهاد سبعة أشخاص بينهم طفل». وأضاف الداراني: «قبل سريان الهدنة، كان معدّل القصف الذي يستهدف المدينة 12 برميلاً يوميًا، لكن مع دخول الهدنة بات المعدل 28 برميلاً في اليوم، وهذا دليل على أن هذه الهدن ليست إلا غطاء يمنحه الروس للنظام ليرتكب المزيد من المجازر ويدمر ما يستطيع من أحياء ومنازل فوق رؤوس ساكنيها»، موضحًا في الوقت نفسه أن «النظام لا يزال عاجزًا ميدانيًا على اختراق جبهة داريا المقفلة من كل المحاور، ولذلك هو يستعيض بالقصف الجوي».



الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

الأردن وقطر ينددان بقرار إسرائيل وقف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة

مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)
مساعدات تقدمها وكالة «الأونروا» خارج مركز توزيع في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة (رويترز)

ندّد الأردن، اليوم (الأحد)، بقرار إسرائيل تعليق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، معتبراً أنه «انتهاك فاضح لاتفاق وقف إطلاق النار»، يهدد «بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع» الفلسطيني.

ونقل بيان صادر عن وزارة الخارجية الأردنية عن الناطق باسمها، سفيان القضاة، قوله إن «قرار الحكومة الإسرائيلية يُعد انتهاكاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، ما يهدد بتفجر الأوضاع مجدداً في القطاع»، مشدداً على «ضرورة أن توقف إسرائيل استخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين والأبرياء من خلال فرض الحصار عليهم، خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك».

من جانبها، عدّت قطر التي ساهمت في جهود الوساطة لإبرام الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، أن تعليق الدولة العبرية إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر هو «انتهاك صارخ» للاتفاق. وندّدت وزارة الخارجية القطرية في بيان بالقرار الإسرائيلي، مؤكدة أنها «تعدّه انتهاكاً صارخاً لاتفاق الهدنة والقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة وكافة الشرائع الدينية». وشدّدت على رفض الدوحة «القاطع استخدام الغذاء كسلاح حرب، وتجويع المدنيين»، داعية «المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام ودون عوائق إلى كافة مناطق القطاع».

وسلمت حركة «حماس» 33 رهينة لإسرائيل خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني وانسحبت من بعض المواقع في قطاع غزة. وكان من المقرر أن تشهد المرحلة الثانية بدء مفاوضات الإفراج عن الرهائن المتبقين، وعددهم 59، بالإضافة إلى انسحاب إسرائيل تماماً من القطاع وإنهاء الحرب، بموجب الاتفاق الأصلي الذي تم التوصل إليه في يناير (كانون الثاني). وصمد الاتفاق على مدى الأسابيع الستة الماضية، على الرغم من اتهام كل طرف للآخر بانتهاك الاتفاق. وأدّت الحرب الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني وتشريد كل سكان القطاع تقريباً وتحويل معظمه إلى أنقاض. واندلعت الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بعد هجوم شنّته «حماس» على إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.