عندما قرر الاتحاد البرازيلي اللجوء إلى كارلوس دونغا من أجل إخراجه من النفق الذي دخل إليه بعد الهزيمة التاريخية المذلة ضد ألمانيا (1 - 7) في نصف نهائي مونديال 2014 على أرضه ثم أمام هولندا (صفر - 3) في مباراة المركز الثالث، كان يمني النفس بأن ينجح الرجل الملقب بـ«المحارب» في تكرار تجربته التدريبية السابقة مع منتخب السامبا.
لكن بعد أقل من عامين، وجد المنتخب البرازيلي نفسه دون مدرب بعدما أضاف خيبة أخرى إلى سجله بخروجه من الدور الأول لكوبا أميركا 2016 التي خاضها بطموح العودة إلى منصة التتويج للمرة الأولى منذ 2007 حين توج باللقب للمرة الخامسة والأخيرة بقيادة دونغا بالذات.
اعتقد البرازيليون أن منتخبهم، الفائز باللقب العالمي خمس مرات لكن آخرها عام 2002، وضع خلفه «مهزلة» مونديال 2014 وخروجه المذل على أرضه على يد غريمه الألماني من خلال الفوز على هايتي المتواضعة 7 - 1 في الجولة الثانية من الدور الأول، واعتبر بعض اللاعبين أن هذه النتيجة الكبيرة تؤكد عودة الفريق إلى مكانته الطبيعية. لكن بيرو، وبغض النظر عن صحة هدف راؤول رويدياس من عدمه، أعادت البرازيليين إلى أرض الواقع ووجهت الضربة القاضية إلى دونغا الذي اتخذ قرار التخلي عن خدماته بصحبة كافة طاقمه الفني بحسب البيان الصادر بعد اجتماع معه في مقر الاتحاد في ريو دي جانيرو بعد وصول الفريق مباشرة من الولايات المتحدة أمس.
وأعلن الاتحاد البرازيلي في بيان مقتضب: «قرر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إقالة اللجنة الفنية الخاصة بالمنتخب الوطني، منسق المنتخبات جيلمار رينالدي والمدرب دونغا وكل أفراد الفريق الفني بالكامل سيتركون مناصبهم». وأضاف: «بدأ الاتحاد البرازيلي عملية اختيار لجنة فنية جديدة للمنتخب البرازيلي».
وقد يكون نجم برشلونة الإسباني نيمار أكثر اللاعبين البرازيليين ارتياحًا لأنه «أفلت» مرة أخرى من «أسنان» وسائل الإعلام البرازيلية والمشجعين بعدما غاب عن المنتخب في البطولة القارية من أجل المشاركة في أولمبياد بلاده الذي يقام في أغسطس (آب) المقبل.
وسبق لنيمار أن تجنب إحراجًا شخصيًا آخر في مونديال 2014 بعدما غاب عن «مذلة» نصف النهائي ومباراة المركز الثالث بسبب إصابة تعرض لها في ظهره خلال الدور ربع النهائي أمام كولومبيا (1 - 2).
حينها، تضامن الجميع مع نيمار وحمل لاعبو المنتخب صورته في مباراة نصف النهائي وحتى أن رئيسة البلاد ديلما روسيف دخلت على الخط وتحدثت عن «مأساة» غياب هذا النجم، مما دفع المدرب السابق كارلوس ألبرتو باريرا الذي كان يشغل منصب المدير الفني في النهائيات العالمية، إلى مطالبة لاعبي المنتخب بالكف عن النحيب.
وخرج نيمار من تلك النهائيات «بطلاً» بعدما برر البرازيليون الخروج المذل بافتقادهم إلى خدماته الجليلة، فيما دفع المدرب لويز فيليبي سكولاري الثمن واستبدل بدونغا الذي حاول انتشال المنتخب في كوبا أميركا 2015 ومحو ذكريات نصف نهائي 2014 ومباراة ألمانيا، «الحالة الفريدة» برأي نجم فيورنتينا الإيطالي السابق.
لكن خلافا لسلفه لويز فيليبي سكولاري الذي حدد هدف التتويج في كوبا أميركا 2015، لم يبن دونغا أوهامًا عريضة على فريقه المتجدد، وقال عقب تعيينه: «لا يمكننا بيع الأوهام إلى المشجعين، بأننا سنحقق أهدافنا بين عشية وضحاها. سيكون العمل صعبًا».
وكان بطل مونديالـ1994 محقًا لأن التجربة الأولى أوصلته إلى الدور ربع النهائي من كوبا أميركا 2015 حيث اصطدمت البرازيل بباراغواي وخرجت على يدها بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1 - 1 في الوقتين الأصلي والإضافي، ولم يخض نيمار تلك المباراة بسبب طرده في الجولة الثانية من الدور الأول ضد كولومبيا.
واعتقد البعض أنها البداية وحسب بالنسبة للحقبة الثانية مع دونغا الذي آثار جدلا كبيرا في فترة ولايته السابقة على منتخب البرازيل بين 2006 و2010 بسبب أسلوبه الدفاعي غير المحبب في البلاد، فانتقد بشراسة من قبل الإعلام بيد أنه جلب لقب البطولة القارية على حساب الأرجنتين 3 - صفر في 2007 وكأس القارات 2009.
لكن هذه البداية لم تتعزز في الاختبار الثاني أو بالأحرى الثالث لأن البرازيل تعاني أيضًا في تصفيات مونديال 2018 وتحتل حاليا المركز السادس في مجموعة أميركا الجنوبية.
والآن، حان دور أدينور ليوناردو باكي ولقبه «تيتي»، مدرب كورنثيانز الذي يتجه لخلافة دونغا بحسب وسائل الإعلام المحلية التي أشارت أمس إلى أنه اجتمع لمدة ثلاث ساعات مع الاتحاد البرازيلي بحضور رئيس الأخير ماركو بولو دل نيرو لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بحسب ما أكد المسؤول الإعلامي في الاتحاد دوغلاس لوناردي. وأشار لوناردي بحسب ما نقلت عنه صحيفتا «لانسي» و«غلوبويسبورتي» إلى «أنها ليست سوى المرحلة الأولى من المفاوضات ولم يحسم أي شيء لكننا سنعاود المفاوضات سريعا. لا أعرف التفاصيل». وسيتولى المدرب الجديد كذلك قيادة فريق الشباب تحت 23 عاما في أولمبياد ريو دي جانيرو التي ستقام في أغسطس المقبل. وقاد تيتي أكبر فرق ساو باولو للفوز بدوري الدرجة الأولى البرازيلي في عامي 2011 و2015 إضافة لكأس ليبرتادوريس للأندية وكأس العالم للأندية للمرة الأولى في عام 2012.
ما هو مؤكد وبحسب ما يشعر الكثيرون في البلاد أن «شيئا لا يسير على ما يرام في البرازيل» التي تعيش منذ فترة أزمة سياسية مرتبطة بالفساد، مما أدى إلى الإطاحة بالرئيسة ديلما روسيف، وذلك إلى جانب صعوبة التحضير لاستضافة أولمبياد ريو الذي سيشكل ضربة كروية أخرى للبرازيل في حال فشلها في إحراز الذهبية الأولمبية للمرة الأولى في تاريخها.
إقالة دونغا تأكيد على أزمة الكرة البرازيلية
«المدرب المحارب» لم يستطع الصمود في تجربته الثانية مع منتخب السامبا
إقالة دونغا تأكيد على أزمة الكرة البرازيلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة