دراسة مصرية: «داعش» أصبح يلجأ للمراوغة في تنفيذ عمليات متزامنة بدول مختلفة

قالت إن التنظيم قد يفاجئنا بحادث إرهابي آخر قبل نهاية رمضان

دراسة مصرية: «داعش» أصبح يلجأ للمراوغة في تنفيذ عمليات متزامنة بدول مختلفة
TT

دراسة مصرية: «داعش» أصبح يلجأ للمراوغة في تنفيذ عمليات متزامنة بدول مختلفة

دراسة مصرية: «داعش» أصبح يلجأ للمراوغة في تنفيذ عمليات متزامنة بدول مختلفة

في حين أكد خبراء ومراقبون مصريون أن تنظيم داعش المتشدد يسعى خلال الفترة المقبلة لتنفيذ عمليات فردية، يقوم بها أفراد يعيشون في الدول الغربية، قالت دراسة مصرية حديثة إن عمليات «داعش» الإرهابية الأخيرة في ملهى أورلاندو بولاية فلوريدا في أميركا، وطعن قائد بالشرطة الفرنسية وزوجته، كسرتا «الجدار الأمني العازل» في نفوس الأميركيين والفرنسيين»، لافتة النظر إلى أن «داعش» غير من استراتيجيته باستخدام الأسلحة، حيث قتل ضحايا في أميركا بالرصاص، وفي فرنسا بالسكين.
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة إن «داعش» يسعى لبسط نفوذه على مناطق جديدة، وضم مقاتلين جدد إلى صفوف التنظيم، والهروب من نيران التحالف الدولي التي أنهكته، وقلصت من مناطق نفوذه في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن استهداف قائد بالشرطة الفرنسية وزوجته في مدينة لي موروه طعنا بالسكين، وذلك بعد ساعات من تفجيرات أورلاندو بأميركا. كما أعلن التنظيم المتطرف مسؤوليته عن تفجيرات استهدفت باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسفرت عن قتلى وجرحى. وقد سبق أن هاجم شاب عشريني في ديسمبر (كانون الأول) عام 2014 عناصر شرطة بسكين في مدينة جزيه ليه تور (وسط غرب فرنسا).
ويرى مراقبون وخبراء أن هذا التوجه يؤكد أن التنظيم لا يكل من استخدام «الذئاب المنفردة»، أو «الجنود التائهة» لتنفيذ عملياته، سواء كانت هذه العمليات بالأسلحة المتطورة أو بالطرق البدائية كالسكين أو العصا، ولا يعنيه من تنوع هذه الوسائل إلا إراقة مزيد من الدماء، وإحداث كثير من الجلبة داخل الأوساط الأوروبية، مؤكدين أن «داعش» يدعو باستمرار أتباعه في الدول الغربية إلى قتل من استطاعوا من السكان، وذلك بما توفر لديهم من الأسلحة وبأي طريقة، حتى وإن كانت «السكين»، موضحين أن هؤلاء الأتباع أغلبهم متطرفون ممن يعيشون في الغرب ويتبنون فكر «داعش» الإرهابي.
وأضافت الدراسة، التي أعدها مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أمس، أن «هذه الطرق تعد نوعا من المراوغة للأجهزة الأمنية التابعة لهذه الدول، بحيث ينوع «داعش» من أساليبه، لأن هذا التنوع يضمن له كسر نظرية التوقع عند الأجهزة الأمنية، مما يعطيه الفرصة لممارسة مزيد من الأعمال الإجرامية في حق ضحاياه، وصعوبة توقع ما تتمخض عنه أفكار في العمليات التالية.
كما أكدت الدراسة أن أحداث أميركا وفرنسا الأخيرتين تؤكدان أن أميركا وأوروبا أصبحتا دولا محتملة لتنفيذ عمليات التنظيم الإرهابية في المرحلة المقبلة، وربما يفاجئنا التنظيم بحادث إرهابي آخر قبل أن ينتهي شهر رمضان، وذلك تنفيذا لدعوة المتحدث الرسمي لتنظيم داعش أبو محمد العدناني لأعضاء التنظيم بتكثيف العمليات النوعية ضد أوروبا وأميركا.
وأوضحت الدراسة ذاتها أن الخطوات التي اتخذتها الدول الغربية للحيلولة دون وصول مقاتلين من داخل أراضيها إلى تنظيم داعش كان لها نتيجتان: إحداهما إيجابية تتمثل في خنق التنظيم بوقف الدعم البشري عنه، وإصابته بالوهن والضعف وعزله، والثانية سلبية تمثلت في أن هذه الخطوات الاحترازية من قبل الدول الأوروبية دفعت عناصر التنظيم في هذه الدول، الذين فشلوا في الوصول إلى قيادتهم المركزية، إلى تنفيذ علميات إرهابية في العمق الأوروبي.
وأوضحت الدراسة أن «داعش» يستخدم استراتيجية «المراوغة» ونقل الصراع من مكان إلى آخر، وتنفيذ عمليات نوعية متزامنة في دول مختلفة، وأنه يجب اهتمام جميع الدول في الغرب والشرق بمقابلة هذه الاستراتيجية الدموية باستراتيجية ضخمة يتكاتف فيها الجميع لمواجهة هذا التنظيم الدموي، وتنسيق الجهود العسكرية للقضاء عليه، وكذا تنسيق الجهود الفكرية والثقافية والدعوية للتمييز بين التطرف والإرهاب والإسلام السمح، حتى لا نفاجأ بعنف مضاد متمثل في «ظاهرة الإسلاموفوبيا»، خصوصا أن أكبر جالية إسلامية في أوروبا توجد في فرنسا؛ حيث يعتبر الإسلام الدين الثاني في فرنسا.
من جانبها، قالت مصادر مطلعة في مصر، إن استراتيجية «المراوغة» لـ«داعش» تقوم على انسحاب التنظيم من أماكن يتعرض فيها لضربات عنيفة وهجمات متتالية، إلى أماكن جديدة غير متوقعة من قبل خصومه؛ ليشكل بذلك منطقة نفوذ جديدة، يضمن فيها مزيدا من الأتباع، ومزيدا من الموارد المادية التي تساعده على استكمال أهدافه.
وأكدت المصادر نفسها أن استراتيجية «المراوغة» مستمدة من شعار التنظيم «باقية وتتمدد»، الذي أصبح شعارا لرؤيتهم دولة الخلافة المزعومة، التي كان قد أعلن عنها زعيم التنظيم - المزعوم - أبو بكر البغدادي في منتصف العام 2014. لافتة النظر إلى أن هذه الاستراتيجية تقوم على بناء تحالفات في أماكن مختلفة، خصوصا من النخب المتأثرة بالفكر الجهادي، التي سرعان ما تتحول إلى الفكر السياسي ومن ثم العسكري، وتصبح بين عشية وضحاها مقاتلة داخل صفوف التنظيم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».