قبل عقد من إقدامه على واحدة من أسوأ حوادث القتل الجماعي في تاريخ الولايات المتحدة، بدا مسار حياة عمر متين متجهًا نحو الصعود.
كان «متين» قد نال درجة علمية في العدالة الجنائية عام 2006، وبعد عام، التحق بالعمل لدى واحدة من أبرز شركات الحراسة الخاصة عالميًا، «جي فور إس»، وبعد ذلك، تزوج عام 2009 واشترى منزلاً.
ومع هذا، سرعان ما بدأت مؤشرات تبعث على القلق في الظهور، منها حصول زوجته، المهاجرة من أوزبكستان، على الطلاق عام 2011 بعدما أساء معاملتها واعتدى عليها.
وبعد ذلك بعامين، جرى استدعاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، بناءً على ورود تقارير من زملاء متين بالعمل أشاروا فيها إلى أن زميلهم الأميركي المولد ونجل مهاجرين أفغان ألمح لأنه قد تكون له صلات بإرهابيين. وبالفعل، عقد «إف بي آي» مقابلتين معه، لكن بعد مراقبته وتفحص سجلاته وإجراء مقابلات مع شهود، عجز عملاء «إف بي آي» عن التحقق من وجود أي اتصالات إرهابية لمتين وأغلقوا التحقيق.
بعد ذلك، عام 2014، اكتشف «إف بي آي» صلة محتملة بين متين ومنير محمد أبو صلحة، الذي نشأ في فيرو بيتش القريب، ثم أصبح أول انتحاري أميركي في سوريا، حيث كان يقاتل في صفوف «جبهة النصرة»، جماعة مسلحة تتبع تنظيم القاعدة. ومرة أخرى، أغلق «إف بي آي» التحقيق بعد توصله لوجود اتصالات «شديدة الضآلة» بين الرجلين.
وبعد تبرئة التحقيقات ساحة متين، تمكن من الاحتفاظ برخصته الأمنية في فلوريدا ووظيفته، بالإضافة إلى احتفاظه برخصة حيازة سلاح، وفي غضون أيام قلائل، اشترى مسدسا و«بندقية طويلة».
حاليًا، لا يزال التحقيق جاريًا حول الدافع الرئيس وراء مهاجمة متين لملهى ليلي للمثليين في أورلاندو، صباح الأحد، حاملاً سلاحا. ويجري مسؤولو فرض القانون عمليات بحث وجمع أدلة واسعة النطاق، ما بين الملهى ومساكن موزعة على أربع ولايات مختلفة على الأقل.
ووصف المسؤولون الحادث بعمل إرهابي داخلي، وقالوا إن «متين» اتصل بخدمة الطوارئ بمجرد بدء الهجمات وأعلن ولاءه لتنظيم داعش.
إلا أن والد متين أشار إلى نجله تحرك بدافع كراهية مختلف. وقال الأب، صديق مير متين، في تصريحات لـ«إن بي سي نيوز» إن ولده شاهد مصادفة رجلين يقبلان بعضهما البعض في ميامي مؤخرًا، وتملكه غضب عارم، خاصة مع رؤية نجله البالغ 3 سنوات للمشهد أيضًا.
وأكد والد متين أن الحادث لا علاقة له بالدين، واعتذر نيابة عن ولده، وقال: «لم تكن لدينا أية فكرة عما سيفعله. إننا نشعر بالصدمة تمامًا مثل باقي الأميركيين».
وامتدت الصدمة كذلك إلى زوجة عمر متين السابقة، سيتورا يوسفي، التي قالت إنه بعد الزواج سرعان ما أصبح متسلطًا وسريع الغضب وبدأ في الاعتداء عليها.
وقالت يوسفي خلال مقابلة أجريت معها إنه عندما التقت متين للمرة الأولى عبر الإنترنت عام 2008، تحديدًا موقع «ماي سبيس»، بدا شابًا ساحرًا يملك وظيفة محترمة ويتطلع للعمل كضابط شرطة.
وبعد أن تزوجا، فرض عليها تسليمه راتبها، ومنعها من الاتصال بوالديها، وكان يضربها أحيانا أثناء نومها. وكان يحتفظ بسلاح في المنزل.
وقالت إن متين كان مسلمًا متدينًا، لكنه لم يبد قط أي تعاطف مع منظمات إرهابية أو متشددين. كما كان يطلق تعليقات معادية للمثليين عندما يتملكه الغضب. وقالت يوسفي إنها تركت متين عام 2009 عندما قدم إليها والداها من نيوجيرسي وأنقذاها من هذا الزواج، ولم تجر بينهما أية اتصالات منذ ذلك الحين، فيما عدا مرة واحدة حاول خلالها التواصل معها عبر «فيسبوك».
بعد الحادث، انطلق مسؤولو فرض القانون في تمشيط مجمع سكني في فورت بيرس بفلوريدا اشترى متين وحدة به عام 2009. وركزت السلطات على مقري إقامة اثنين آخرين على الأقل، كلاهما بالجوار في بورت سانت لوتشي.
ويبدو أن متين ربما اتصل بناد آخر في أورلاندو خلال الأيام السابقة للهجوم.
وقال ميكا باس، مالك «إم هوتيل آند ريفري»، نادٍ ضخم للمثليين بالمنطقة، إن شخصًا يشبه متين وجه إليه طلب إضافة عبر «فيسبوك» هذا الأسبوع. وقال إن الشخص صورته تشبه كثيرًا متين، وأنه لاحظ أن الكثير من أصدقائه لديهم كتابات بالعربية على صفحاتهم، فخلص إلى أن الطلب لا بد وأنه أرسل إليه بالخطأ وحذفه. وبعد الهجوم، اعتقد باس أن اسم منفذ الهجوم يبدو مألوفًا. وعندما بحث عن الاسم عبر «غوغل»، اكتشف أنه ذات الشخص الذي اتصل به.
داخل مركز فورت بيرس الإسلامي، المسجد الذي كان يرتاده متين في طفولته، قال الإمام إن متين كان يفد إلى المسجد ثلاث أو أربع مرات أسبوعيًا، عادة بالليل، وأنه مع تقدمه في العمر، أصبح أكثر ميلاً للعزلة.
وقال الإمام سيد شفيق رحمن: «كان شديد الهدوء. وكان يحضر أخيرًا ويرحل أولاً من دون الحديث لأي شخص».
ونفى الإمام بشدة أن يكون متين قد استمع لأي خطب داخل المسجد دفعته نحو الفكر الراديكالي.
أما والد متين، فهو ناشط سياسي أفغاني، لكن هذا النقطة لم يكن لها أي دور في التحقيقات التي أجرها «إف بي آي» حول نجله عامي 2013 و2014، حسبما أفاد مسؤول بمجال فرض القانون.
وقد استضاف الوالد، صديق، برنامج حواري عبر قناة تلفزيونية موجهة إلى الشتات الأفغاني. ومؤخرًا، عمد نشر فيديوهات له عبر صفحته على «فيسبوك» يرتدي خلالها الزي العسكري أمام العلم الأفغاني وينتقد بشدة الرئيس الأفغاني أشرف غاني.
مساء الأحد، اعترفت شركة «جي فور إس» التي يعمل لديها متين بأنها علمت بأمر إجراء «إف بي آي» تحقيقًا معه. وأضافت في بيان لها: «لم يجر إخطارنا بأية صلات مزعومة بينه وبين نشاطات إرهابية، ولن نعلم عن أي تحقيقات أخرى من جانب «إف بي آي».
وأكد البيان أن متين عمل لحساب الشركة منذ 10 سبتمبر (أيلول) 2007، وأعربت الشركة عن حزنها حيال هجوم الأحد. وقالت إن متين خضع لتفحصات لخلفيته لدى تعيينه عام 2007، وكذلك عام 2013، ولم يظهر ما يثير الريبة في أي من المرتين.
إلا أن البيان لم يشر إلى ما إذا كانت الشركة استفسرت من «إف بي آي» عن سبب التحقيق مع متين. ولم تجب الشركة عن تساؤلات بخصوص نمط السلوك الذي أبداه متين وأثار شكوك أحد زملائه السابقين.
وكان زميل متين، ويدعى دانييل غيلروي، قد قال في مقابلة أجريت معه الأحد إنه أعرب أمام مسؤولي الشركة عن قلقه من سلوك متين عندما عملا معًا كحراس أمن في «بي جي إيه فيليدج»، منتجع في بورت سانت لوتشي.
وقال غيلروي: «كان يتحدث طيلة الوقت عن القتل»، لكنه عجز عن تقديم أية أسماء لأشخاص آخرين يمكنهم دعم شهادته عن سلوك متين.
• حدمة «نيويورك تايمز»
منفذ المذبحة.. من الوعد الأول إلى مراقبة «إف بي آي»
التحقيق في شبهة علاقته مع أبو صلحة أول انتحاري أميركي في سوريا
منفذ المذبحة.. من الوعد الأول إلى مراقبة «إف بي آي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة