يبدأ المنتخب الإسباني مشوار الإنجاز التاريخي المتمثل بالاحتفاظ باللقب للمرة الثالثة على التوالي والانفراد بالرقم القياسي في عدد الألقاب القارية اليوم بمواجهة التشيك في تولوز في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة، فيما تتواجه إيطاليا مع بلجيكا في قمة مبكرة بالجولة الأولى من منافسات المجموعة الخامسة التي تشهد اختبارا لقدرات السويد مع جمهورية آيرلندا ضمن كأس أوروبا لكرة القدم المقامة في فرنسا حتى 10 يوليو (تموز).
في المباراة الأولى وعلى ملعب مدينة تولوز ستكون إسبانيا في مهمة محفوفة بالمخاطر لتكرار الأجواء نفسها التي ساهمت في احتفاظها باللقب منذ أربع سنوات عندما تبدأ مشوارها أمام جمهورية التشيك.
وضربت أخبار تورط ديفيد دي خيا، حارس المرمي، في فضيحة جنسية معسكر المنتخب الإسباني، في الوقت الذي عانى فيه الفريق خلال فترة الاستعداد للبطولة ليصبح مطالبا بإظهار الكثير في مباراته الأولى اليوم للرد على المتربصين.
وكانت إسبانيا، التي ستلعب مع تركيا وكرواتيا أيضا في دور المجموعات، تسيطر على كرة القدم العالمية عندما أصبحت أول دولة تحرز اللقب الأوروبي مرتين متتاليتين في 2012 بعد عامين من الفوز بلقب كأس العالم لأول مرة.
لكن هذه السيطرة توقفت في كأس العالم 2014 بالخروج من الدور الأول والفشل في التعافي من خسارة قاسية 5 - 1 أمام هولندا كما حقق الفريق بعض النتائج المتواضعة قبل انطلاق هذه البطولة.
وعلى الرغم من ذلك قال بيدرو، مهاجم إسبانيا، إن الفريق لديه رغبة أكبر من المعتاد في التألق لتعويض الظهور المتواضع في كأس العالم وسط آمال في تحقيق إنجاز بإحراز اللقب القاري للمرة الثالثة على التوالي.
وقال بيدرو: «الأجواء تذكرني بما كانت عليه منذ أربع سنوات. تملك المجموعة عقلية مختلفة، وهناك رغبة في تحقيق شيء كبير وتقديم بطولة ناجحة».
وأضاف: «نحن متحمسون وربما يكون السبب أننا لم نظهر بشكل جيد في كأس العالم، ونريد تحويل هذا الموقف بشكل إيجابي».
وخسرت إسبانيا 1 - صفر أمام جورجيا في آخر تجربة ودية قبل البطولة لتحوم الشكوك حول سياسة المدرب فيسنتي ديل بوسكي في اختيار اللاعبين بعد استبعاد عدد من النجوم من عينة خوان ماتا وباكو ألكاسير وفرناندو توريس.
لكن بدا ديل بوسكي متفائلا بخصوص مشوار لاعبيه، وطالبهم بأن يضعوا الفوز باللقب هدفا أساسيا بقوله: «يجب ألا نضع لأنفسنا أي حدود، لا يمكننا القول إننا سنكون سعداء إذا وصلنا إلى الدور نصف النهائي، يجب أن نطمح إلى الفوز بها».
واستخلص ديل بوسكي العبر من المشاركة الكبرى الأخيرة قبل عامين، وقرر خوض نهائيات فرنسا بعشرة لاعبين جدد في تشكيلة الـ23 التي ضمها، راضخا بذلك أمام الانتقادات التي وجهت إليه واتهمته بأنه يفضل الاعتماد على لاعبين قادوا إسبانيا إلى المجد في الأعوام الأخيرة على الرغم من تقدمهم في السن عوضا عن الاستعانة بالشباب.
لكنَّّ ديل بوسكي حافظ على 5 من الركائز الذين ساهموا في عودة الفريق إلى ساحة الألقاب قبل 8 أعوام في سويسرا والنمسا؛ إذ تضم تشكيلته الحارس: القائد أيكر كاسياس، وسيرخيو راموس، وأندريس إنييستا، وسيسك فابريغاس، وديفيد سيلفا الذين كانوا مع المنتخب خلال حملاته التاريخية في كأس أوروبا 2008 و2012 ومونديال 2010.
من جهته نفى دي خيا، حارس مانشستر يونايتد، المزاعم المنشورة في وسائل إعلام إسبانيا بخصوص اتهامه باغتصاب قاصر، بينما تلقى الدعم من زملائه.
وقال بيدرو: «نحن معه (دي خيا) ويجب أن نسانده. نحن نتحلى مثله بالهدوء، وهذا لن يؤثر فينا. هذا غير مؤثر والأجواء جيدة».
وربما تؤثر هذه الضجة في قرار ديل بوسكي بمنح إيكر كاسياس فرصة اللعب كأساسي على حساب دي خيا، بينما يبدو ألفارو موراتا المرشح الأكبر لقيادة خط الهجوم بعد تعافيه من إصابة في الفخذ.
وتأهلت التشيك إلى النهائيات بعد التفوق في التصفيات على آيسلندا وتركيا وهولندا، وسيخوض فريق المدرب بافل فربا المباراة بتشكيلة كاملة ودون غيابات وبدعم القائد توماس روزيسكي.
وقال روزيسكي: «كنت مطالبا بالعمل بجدية في آخر شهرين. خضت تدريبات مكثفة وشاركت مع بدلاء (آرسنال) لكي أكون جاهزا لمواجهة إسبانيا». وتسعى التشيك إلى تأكيد مشوارها الرائع في التصفيات، وستكون مواجهة إسبانيا بمثابة امتحان للوقوف على مدى قدرتها على الذهاب بعيدا في مشاركتها السادسة على التوالي.
(إيطاليا وبلجيكا)
وعلى ملعب ليون لم ترحم القرعة المنتخبين الإيطالي والبلجيكي عندما أوقعتها في مجموعة واحدة، وما زاد الطين بلة أن المواجهة بينهما في الجولة الأولى، فضلا عن أنهما المنتخبان الأكثر معاناة من الغيابات في العرس القاري.
وإذا كانت إيطاليا تلقت ضرباتها في مركز صناعة اللعب بإصابة لاعبي وسط باريس سان جيرمان الفرنسي ماركو فيراتي ويوفنتوس كلاوديو ماركيزيو وميلان ريكادرو مونتوليفو، فإن بلجيكا تعاني غيابات مهمة في خط الدفاع أبرزها قائدها ومانشستر سيتي الإنجليزي فنسان كومباني، ونيكولاس لومبارتس (زينيت سان بطرسبورغ الروسي)، وديدريك بوياتا (سلتيك الاسكتلندي)، وبيورن أنغلز (كلوب بروج البلجيكي).
ولكل منتخب نقطة قوته، إيطاليا في دفاعها بقيادة ثلاثي يوفنتوس جورجو كييليني وليوناردو بونوتشي وأندريا بارزالي الذين يلعبون مع بعض منذ 5 مواسم سواء مع فريق «السيدة العجوز» أو المنتخب، وبلجيكا بقوتها الضاربة في خط الهجوم بقيادة نجم تشيلسي الإنجليزي إدين هازارد الذي استعاد مستواه في نهاية الموسم الحالي، ومهاجم مانشستر سيتي كيفن دي بروين.
يذكر أنها المرة الثالثة التي يلتقي فيها المنتخبان في النهائيات القارية وجميعها في دور المجموعات، بعد الأولى عام 1980 في المجموعة الثانية وانتهت بالتعادل السلبي، والثانية في النسخة التي استضافتها بلجيكا وهولندا عام 2000 ضمن المجموعة الثانية أيضا، وفازت إيطاليا بثنائية نظيفة.
والتقى المنتخبان 5 مرات فقط في مباريات رسمية كانت الأولى في الدور الأول لمونديال 1954 وفازت إيطاليا 4 – 1، والثانية والثالثة في تصفيات كأس أوروبا 1972 فتعادلا سلبا ذهابا في ميلان، وفازت بلجيكا 2 - 1 إيابا في بروكسل وهو الفوز الوحيد لها رسميا على الطليان.
وطالب لاعب وسط مانشستر يونايتد الإنجليزي مروان فلايني زملاءه باللعب «بجرأة»، وقال: «لدينا أفضل اللاعبين في خط الهجوم في العالم، وبإمكانهم خلق الفارق، لدينا 3 مهاجمين من الطراز العالمي أتمنى أن يكونوا جاهزين للتسجيل»، في إشارة إلى هازارد ودي بروين ومهاجم إيفرتون روميلو لوكاكو.
وأضاف: «من المهم دائما بدء المشوار بفوز، فذلك جيد للثقة والمعنويات»، مشيرا إلى أنه لن يتذمر في حال بقى على دكة البدلاء.
من جهته، يطمح المنتخب الإيطالي إلى استعادة لمعانه بعد معاناته ومستوياته غير مقنعة في التصفيات والمباريات الإعدادية للعرس القاري بينها خسارة أمام بلجيكا بالذات 1 - 3 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن إيطاليا تظهر دائما بوجه مختلف في البطولات الكبرى.
ويقول مهاجم إنتر ميلان البرازيلي الأصل إيدر: «تلك المباراة الودية (الخسارة) كانت مهمة بالنسبة إلينا لمراجعة أوراقنا وتحديد طموحاتنا. صحيح أننا سنلتقي الآن في بطولة قارية، وهي مختلفة تماما عن المباريات الودية، ولكننا على استعداد لخوض هذا التحدي».
من المؤكد أن الأمور لن تكون سهلة على رجال المدرب أنطونيو كونتي في النهائيات القارية، خصوصا أن المنتخب الإيطالي يفتقد إلى ذلك اللاعب الذي بإمكانه تحقيق الفارق على الصعيد الهجومي، وهذا ما تحدث عنه لاعب الوسط الدولي السابق الذي سيترك المنتخب بعد البطولة القارية من أجل الإشراف على تشيلسي، قائلا: «إنها فترة صعبة بالنسبة إلى الكرة الإيطالية. من الصعب أن تجد اللاعبين المناسبين للمنتخب، خصوصا في ظل إصابة لاعبين مهمين».
وأضاف: «سنعمل على تقديم أفضل ما لدينا بالتشكيلة التي نملكها في الوقت الراهن، إنها مجموعة مميزة أيضا وقادرة على تحقيق أفضل النتائج، يجب أن نركز الآن على مباراة الغد، وبعدها لكل حادث حديث، المهم هو أننا لسنا هنا من أجل خوض 3 مباريات فقط».
(السويد وجمهورية آيرلندا)
وسيكون ملعب فرنسا في سان دوني مسرحا لقمة ساخنة بين السويد وجمهورية آيرلندا، ويدرك المنتخبان جيدا أهمية هذه المباراة، خاصة أن فوز أي منهما قد يساعده على المنافسة على إحدى بطاقتي المجموعة إلى الدور ثمن النهائي أو المنافسة على المركز الثالث، لأن 4 منتخبات صاحبة أفضل مركز ثالث تلحق بركب المتأهلين إلى الدور المقبل.
ويعود المنتخب الآيرلندي إلى ملعب فرنسا بعد 7 أعوام من نكسة تصفيات مونديال 2010 عندما خسروا أمام فرنسا في إياب الملحق؛ بسبب الهدف الشهير للمدافع لويليام غالاس في الدقيقة 103 إثر تمريرة بيد المهاجم تييري هنري فتابعها داخل المرمى الآيرلندي وحرمه من التأهل إلى العرس العالمي.
وتضم تشكيلة المنتخب الآيرلندي في كأس أوروبا 5 لاعبين كانوا موجودين ضمن تشكيلة مباراة ملحق 18 نوفمبر 2009، بينهم حارس المرمى العملاق شاي غيفن، 40 عاما، الذي قال: «العودة إلى الوراء غير مجدية. سنلعب ضد السويد اليوم، وما حصل أمام فرنسا بات طي النسيان»، وإضافة إلى شاي غيفن وروبي كين، كان حاضرا أيضا غلين ويلان وأيدن ماكجيدي وجون أوشاي.
وتخوض آيرلندا العرس القاري للمرة الثالثة بعد عامي 1988 و2012، وهي تسعى إلى تفادي مصيرها في المرتين السابقتين عندما ودعت من الدور الأول، وبالتالي تدرك أهمية الفوز على السويد التي لن تكون لقمة سائغة بقيادة نجمها زلاتان إبراهيموفيتش. ويقف التاريخ إلى جانب السويد في تاريخ المواجهات بين المنتخبين، التي بلغت 10 حتى الآن؛ حيث فازت 5 مرات مقابل 3 هزائم وتعادلين، آخرها في تصفيات كأس العالم 2014 عندما تعادلا صفر - صفر في سولنا على أرض السويد، وفازت السويد 2 - 1 في دبلن.
ويأمل إبراهيموفيتش ورفاقه السير على خطى منتخب تحت 21 عاما الذي منح السويد لقب كأس أوروبا العام الماضي في التشيك، وإن كانت المهمة صعبة بالنظر إلى قوة المنتخبات المنافسة.