مسؤول في الصليب الأحمر يرى أن سوريا بعيدة عن نهاية النزاع

577 قتيلا مدنيًا خلال 52 يومًا من القصف المتواصل على مدينة حلب

أهالي مدينة إدلب يتفقدون الدمار الذي لحق بسوق محلي وتسبب بمقتل 20 شخصا في أعقاب غارة من الطيران الحربي، أمس (رويترز)
أهالي مدينة إدلب يتفقدون الدمار الذي لحق بسوق محلي وتسبب بمقتل 20 شخصا في أعقاب غارة من الطيران الحربي، أمس (رويترز)
TT

مسؤول في الصليب الأحمر يرى أن سوريا بعيدة عن نهاية النزاع

أهالي مدينة إدلب يتفقدون الدمار الذي لحق بسوق محلي وتسبب بمقتل 20 شخصا في أعقاب غارة من الطيران الحربي، أمس (رويترز)
أهالي مدينة إدلب يتفقدون الدمار الذي لحق بسوق محلي وتسبب بمقتل 20 شخصا في أعقاب غارة من الطيران الحربي، أمس (رويترز)

قال بيتر مورير رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مقابلة مع صحيفة سويسرية نشرت، أمس، إن سوريا «بعيدة عن أي أفق» لنهاية النزاع، في إشارة إلى مفاوضات جنيف المتوقفة. في حين لا يزال القصف المكثف والهستيري متواصلاً على أحياء مدينة حلب لليوم الثاني والخمسين على التوالي.
وأوضح المسؤول الدولي الإنساني: «في الإجمال، الديناميكية القائمة لا تشير إلى أن الحرب يمكن أن تنتهي قريبًا»، معتبرًا أن «مباحثات جنيف تظل هشة». وردًا على سؤال بشأن نهاية النزاع قال: «نحن بعيدون عن مثل هذا الأفق».
وخلف النزاع المستمر في سوريا منذ مارس (آذار) 2011 أكثر من 280 ألف قتيل وشرد ملايين آخرين.
وتم التوصل برعاية روسية أميركية إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية دخل حيز التنفيذ منذ 27 فبراير (شباط) الماضي وانتهك عدة مرات، في حين تتعثر مفاوضات السلام في جنيف.
وقال المسؤول الإنساني في المقابلة التي نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، «إنها ليست هدنة، أنا أسميها وقفًا جزئيًا للأعمال القتالية». وأقر بأنه «في بعض المناطق توقفت المعارك، لكن هذا غير كافٍ للتوصل إلى إحلال استقرار في البلد». وتابع: «كانت قطرة في محيط. وساعد ذلك في منح الناس بعض الأمل».
ورأى المسؤول الدولي الإنساني أنه من الضروري أن تكون هناك مفاوضات «من نوعية مختلفة» دون توضيح ما يعنيه.
وفي الوقت الذي دخل فيه النزاع السوري عامه السادس، لا يزال يعتبر بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأزمة الإنسانية الأشد خطرًا وتعقيدًا في العالم.
وقال مورير: «لقد تضررت البنى التحتية بشدة، وهذا من الأسباب التي تجعل النزاع السوري يدفع إلى مثل هذا النزوح للسكان».
ولا يزال القصف المكثف والهستيري متواصلاً على أحياء مدينة حلب لليوم الثاني والخمسين على التوالي، منذ 22 أبريل (نيسان) الماضي، الذي تسبب بدمار كبير في ممتلكات مواطنين ومرافق عامة ومستشفيات، وإصابة أكثر من 2800 شخص بجراح، فيما ارتفع إلى 577 مواطنًا مدنيًا بينهم 122 طفلاً دون سن الـ18، و86 مواطنة فوق سن الـ18، عدد «الشهداء» الذين تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان من توثيقهم منذ 22 أبريل الماضي، وحتى فجر أمس، جراء قصف قوات النظام والضربات الجوية التي استهدفت مناطق سيطرة الفصائل بالأحياء الشرقية من المدينة، وقصف الفصائل الإسلامية والمقاتلة على مناطق سيطرة قوات النظام في الأحياء الغربية لمدينة حلب، ورصاص القناصة، وقصف على مناطق في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.
و«استشهد» رجلان جراء إصابتهما برصاص قناصة على طريق الكاستيلو وفي حي الهلك بمدينة حلب وأطرافها، وأكدت مصادر متقاطعة أن قناصة من قوات سوريا الديمقراطية أطلقوا النار عليهما وقتلوهما.
وسيدة وطفلتها وعم الطفلة بالإضافة لمواطنتين اثنتين وطفلتين من عائلة ثانية، «استشهدوا» جراء انفجار مصنع ذخيرة لقذائف الهاون في مبنى بحي السكري بمدينة حلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.