استمرت يوم أمس المعارك على أطراف منبج في شمال سوريا، فيما تمكن أكثر من 600 مدني من أصل عشرات الآلاف المحاصرين في المدينة من الفرار نحو مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» جنوبا، وأعلن «مجلس منبج العسكري» المنضوي ضمن هذه القوات أن مقاتليه يتريثون في اقتحام منبج بعد تطويقها من كل الجهات حرصا على ما وصفها «سلامة المدنيين»، متهما «داعش» باستخدامهم دروعا بشرية.
وجاء ذلك في وقت استهدفت طائرات «التحالف الدولي» حاجزا في المدينة تابع لـ«سوريا الديمقراطية» ليلا عن طريق الخطأ بعد اعترافه بأنه ارتكب الخطأ نفسه في مارع الشهر الماضي، بحسب ما أكده مصدر ميداني معارض، مشيرا أيضا إلى اعتقال عناصر من تنظيم داعش عددا منها بعدما قاموا بانتحال صفة مقاتليها بارتدائهم الزي العسكري التابع لها. في غضون ذلك، اتهمت «كتائب ثوار الكرد» الفصائل التابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» بقصف المدنيين الأكراد في قرية جلمة في ريف حلب الشمالي، ومحاولة إيهامهم بأن المعارضة هم من يقصفونهم لدفعهم للانضمام إلى صفوفها، وهو الأمر الذي نفاه ناصر حاج منصور، مستشار القيادة العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، واصفا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه المعلومات بـ«الفبركات التي لا تمت إلى الواقع بصلة».
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «فر أكثر من 600 مدني مشيا على الأقدام من الحصار المفروض على منبج ومن تنظيم داعش داخلها نحو مناطق سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية) جنوب المدينة الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي»، وأشار إلى أن هذا التحالف من فصائل عربية وكردية موجود «عند تخوم المدينة من الجهة الجنوبية ولا يفصله عنها سوى مزرعة» في حين تدور المعارك العنيفة غرب وشمال غربي المدينة.
وأوضح عبد الرحمن أن المدنيين «فروا دفعة واحدة وبأعداد كبيرة عبر نقاط لا يوجد فيها عناصر التنظيم».
وتحاصر المعارك بين «قوات سوريا الديمقراطية» و«داعش» الذي بات شبه معزول داخل منبج، عشرات آلاف المدنيين في المدينة بعدما باتوا عاجزين عن الخروج منها.
ويعيش هؤلاء، وفق المرصد، «حالة من الرعب» خشية القصف الجوي المكثف، كما أن الظروف تزداد صعوبة مع شح المواد الغذائية بعد قطع كل الطرق الرئيسية الواصلة إلى المدينة.
وفي بيان له، قال «مجلس منبج العسكري»: «عقب سلسلة الانتصارات التي حققتها قواتنا في ريف منبج وتطويق المدينة بشكل كامل، والسيطرة على طرق الإمداد المؤدي إلى المدينة من إرهابيي (داعش)، وفق خطط محكمة أعدت لعدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين الذين تأكد لنا قيام التنظيم باحتجازهم في المدينة كرهائن، واستخدامهم دروعا بشرية، ندعو أهالينا إلى الابتعاد عن الأماكن والمواقع القريبة من الاشتباكات».
وفيما أكد المجلس التريث في اقتحام المدينة بعد تطويقها بشكل كامل، والتزامه بما وصفها «الأسس والمعايير والقوانين والعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بمثل هذه النزاعات»، تعهد بالاستمرار بالقتال حتى تحرير مدينة منبج وريفها بالكامل.
وتمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم جوي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن من تطويق مدينة منبج، يوم الجمعة الماضي، وقطع كل طرق الإمداد إلى مناطق سيطرة التنظيم المتطرف وباتجاه الحدود التركية.
وتدور معارك عنيفة على جبهتي الغرب والشمال الغربي؛ إذ يشن التنظيم هجمات مضادة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» في مسعى لكسر الحصار وفتح الطريق المؤدي غربا إلى مناطق سيطرة التنظيم المتطرف، وهو ما لفت إليه الحاج منصور، مشيرا إلى أن «داعش» حاول القيام ليلا بهجوم معاكس على عدة محاور إنما نجح مقاتلو «سوريا الديمقراطية» في التصدي له.
وأسفرت المعارك والقصف خلال الساعات الماضية عن «مقتل 30 عنصرا من (داعش) وخمسة من (قوات سوريا الديمقراطية)» وفق المرصد، ليرتفع بذلك «عدد قتلى التنظيم إلى 223 وعدد قتلى (قوات سوريا الديمقراطية) إلى 28».
كذلك أسفر القصف الجوي لطائرات التحالف عن مقتل «ستة مدنيين» في محيط المدينة، ليصل عدد القتلى المدنيين إلى «41 قتيلا جراء قصف التحالف الدولي».
وبدأت «قوات سوريا الديمقراطية» في 31 مايو (أيار) هجوما في ريف حلب الشمالي الشرقي للسيطرة على منبج التي استولى عليها «داعش» العام 2014، ويقدم مستشارون أميركيون وفرنسيون الدعم لهذه القوات في هجومها في المنطقة.
من جهة أخرى، وفي حلب أيضا، أعلن المتحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط «سنتكوم» الكولونيل باتريك رايدر أن قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، ضد تنظيم داعش، قصفت «بالخطأ» مواقع تابعة للمعارضة السورية المعتدلة، أواخر الشهر الماضي.
وقال رايدر، أمس، إن «قوات التحالف علمت بأن 4 عناصر من مجموعات تقاتل تنظيم داعش، قد لقوا حتفهم في قصف جوي في 28 مايو (أيار) قرب مدينة مارع في ريف حلب شمال سوريا، وقد تم فتح تحقيق لكشف ملابسات الحادث».
وأكد رايدر أن «قوات التحالف ستعمل على استخلاص العبر من التحقيق الخاص بالحدث، لتحسين مستوى عملها في المستقبل».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد قالت إن «مواقع تابعة للواء المعتصم تعرضت لقصف من قوات التحالف، فقد على إثره 10 مقاتلين»، موضحة أن «لواء المعتصم أحد الفصائل التي تلقت أسلحة ومعدات من وزارة الدفاع الأميركية».
«التحالف الدولي» يقصف المعارضة بالـ «خطأ» قرب حلب
استمرار المعارك على أطراف منبج.. و«داعش» يستخدم المدنيين «دروعًا بشرية»
«التحالف الدولي» يقصف المعارضة بالـ «خطأ» قرب حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة