حالفهم الحظ فتمكنوا من النجاة بأنفسهم من أعمال العنف التي ترتكبها جماعة «بوكو حرام»، لكنهم انتهوا بالموت جوعا. هذا هو المصير الذي يواجهه يوميا مهجرو مخيم بانكي، في شمال شرقي نيجيريا.
ويبعد مخيم بانكي نحو 130 كلم جنوب شرقي مايدوغوري، كبرى مدن ولاية بورنو، وكانت مدينة بانكي الصغيرة النائية القريبة من الحدود الكاميرونية قد وقعت في أيدي المتشددين حتى حررها الجيش في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأقيم فيها مخيم للمهجرين قبل ثلاثة أشهر، ومنذ ذلك الحين «يموت الناس فيه بأعداد كبيرة يوميا بسبب نقص المواد الغذائية»، كما قال عنصر في ميليشيا تقاتل «بوكو حرام» إلى جانب الجيش.
وأضاف الشاب الذي طلب التكتم على هويته: «ما بين 10 و11 من الرجال والنساء والأطفال يموتون يوميا من الجوع»، مستطردا: «في مقبرة بولاشيرا، أحصينا 376 مدفنا لمهجرين ماتوا منذ ثلاثة أشهر».
ونبه جندي آخر يخدم في بانكي منذ تحرير المدينة إلى أن «10 أشخاص على الأقل يدفنون يوميا في المقبرة، ويعاني المخيم بأكمله من الجوع، وأصيب الناس بالهزال، وإذا لم يتدخل أحد فقد تحصل كارثة كبيرة».
وقد تحدثت السلطات في ولاية بورنو والمنظمات الإنسانية عن هذا الأمر مرارا، فكامل منطقة بحيرة تشاد تعاني من نقص في المواد الغذائية، بعد سبع سنوات من أعمال العنف التي يرتكبها المتشددون.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 2.9 مليون شخص يعيشون في منطقة البحيرة، التي تشكل حدودا طبيعية بين نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، قد واجهوا في مايو (أيار) نقصا على صعيد المواد الغذائية.
وقالت عائشة بالا، النيجيرية اللاجئة في مخيم أقيم في النيجر المجاورة، إن «الحصة الغذائية لجميع المقيمين في هذه الغرفة صغيرة جدا، ويستطيع طفلي أن يستهلكها»، مشيرة إلى طفل في السادسة من عمره.
وحتى في مخيم دالوري الكبير في نيجيريا، الذي يؤوي نحو 22 ألف شخص في ضواحي مايدوغوري، يشكو المهجرون من أنهم لا يحصلون على الكميات الكافية من الغذاء، وتؤكد عائشة أن الأطفال يقولون إنهم جائعون.
ومنذ الاعتداء الانتحاري في يناير (كانون الثاني) الماضي، يخضع هذا المخيم لتدابير أمنية مشددة، ويتعين على المهجرين الاكتفاء بعلبتين من الأرز والفاصوليا يوميا.
ويقول أحمد ساتومي، السكرتير التنفيذي لوكالة ولاية بورنو النيجيرية للإغاثة، إن مخيم بانكي يؤوي نحو 10 آلاف مهجر، وإن «صناديق من المساعدات» قد نقلت إليه قبل أسبوعين.
لكن عناصر الميليشيات يؤكدون أن هذا المخيم لم يتسلم أي مساعدة من الدولة، وأن الأمم المتحدة وحدها قدمت صهاريج ماء ومواد صحية في أبريل (نيسان) الماضي.
وأكد ساتومي «أننا نستعد لإرسال كميات من الذرة والأزر» لتأمين المواد الغذائية للمهجرين، خلال «الأيام الأربعين المقبلة»، مضيفا: «يمكن تموين بانكي من امشيد والكاميرون المجاورة»، أما باما حيث يقيم عدد كبير من المهجرين فيتعلق حصرا بمايدوغوري على صعيد التموين.
ومنذ 2009، أسفر تمرد «بوكو حرام» عن 20 ألف قتيل على الأقل، وعن أكثر من 2.6 مليون مهجر. أما وقد استعاد الجيش السيطرة على بعض المناطق، فإن الحكومة النيجيرية تشجع المهجرين على العودة إلى منازلهم.
لكن ماذا سيجدون فيها؟ فالقسم الأكبر من المهجرين كان يعيش من الزراعات المنتجة للمواد الغذائية، وقد تعرضت حقولهم ومنازلهم للنهب والتلف.
وقد أحصت السلطات الصحية في العام الماضي 6500 طفل عانوا من سوء تغذية متقدمة في ولاية بورنو. وفي فبراير (شباط)، قدرت بنحو 25 ألفا عدد الأطفال الذين يعانون من «أعراض معتدلة» لسوء التغذية.
الموت جوعًا في مخيم بانكي يطارد الناجين من «بوكو حرام»
الموت جوعًا في مخيم بانكي يطارد الناجين من «بوكو حرام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة