«داعش» يواجه صعوبات دفع رواتب مسلحيه.. ويلجأ للابتزاز في سوريا والعراق

تقرير للأزهر: التنظيم يستعين بالنساء لسد النقص في مقاتليه وانخفاض المنضمين له لمائتين بدلاً من ألفين شهريًا

عناصر داعشية في الرقة السورية («الشرق الأوسط»)
عناصر داعشية في الرقة السورية («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يواجه صعوبات دفع رواتب مسلحيه.. ويلجأ للابتزاز في سوريا والعراق

عناصر داعشية في الرقة السورية («الشرق الأوسط»)
عناصر داعشية في الرقة السورية («الشرق الأوسط»)

كشف تقرير مصري حديث عن أن تنظيم داعش الإرهابي بات يواجه صعوبات في دفع رواتب مسلحيه وعناصره القتالية، وأنه اضطر إلى فرض ضرائب جديدة على سكان الأراضي التي يسيطر عليها، ليعوض الخسائر الناجمة عن قصف التحالف الدولي لمواقعه في سوريا والعراق.
وأضاف التقرير، الذي أعده مرصد الأزهر بالقاهرة، أن التنظيم الذي كان دائما ما يتخذ عبارة «باقية وتتمدد» شعارا لدولته المزعومة، يعاني الآن من أزمات مالية وانخفاض في عدد المقاتلين، يبشر بفنائه في وقت ربما أسرع من المتوقع، بعد استهداف التحالف الدولي للمنشآت النفطية والبنوك وغيرها من الموارد الاقتصادية التابعة للتنظيم.
ويقول مراقبون وخبراء معنيون بشأن الجماعات الإرهابية، إن «الغارات الجوية الأخيرة للتحالف استهدفت مخابئ الاحتياطي النقدي لـ(داعش) ما حرم التنظيم المتطرف من أكثر من 100 مليون دولار»، مؤكدين أن «الضربات الجوية على التنظيم دفعته للبحث عن مقرات اتصالات وقواعد إطلاق صواريخ بديلة، تكون بمأمن من الغارات الجوية، فلجأ (داعش) إلى تخزين الأسلحة والمتفجرات داخل بعض المساجد في الموصل، وتحويل مساجد أخرى لمراكز إعلامية لممارسة نشاطه الإعلامي وبث الأخبار والرسائل المراد توصليها إلى الغرب وسلطات الدول.
وقال تقرير المرصد الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الحصار المفروض على (داعش) من قبل كثير من الأطراف الدولية في العراق وسوريا وليبيا، تسبب في تدهور الوضع المالي للتنظيم ومحاولته الحصول على الدخل عن طريق فرض الضرائب على المقيمين في الأماكن التي يسيطر عليها أو بأي طريقة أخرى»، مضيفا أن «التنظيم بدأ يفرض ضرائب على السكان الأكثر فقرا في الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق لتعويض النقص، بعد أن كانوا معافين منها، كما لجأ إلى مزيد من عمليات الابتزاز لتمويل نشاطاته»، لافتا إلى أن «الانحسار الداعشي طال الفكر المتطرف نفسه، حيث بدأت معركة الوعي تؤتي ثمارها، خاصة الحملة المضادة على التنظيم في مواقع التواصل الاجتماع (فيسبوك) و(يوتيوب) و(تويتر)، حيث تم تدشين أكثر من 6 حسابات، أمام كل حساب يدعم (داعش)، تفند أقاويل التنظيم وتظهر كذبها وتحذر الشباب منها».
لكن التقرير أكد في ذات الوقت، أن «الخسائر المتتالية في الأرواح والعتاد دفعت التنظيم إلى ابتكار أساليب جديدة (غير قتالية) لجذب أعضاء جدد بأي طريقة لتعويض نقص صفوفه.. فلم يعد ترويج التنظيم لنفسه مقتصرا على الدعوة إلى الجهاد وحمل السلاح فحسب؛ بل أصبح يستعرض جوانب من الحياة المدنية للمقاتلين، فضلا عن استخدام النساء كعنصر إغراء في دعاية التنظيم».
وبث «داعش» مؤخرا صورا لعناصره وهم يحملون القطط لإضفاء نوع من البساطة على الحياة، في ظل حكم التنظيم بأرض الخلافة المزعومة، كما استخدم صورا لمقاتليه وهم يقومون بتوزيع الحلوى على الأطفال، لإيهام الآخرين بأن الحياة تحت حكمهم مفعمة بالسلام والأمان.
من جهة أخرى، أكد الأزهر أن «داعش» يعاني كذلك من خسائر فادحة في الأرواح، لا يعوضها انضمام مقاتلين جدد، وأن أعداد المنضمين للتنظيم تشهد انخفاضا مستمرا؛ إذ تراجع معدل المنضمين إلى «داعش» في سوريا والعراق إلى مائتي شخص شهريا، بعدما كان يتراوح عدد المنضمين إلى التنظيم بين 1500 وألفي شخص كل شهر، لافتا إلى أن ذلك دفع «داعش» إلى الاستعانة بالنساء والأطفال لسد النقص في عدد مقاتليه، وأن ثلث أفراد تنظيم داعش تقريبا الآن من النساء، وأن النساء أصبحن يتلقين التدريبات العسكرية للمشاركة في القتال.
ويقول مراقبون، إن «في عام 2014 كانت نسبة النساء اللاتي انضممن إلى التنظيم امرأة واحدة من بين 7 رجال، وكان دورهن مقتصرا على الزواج من مقاتلي التنظيم وخدمتهم».
وقال تقرير الأزهر، إن «دور النساء تغير مؤخرا في التنظيم، وأن (داعش) بدأ في تدريب النساء على القتال، فضلا عن الأطفال الذين يخضعون لجميع أنواع التدريبات العسكرية، بدءا من استخدام السلاح، ووصولا إلى الهجمات الانتحارية، وذلك بعد التحاق ذويهم بصفوف التنظيم بسوريا».
وأكد تقرير مرصد الأزهر أن «تقارير حقوقية أوضحت مدى معاناة عشرات النساء العراقيات والسوريات الفارات من وطأة تنظيم داعش مؤخرا، خصوصا في ظل سياسة الاعتداء البدني الممنهج الذي يستخدمه التنظيم تحت مسمى بيع وشراء السبايا، وفي ظل تزايد الضغوط التي يتعرض لها التنظيم في كل من العراق وسوريا».
وتجدر الإشارة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي التي يقوم مقاتلو التنظيم الإرهابي باستخدامها خلال الأشهر الماضية، قد أظهرت بعض الحسابات التي تقوم ببيع وشراء «الإماء»، وكذلك نشر القواعد الرسمية للتعامل معهن، وهي القواعد والإرشادات التي تناولت مواضيع، مثل كيف يقوم المرء بتعذيب هؤلاء «الإماء» بقسوة وشدة؟.
وقال الأزهر في ختام تقريره، إن «داعش» لم يشهد تدهورا اقتصاديا ونقصا في التمويل والمقاتلين وخسائر في الأرواح والعتاد بهذا القدر الذي يشهده الآن، وأن هذا يأتي وسط تردد أنباء عن وجود خلافات واتهامات متبادلة بين قادة التنظيم بالسرقة والخيانة وسوء الإدارة، مؤكدا أن «داعش» يواجه مصيرين، إما أن تنجح العمليات العسكرية متعددة الأطراف في وضع نهاية وشيكة للتنظيم، أو أن التنظيم ينهار داخليا ويكتب أفراده سطور الفصل الأخير في قصتهم، لافتا إلى أن العمليات العسكرية المكثفة ضد «داعش» والأزمات الداخلية وتراجع الدخل العام للتنظيم، وما ترتب عليه من تخفيض رواتب الأفراد، كلها مؤشرات تدل على أن الاحتمالين أقرب للحدوث معا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».