ليبيا: القوات الموالية لحكومة الوفاق تؤكد سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت

مصدر: معركتنا ليست سهلة ويصعب تحديد موعد لإعلان تحرير المدينة

قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني تتقدم نحو وسط مدينة سرت بعد استعادتها ميناء المدينة من قبضة «داعش» (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني تتقدم نحو وسط مدينة سرت بعد استعادتها ميناء المدينة من قبضة «داعش» (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: القوات الموالية لحكومة الوفاق تؤكد سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت

قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني تتقدم نحو وسط مدينة سرت بعد استعادتها ميناء المدينة من قبضة «داعش» (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني تتقدم نحو وسط مدينة سرت بعد استعادتها ميناء المدينة من قبضة «داعش» (أ.ف.ب)

على الرغم من تأكيد القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أنها أحكمت سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت، بعدما نجحت في استعادة ميناء المدينة، محققة مزيدا من الانتصارات في معقل «داعش» في ليبيا؛ فإن الناطق باسم هذه القوات، العميد محمد الغصري، رفض تحديد موعد لإعلان تحرير المدينة من التنظيم الذي سيطر عليها منذ منتصف العام الماضي.
وكشف العميد الغصري في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أن عدد ضحايا القوات المشاركة في عملية «البنيان المرصوص» التي تخوضها القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، المقترحة من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة فائز السراج، قد بلغ 130 قتيلا حتى الآن، مؤكدا أن المعركة ليست سهلة على الإطلاق، وأنه لا يمكن تحديد موعد محتمل لإعلان تحرير سرت بشكل كامل، وخصوصا أن تنظيم داعش الذي فقد مواقعه في العراق وسوريا لن يستسلم بسهولة على الأراضي الليبية، نافيا ما يتردد عن مشاركة قوات أميركية أو غربية خاصة في القتال إلى جانب قوات عمليات «البنيان المرصوص».
وتقدمت القوات بسرعة أكبر مما توقع كثيرون، على الرغم من أن مفجرين انتحاريين وألغاما وقناصة عرقلوا تقدمها. وأثار هذا التقدم السريع ترحيب رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مارتن كوبلر، الذي اعتبر أن هذا الإنجاز «أمر مهم جدا».
وبعد نحو شهر على بداية العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة سرت، على بعد 450 كيلومترا شرق طرابلس، أصبح تنظيم داعش محاصرا في منطقة تمتد بين وسط المدينة الساحلية وشمالها، بحسب ما تؤكد القوات الحكومية.
وأظهرت خريطة وزعها المكتب الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» أن التنظيم لا يسيطر حاليا سوى على مساحة تقدر بـ20 كيلومترا فقط داخل سرت.
وأصدر السراج، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، قرارا يقضي بتكليف العقيد محمد بهيج آمر غرفة عمليات خاصة، بقيادة العمليات العسكرية في المنطقة الواقعة بين سرت ومنطقة الجفرة وسط البلاد، بالتزامن مع سيطرة قوات أخرى موالية له على منطقة هراوة، الواقعة شرق مدينة سرت بنحو 80 كيلومترا.
ويأتي دخول قوات حكومة الوفاق إلى الميناء، استكمالا للتقدم الذي أحرزته هذه القوات خلال الأيام الماضية في سرت، وتمكنت خلاله من السيطرة على القاعدة الجوية الرئيسية في المدينة وعلى معسكرات فيها. وبحسب القوات الحكومية أصبح تنظيم داعش محاصرا في منطقة لا تتعدى مساحتها 5 كيلومترات مربعة، تمتد بين وسط سرت وشمالها؛ لكن هذه المنطقة هي الأكثر كثافة من ناحية السكان والمنازل، ما يؤشر إلى أن التقدم السريع قد يتباطأ عند محاولة دخول هذه المنطقة.
وقال عيسى رضا، العضو في المركز الإعلامي الخاص بالعملية، إن أغلب خسائر قوات حكومة الوفاق جاءت بسبب «تلغيم الطرقات والجثث وتفخيخ السيارات»، مشيرا إلى أن «معلوماتنا تفيد بأن تنظيم داعش يقوم حاليا بتفخيخ بعض الشقق والمقرات، وهذا سلاحه الأبرز».
وأعلنت القوات الحكومية على صفحة العملية العسكرية في موقع «فيسبوك» أن سلاح الجو التابع لها شن منذ بداية العملية أكثر من 150 غارة جوية، استهدفت مواقع تنظيم داعش في سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي.
وتستخدم القوات الحكومية في معاركها مع التنظيم المتطرف الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، بينما تخوض مجموعات منها مواجهات مباشرة مع عناصر التنظيم بين المنازل. وقال مقاتل تابع للقوات الحكومية، مفضلا عدم كشف اسمه، إن «الحرب كانت في البداية بالطائرات والمدفعية، والآن أصبحت حرب شوارع». كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع «داعش» شرق سرت، حيث تستعد هذه القوات التي استعادت قرى وبلدات في الأيام الماضية، لاقتحام سرت من جهتها الشرقية.
وتقدمت القوات المؤلفة أساسا من مقاتلين من مدينة مصراتة الأسبوع الماضي، إلى أطراف قلب مدينة سرت، وهي جزء من عملية تدعمها حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، والتي وصلت إلى طرابلس في مارس (آذار) الماضي، وتعمل بشكل تدريجي لتوطيد سلطتها.
وتعتبر القوى الغربية حكومة السراج أفضل خيار في محاولة توحيد الجماعات السياسية والفصائل المسلحة الليبية ضد تنظيم داعش، ولإعادة بعض الاستقرار إلى ليبيا.
من جهة أخرى، لقي 7 مدنيين على الأقل مصرعهم، وأصيب 8 آخرون في قصف استهدف مناطق سكنية قرب خطوط القتال الأمامية في مدينة بنغازي بشرق البلاد، والتي شهدت معارك ضارية في بعض الأحياء على مدى العامين الماضيين. وقال فضل الحاسي، المتحدث باسم القوات الخاصة، إن القصف على مدى اليومين الماضيين جاء من منطقتي الصابري وسوق الحوت في شمال بنغازي.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، قصفت مقاتلات ضاحيتي الصابري وسوق الحوت وقتل 6 على الأقل من قوات حفتر في معارك على الأرض.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».