مشاورات الكويت تبحث عن أرضية لمسودة ومشاريع للاتفاق

أنباء عن مشروع اتفاق يبحثه المخلافي مع هادي.. و«المفوضية» تدين سلوك الميليشيات ضد المدنيين

إسماعيل ولد الشيخ في مؤتمر صحافي على هامش المشاورات السياسية في الكويت نهاية مايو الماضي (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ في مؤتمر صحافي على هامش المشاورات السياسية في الكويت نهاية مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

مشاورات الكويت تبحث عن أرضية لمسودة ومشاريع للاتفاق

إسماعيل ولد الشيخ في مؤتمر صحافي على هامش المشاورات السياسية في الكويت نهاية مايو الماضي (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ في مؤتمر صحافي على هامش المشاورات السياسية في الكويت نهاية مايو الماضي (أ.ف.ب)

رغم التفاؤل الذي يبديه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، بقرب التوصل إلى تسوية سياسية، بعد مرور 52 يوما على انطلاق مشاورات السلام اليمنية - اليمنية في دولة الكويت، وفي ظل الجهود الإقليمية والدولية التي تبذل لإنهاء الصراع المسلح في اليمن، فإن المعلومات تشير إلى أن المشاورات تواجه صعوبات كبيرة وتعنتا ومحاولات لنسف الجهود الأممية، من قبل وفد الانقلابيين (الحوثي - صالح)، إزاء كثير من القضايا والمقترحات المطروحة، بعد أن وصلت المشاورات إلى مرحلة وضع مسودة ومشاريع لاتفاق يشمل مختلف الجوانب، السياسية والأمنية والعسكرية والإنسانية.
ففي الوقت الذي تحدث فيه مبعوث الأمم المتحدة، عقب جلسة مع «رؤساء الوفود (في الكويت) اتسمت بالصراحة والغوص بالتفاصيل»، عن «الأرضية المشتركة الواسعة وسوف نبني عليها»، وعن أن الإشكالية تكمن «في التزمين والتطبيق»، فقد نفى رئيس وفد الانقلابيين إلى مشاورات الكويت، محمد عبد السلام، صحة التناولات الإعلامية عن «وجود توافقات متقدمة يمكن أن تمثل أرضية مشتركة لصياغة أي خطة حل خلال الأيام المقبلة».
وقال ولد الشيخ: «على الرغم من بعض التباين في وجهات النظر، فإن هناك إجماعًا على مواضيع محورية ولو أن تزمين الخطوات العملية وتراتبيتها لا يزال قيد التفاوض»، وأضاف: «تسلمت تعهدات من الأطراف تفيد بأنهم سيواصلون العمل الدؤوب في شهر رمضان المبارك من أجل الوصول إلى حل سلمي ومستدام في اليمن».
جاء ذلك في بيان صادر عن مكتبه، عقب لقاء جمع 4 من كل وفد لأول مرة منذ أكثر من أسبوعين. وقال البيان إن المشاركين ناقشوا «الترتيبات الأمنية والسياسية والإفراج عن السجناء والمعتقلين»، وجرت الإشارة، أيضا، إلى لقاء جمع ولد الشيخ بسفراء الدول الـ18، الراعية للتسوية السياسية في اليمن، وإلى «امتنانه لدعم بلدانهم لمساعي الأمم المتحدة الرامية لإحلال السلام في اليمن».
في هذه الأثناء، يجري عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، رئيس وفد الحكومة إلى مشاورات السلام بالكويت، مشاورات مع الرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن تطورات وسير عملية التفاوض والرؤى والطروحات المقدمة من كل الأطراف. ولم تستبعد مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون المخلافي حمل معه مسودات اتفاق لعرضها على الرئيس هادي، خصوصًا في ظل المعلومات شبه المؤكدة بأن المبعوث الأممي والدول الراعية لعملية السلام في اليمن، توشك على التقدم بصيغة مشروع اتفاق للحل في اليمن، قبل حلول منتصف رمضان المبارك الحالي.
وقد جاءت مغادرة المخلافي إلى الرياض مفاجئة، وأدت إلى تكهنات حول حدوث مشادات كلامية وملاسنات واشتباكات بالأيدي بينه وبين ممثل المخلوع صالح في الوفد، عارف الزوكا، غير أن نائب رئيس الوزراء، وزير الخدمة المدنية، نائب رئيس وفد الحكومة، نفى هذه الأنباء، وقال إن هذه المعلومات، غير الصحيحة، «لا تخدم عملية المشاورات وتحقيق السلام الذي جئنا إلى الكويت بحثًا عن تحقيقه لبلادنا وشعبنا»، و«نؤكد على أن الخلاف السياسي بيننا وبين وفد الطرف الآخر لا يعني التخلي عن أخلاقنا كيمنيين نسعى من أجل إيقاف الحرب التي فرضت علينا، ومهما كانت حدة الخلاف فإنه لا يمكن أن يتجاوز آداب وقواعد الحوار السياسي». وأضاف أن «حساسية المرحلة تتطلب من الجميع العمل بروح المسؤولية وتغليب المصلحة العامة للوطن على المصالح الشخصية وصناعة الإثارة الإعلامية التي لا تخدم أحدًا».
على صعيد آخر، أصدرت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أول من أمس، بيان إدانة لما تعرض له المدنيون ويتعرضون له في محافظة تعز على يد الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وقال البيان إن 18 مدنيًا قُتلوا وجرح 68 آخرون، في الهجمات الصاروخية وقصف قذائف الهاون، ما بين 3 و8 يونيو (حزيران) الحالي، وأضاف البيان، الذي ذيل باسم المتحدث عن المفوض السامي لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني (جنيف): «العديد من الأسواق تعرضت للقصف فيما كانت مكتظة بالناس الذين كانوا يتسوقون لشراء احتياجاتهم خلال شهر رمضان».
واستعرض متحدث المفوضية جملة من التفاصيل المتعلقة بالهجمات التي تعرض لها المدنيون في تعز، طوال الأيام الماضية، وقال إن تلك الهجمات والقذائف انطلقت من مناطق تسيطر عليها ميليشيات الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأشار إلى تلك المناطق بالتحديد، ورغم أن البيان أشار، باستحياء، إلى الجهات المتورطة، لأول مرة كما يقول المراقبون، فإن الناشط السياسي اليمني، بليغ المخلافي قال لـ«الشرق الأوسط» إن البيان «جيد، كبداية لاعتراف المفوضية بأخطائها السابقة وسكوتها عن الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات»، وإن «المفوضية بدأت تشير بأصابع الاتهام إلى الميليشيات وبدأت تستقي بعض معلوماتها من الأرض بعد أن كانت كل تقاريرها قائمة على معلومات من طرف واحد»، وعبر المخلافي عن اعتقاده بأن «هذا البيان يمهد لتغيير ممثل المفوضية في اليمن جورج أبو الزلف بشخص آخر أكثر مهنية وحيادية»، وقال: «حسب المعلومات التي لدي، فإن المفوضية لديها شخص يمثلها في تعز حاليا، وهذه خطوة جيدة للعمل بحيادية ونتمنى أن تعمم هذه الخطوة في كل المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات لرصد الانتهاكات التي تُمارس ضد المواطنين فيها».
وجاء بيان مفوضية حقوق الإنسان في وقت، تزايدت الانتقادات لدور الأمم المتحدة في اليمن، الذي يصفه بعض المراقبين بالسلبي وغير المحايد، خصوصًا من قبل بعض ممثلي المنظمة الدولية في الهيئات العاملة في اليمن. وكانت الحكومة اليمنية وعبر وزارة خارجيتها، أبلغت، مطلع يناير (كانون الثاني) العام الحالي، المفوضية السامية لحقوق الإنسان بقرارها طرد ممثل المفوضية في اليمن، جورج أبو الزلف، وقالت إنه «افتقد المهنية والحيادية ولم يعد شخصا مرغوبا به»، غير أن الحكومة اليمنية، وتحت ضغوط دولية، عادت وقبلت ببقائه في موقعه، دون الإعلان عن الالتزامات التي تحصلت عليها أو التعهدات بممارسة ممثل المفوضية لمهامه بمهنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.