الاجتماع العسكري الروسي ـ السوري ـ الإيراني.. لم يأت بالنتائج المرجوة

وفق مراقبين التقتهم «الشرق الأوسط» في موسكو

وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان خلال الاجتماع الروسي - السوري - الإيراني الذي عقد في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان خلال الاجتماع الروسي - السوري - الإيراني الذي عقد في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

الاجتماع العسكري الروسي ـ السوري ـ الإيراني.. لم يأت بالنتائج المرجوة

وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان خلال الاجتماع الروسي - السوري - الإيراني الذي عقد في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان خلال الاجتماع الروسي - السوري - الإيراني الذي عقد في طهران أول من أمس (أ.ف.ب)

تسود ميدانيًا حالة ترقب في سوريا، عقب المحادثات التي جرت في العاصمة الإيرانية طهران أول من أمس، بمشاركة وزراء دفاع روسيا والنظام السوري وإيران، بدعوة من الأخيرة، لبحث التطورات والتعاون العسكري بين الدول الثلاث في العمليات العسكرية في سوريا.
تصريحات وزير الدفاع الإيراني حسن دهقان لم تكشف كثيرا حول ما بحثه المجتمعون وما توصلوا إليه من نتائج أو اتفاقات، بينما لم يصدر عن الجانب الروسي أي تعليق عقب المحادثات، إلا أن وسائل إعلام روسية نقلت عن مصادر مطلعة القول بأن المجتمعين في طهران بحثوا بصورة رئيسية تنسيق العمليات القتالية في مدينة الرقة، معقل تنظيم داعش الإرهابي، فضلا عن التنسيق بصورة أفضل بين القوات الجوية الروسية وقوات النظام السوري، وتحديد جملة مواقع وأهداف ليتم قصفها جوًا خلال شن تلك القوات عمليات هجومية.
من ناحية أخرى، أكد مصدر مطلع في العاصمة الروسية في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن معركة الرقة لم تكن وحدها موضوعًا رئيسيًا بحثه اجتماع طهران، وقال إن المعارك في محيط حلب كانت أيضًا ضمن المواضيع الرئيسية التي جرى بحثها. أما النتائج التي توصل إليها المجتمعون فقد رجح المصدر أنها لم تأت مناسبة للرغبات الإيرانية، موضحًا بهذا الصدد أن إيران تريد من روسيا مشاركة أكثر فعالية في معركة حلب، لا تقتصر على ضمان حفاظ قوات النظام على المناطق التي استعادت السيطرة عليها خلال المرحلة النشطة من العملية الجوية الروسية في سوريا، أي قبل الإعلان عن سحب جزء من القوات الروسية من هناك، بل وأن تشمل دعما لعمليات هجومية جديدة في حلب وريفها.
وأعاد المصدر من العاصمة الروسية إلى الأذهان أن إيران أصرت منذ بداية الربيع على معركة استعادة حلب. إلا أن روسيا، حسب قوله، أعلنت عن موقفها بوضوح في ذلك الوقت على لسان الرئيس فلاديمير بوتين، خلال برنامج «على الهواء مباشرة مع بوتين»، الذي قال حينها: «نعرف أن الوضع معقد جدًا في محيط مدينة حلب، المعارضة تحاول تحسين موقفها الميداني، أما الجيش السوري فإن أموره كما هي عليه الآن على ما يرام. نحن نتابع الوضع بدقة، كي لا نسمح بتدهوره».
وختم المصدر حديثه لـ«الشرق الأوسط» موضحًا أن موقف روسيا، حسب وجهة نظره، واضح تمامًا، ومفاده أن «روسيا لا تريد فتح معارك جديدة، وهي لم تتدخل كي تخوض حربا بل لتخلق شروطًا مناسبة للحل السياسي، وعليه فهي لن تتورط في معارك جديدة، لكنها ستواصل ضرباتها لمواقع المجموعات الإرهابية، ودعمها القوات الحكومية في المعارك ضد الإرهابيين مثل معركة الرقة، وستؤمن الغطاء الجوي المناسب كي تبقى القوات الحكومية مسيطرة على المناطق التي استعادتها مؤخرًا»، حسب قول المصدر.
في غضون ذلك، لم تستبعد صحف روسية أن يكون وزراء دفاع روسيا والنظام السوري وإيران قد بحثوا إمكانية التنسيق في توجيه ضربات ضد المجموعات التي لم تنضم إلى اتفاق وقف إطلاق النار، أو انضمت لكنها لا تلتزم به. وكانت صحيفة «كوميرسانت» قد أشارت نقلا عن مصادر روسية أن «المقاتلات الروسية مستعدة لتوجيه ضربات في أي لحظة لمواقع تلك المجموعات التي ترى ضرورة توجيه ضربات لها، دون أن تنتظر من الشركاء الأميركيين أن ينفذوا ما التزموا به من فصل بين المعارضة والإرهابيين».
أما صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» فقد نقلت عن فلاديمير ساجين، كبير الباحثين في معهد «الاستشراق»، قوله إن ما يبدو للوهلة الأولى توافقًا وانسجامًا بين مواقف الدول الثلاث روسيا وإيران وسوريا، حول الوضع الميداني في سوريا ليس سوى ظاهر يخفي في طياته تباينات، «وإذا كانت مواقف الدول متطابقة في القضايا التكتيكية، فإنه لا وحدة في المواقف بينها بشأن مستقبل سوريا، ولدى كل طرف رؤيته الخاصة في هذا المجال»، حسب قول ساجين، الذي أعرب عن اعتقاده بأن لقاء طهران كان فقط «لضبط التوقيت، وتحديد المهام المطلوبة من كل طرف في المرحلة الحالية».
في شأن آخر على صلة بالأزمة السورية كشفت سوزان رايس، مساعدة الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، أن المحادثات بين بلادها وروسيا حول جوانب التسوية السورية تجري بشكل يومي عمليًا، وعلى كل المستويات، وعبر أكثر من قناة مباشرة. وبالربط بين لقاء طهران وتصريحات رايس يرى مراقبون أن إيران، التي لم تعد قادرة على تحمل أعباء معركة حلب، تسعى لاستغلال الاستياء الروسي من الولايات المتحدة لعدم تنفيذها ما تعهدت به من فصل بين المعارضة والإرهابيين. تريد إيران بهذا الشكل دفع الجانب الروسي نحو تعاون أكبر معها في المعارك في سوريا.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.