هجمات إرهابية تضرب كازاخستان وسط مخاوف من انتشار الإرهاب في روسيا

الأمن صنفها هجمات غير مسبوقة.. ومراقبون يرون أنها جريمة منظمة

إجراءات أمنية مشددة في أكتوبي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية مشددة في أكتوبي («الشرق الأوسط»)
TT

هجمات إرهابية تضرب كازاخستان وسط مخاوف من انتشار الإرهاب في روسيا

إجراءات أمنية مشددة في أكتوبي («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية مشددة في أكتوبي («الشرق الأوسط»)

أعلنت السلطات الكازاخية عن تعزيز التدابير الأمنية في كل المطارات ومحيطها، بينما يبقى ساريًا التحذير «على المستوى الأصفر» في عموم البلاد من خطر وقوع عمل إرهابي، وذلك إثر هجمات شنها مسلحون في مدينة أكتوبي غرب كازاخستان، على بعد مائة كيلومتر (كلم) تقريبًا عن الحدود مع روسيا الاتحادية. وتقول وزارة الداخلية الكازاخية إن مجموعة من 10 مسلحين إلى 15 مسلحا قاموا يوم 5 يونيو (حزيران) الحالي باقتحام محال لبيع الأسلحة في مدينة أكتوبي، حيث أخذوا من هناك مزيدا من الأسلحة، ومن ثم سيطروا على حافلة ركاب طردوا كل من كان على متنها، واستخدموها في اقتحام معسكر في المدينة للحرس الوطني. وأدت تلك الهجمات إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات بجروح، بينما تمكنت قوات الأمن الكازاخية من القضاء على 11 إرهابيًا، وفق ما أكدت وزارة الداخلية الكازاخية، التي أشارت إلى أنه تم إعلان «عملية مكافحة الإرهاب» في أكتوبي، وحافظت فيها على التحذير من وقوع هجمات إرهابية عند المستوى «الأحمر الغامق».
وأكد قالموخانبيت قاسيموف، وزير الداخلية الكازاخي أن الأجهزة الأمنية تمكنت بعد مطاردات من القضاء مع فجر أول من أمس على 12 مشاركًا في هجمات أكتوبي، وإلقاء القبض على 9 آخرين، ووصف الهجمات التي وقعت بأنها «هجمات إرهابية غير مسبوقة دون أدنى شك»، موضحا في تصريحات للصحافيين أمس أنه «تم وضع كل القوات الأمنية في حالة تأهب قصوى»، حيث تم تعزيز حماية كل المنشآت الحكومة والعامة التي قد يستهدفها الإرهابيون. ولم تكن تلك الهجمات الأولى من نوعها التي تشهدها المدينة، ففي مايو (أيار) عام 2011 قام رحيم جان ماخاتوف، المواطن من مدينة أكتوبي بتفجير نفسه أمام مبنى هيئة الأمن في المدينة، ليكون بذلك أو انتحاري في كازاخستان، وقال أهله حينها إنه عضو في جماعة إسلامية متطرفة. كما شهدت مدن كازاخية أخرى هجمات إرهابية في سنوات سابقة، منها تفجيران في خريف عام 2011، استهدفا مقر النيابة العامة، والمجلس المحلي في مدينة أتيراو، وأعلنت حينها مجموعة تطلق على نفسها «جند الخلافة» المسؤولية عن ذلك الهجوم. وفي خريف العام ذاته قام مسقط كارييف، وهو مواطن كازاخي يدعو لـ«الجهاد»، بشن عدة هجمات في مدينة تاراز، بما في ذلك هجوم استهدف مبنى جهاز الأمن القومي، ما أدى إلى سقوط 7 قتلى، بينما فجر كارييف نفسه عندما كان رجال الأمن يحاولون اعتقاله.
ويرى علي بيك كيمانوف، الخبير السياسي الكازاخي المتخصص بالجماعات المتطرفة، أن اختيار مدينة أكتوبي هدفا للهجمات لم يكن مجرد صدفة، موضحًا أن «مناطق غرب كازاخستان، حيث تقع مدينة أكتوبي، تقع تحت تأثير فكري آيديولوجي قوي من جانب القوى في منطقة شمال القوقاز، وهناك فئات من سكان غرب كازاخستان قريبون جدًا من الفكر المتطرف الذي ينتشر في داغستان (جمهورية في القوقاز عضو في الاتحاد الروسي)، ومنها تصل العقلية المتطرفة إلى مدن أكتوبي وارتيراو».
بالمقابل يدعو يرلان كارين، الخبير الكازاخي المتخصص بشؤون الإرهاب، إلى التروي وعدم وضع تقييمات متعجلة لما جرى، معربًا عن اعتقاده بأن الهجمات جرت دون تخطيط مسبق. ويتفق معه في وجهة النظر هذه إلى حد ما المحلل السياسي الروسي أركادي دوبنوف الذي أشار إلى أن المهاجمين ليسوا من أتباع «داعش» على ما يبدو، لافتًا إلى أن تلك الجماعة كانت ستسارع لتبني الهجمات غير المسبوقة لو كان المنفذون من أتباعها، ويرجح دوبنوف أن ما جرى كان هجومًا قامت به مجموعات إجرامية، لأن المهاجمين «لم يذبحوا الحارس بالسكين، ولم يأخذوا ركاب الحافلة التي سيطروا عليها رهائن لديهم، وهذه ممارسات لا تشبه ممارسات الجماعات الإرهابية» حسب قوله.
يذكر أن الهجمات في أكتوبي جرت في وقت تشهد فيه بعض مدن البلاد احتجاجات سببها المباشر إصلاحات في مجال ملكية الأراضي، وخلفيتها العامة تكمن في تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد. وبينما وضع مراقبون روس الهجمات في سياق ما قالوا إنها محاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في «أوراسيا»، ولذلك اختار الإرهابيون توجيه الضربات في المنطقة الحدودية بين روسيا وكازاخستان، ذهبت هيئة الأمن الكازاخية بداية إلى تحميل رجل الأعمال توختار توليشوف، المعتقل منذ مطلع العام الحالي المسؤولية عما جرى، وأشارت إلى أنه حاول بذلك الشكل زعزعة استقرار البلاد. وأكد رسلان كاراسايف، المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمن الكازاخية، أن توليشوف قام بمحاولات سابقًا للاستيلاء على السلطة بالقوة، وأن خطته تقوم على «خلق بؤر توتر في البلاد، وتنظيم احتجاجات وفوضى، كان ينوي أن يؤسس على خلفيتها حكومة بديلة للبلاد».
أخيرًا يذكر أن السلطات الكازاخية كانت تعمل طيلة السنوات الماضية على الحد من انتشار أي فكر متطرف في البلاد، وفي هذا السياق اتخذت جملة تدابير؛ منها الترويج للفكر الإسلامي المعتدل بين الشباب، والاستعانة برجال دين من الدول العربية لهذا الغرض. وفي السنوات الأخيرة ومع ظهور «داعش» شددت السلطات الكازاخية تدابيرها الأمنية الاستباقية، التي شملت مراقبة المعلومات حول مشاركة كازاخيين في صفوف «داعش» في سوريا والعراق، ومتابعة هؤلاء المواطنين واتخاذ الإجراءات الضرورية بحقهم، خشية أن يتمكنوا من تشكيل خلايا إرهابية في البلاد. ويزيد الوضع تعقيدًا في كازاخستان، كما في جمهوريات آسيا الوسطى عموما، أنها مجاورة جغرافيا لأفغانستان، حيث تنشط «القاعدة» ومجموعات متطرفة أخرى قوامها من أبناء آسيا الوسطى، وقد يستغل هؤلاء أي ظرف مناسب ليطلقوا نشاطهم الإرهابي في آسيا الوسطى؛ المنطقة التي تشكل أهمية حيوية واستراتيجية لكل من روسيا والصين والولايات المتحدة في آن.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».