امرأة من دير الزور لرئاسة «مجلس الشعب السوري».. والمخرج أنزور نائبًا لها

السوريون يسخرون من القرار ويعتبرونه افتتاح مسلسلات رمضان

امرأة من دير الزور لرئاسة «مجلس الشعب السوري».. والمخرج أنزور نائبًا لها
TT

امرأة من دير الزور لرئاسة «مجلس الشعب السوري».. والمخرج أنزور نائبًا لها

امرأة من دير الزور لرئاسة «مجلس الشعب السوري».. والمخرج أنزور نائبًا لها

كان خبر انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب السوري من الدورة العادية الأولى للدور التشريعي الثاني، سيمر مرور الكرام في زحمة الأخبار السورية اليومية الموجعة، لولا الإعلان عن منصبي الرئيس ونائبه: امرأة وفنان، للمرة الأولى بتاريخ سوريا، وكلاهما جاء بالطبع بالتعيين، وكما يشاء المعنيون بتسيير الأمور داخل النظام السوري.
وفي الجلسة التي انعقدت صباح أمس، أعلن رسميا عن «انتخاب مكتب المجلس الذي يضم رئيس المجلس ونائبه وأمينين للسر ومراقبين، حيث فازت بالتزكية هدية خلف عباس برئاسة مجلس الشعب، ونجدت إسماعيل أنزور نائبا لها، بينما انتخب العضوان رامي الصالح وخالد العبود أمينين للمجلس، والعضوان ماهر قاورما وعاطف الزيبق مراقبين».
وفجرت تلك الأنباء عاصفة من السخرية وسط الوجوم المخيم على السوريين في ظل حرب عبثية، ووضع اقتصادي ومعيشي مترد، وتغول المافيات المالية المرتبطة بالنظام. وكانت أولى التعليقات على خطاب «الرئيسة» الذي حفل بالأخطاء اللغوية، على لسان أحد المتابعين، إنه «التقط ما لا يقل عن خمسة أخطاء في أول سطرين مما كانت تقرأه قراءة من نص مكتوب مسبقا».
وهدية عباس من مواليد محافظة دير الزور عام 1958، وحاصلة على دكتوراه في الهندسة الزراعية من جامعة حلب وعملت مدرسة في جامعة الفرات. وشغلت مناصب؛ منها رئيسة المكتب الإداري للاتحاد الوطني لطلبة سوريا؛ فرع دير الزور – الرقة، وعضو قيادة فرع دير الزور لحزب البعث العربي الاشتراكي، كما انتخبت عضوا بمجلس الشعب للدور التشريعي الثامن بين عامي 2003 و2007، وعضوا بلجنة المصالحة الوطنية على مستوى محافظة دير الزور.
أما نجدت إسماعيل أنزور، فهو من مواليد حلب سنة 1954، وينحدر من أصول شركسية، وأخرج عشرات المسلسلات التلفزيونية، ذات الإنتاج الضخم، ووقف إلى جانب النظام السوري في حربه على السوريين المعارضين، وأنتج عددا من المسلسلات التي تظهر معارضي نظام الأسد على أنهم إرهابيون متطرفون.
يعلق أبو حسين، وهو من غلاة الموالين للنظام، على تعيين المنصبين «لم أصدق الخبر، ظننته الحلقة الأول من إحدى مسلسلات رمضان!». ناصر.ع، وهو ناشط معارض في دمشق، قال إن «النظام يريد أن ينظف يديه من دماء السوريين بمنديل حريمي ناعم»، ليقول للعالم إنه متحضر وقد اختار امرأة من دير الزور؛ المحافظة الشرقية، ليظهر التناقض بينه هو (العلماني)، وبين تنظيم داعش المسيطر على دير الزور والذي يروج له على أنه يمثل كل معارضيه». وتابع ناصر: «ألاعيب النظام مكشوفة وفجة إلى درجة السذاجة، لكن المشكلة أن حلفاءه الروس يعيدون إنتاج هذه الأكاذيب وترويجها أمام الرأي العام الغربي». أما عن اختيار المخرج أنزور، الذي يرى السوريون المحافظون أنه أساء للدين الإسلامي بمسلسله «ما ملكت أيمانكم»، وما تلاه من مسلسلات ناهضت الثورة على النظام، فأكد ناصر على أن «نجدت أنزور أدى خدمات كبيرة للنظام خلال السنوات الخمس الماضية وما قبلها أيضا، ووصوله إلى مجلس الشعب كان مكافأة مجزية على هذه الخدمات».
ريما، وهو اسم مستعار لعاملة في شركة إنتاج فني، يضحكها نبأ تعيين نجدت أنزور نائبا لرئيس مجلس الشعب، وتقول: «إنه أول مخرج سوري وعربي أدخل الفانتازيا والإبهار البصري إلى الدراما السورية، بغض النظر عن المضمون، وهو أول من سمح لنفسه بالعبث بالتاريخ والواقع وتزويره تحت اسم الفانتازيا، ووصوله إلى منصب نائب رئيس مجلس الشعب هو تعبير فانتازي عما آل إليه حال مجلس الشعب السوري». وتوقعت ريما، أن يرتدي أعضاء مجلس الشعب في الجلسة المقبلة ملابس الممثلين في مسلسلات الجوارح والكواسر والبواسل، ومن حولهم يعج دخان كثيف». وانتهت ريما إلى التأكيد على أن أنزور «أعطى لتعبير التمثيل النيابي معنى دراميا، وكله تمثيل، وأيضا تمثيل بمعنى التشنيع بما بقي من حياة لدى السوريين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.