الجزائر: سلال يهاجم «من قفزوا من السفينة الغارقة» على أثر استفحال أزمة النفط

اتهم المعارضة بـ«المراهنة على زعزعة استقرار البلاد»

الجزائر: سلال يهاجم «من قفزوا من السفينة الغارقة» على أثر استفحال أزمة النفط
TT

الجزائر: سلال يهاجم «من قفزوا من السفينة الغارقة» على أثر استفحال أزمة النفط

الجزائر: سلال يهاجم «من قفزوا من السفينة الغارقة» على أثر استفحال أزمة النفط

هاجم رئيس وزراء الجزائر عبد المالك سلال المعارضة دون ذكرها بالاسم، بحجة أنها «راهنت على زعزعة استقرار الجزائر» على أثر انهيار أسعار النفط الذي انعكس سلبا على الصحة المالية للبلاد.
وأعلن عن انخفاض مخزون العملة الصعبة بـ37 مليار دولار، منذ نهاية العام الماضي. وقال سلال بالعاصمة أمس، في خطاب بمناسبة بدء أعمال اجتماع مشترك بين الحكومة والنقابة المركزية وأرباب العمل الخواص، إن «البعض قفز من السفينة كي لا يحاسبوا على غرق كان يبدو لهم حتميا»، من دون توضيح من يقصد، لكن كلامه موجه على الأرجح لرؤساء حكومات ووزراء سابقين، عرفوا بحدة لهجتهم ضد سياسات الحكومة وطريقة تسييرها الأزمة المالية الخطيرة، التي تتخبط فيها البلاد منذ عامين. ويعرف هذا الاجتماع الذي يعقد دوريا، بـ«الثلاثية».
وانتقد سلال «الذين أعمى الحقد بصيرتهم»، في إشارة ضمنية إلى «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي» التي تضم أهم الأحزاب والشخصيات المعارضة، والتي دعت مؤخرا الحكومة إلى الاستقالة بحجة عجزها عن مواجهة الأزمة المالية. كما تتعاطى المعارضة بشكل مركز مع ما يسمى «الشغور في السلطة» بسبب مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وانسحابه من المشهد منذ عامين، وهو ما يغضب المسؤولين في الدولة، خصوصا المقربين من الرئيس، وسلال واحد منهم.
وتحدث الرجل الثاني في السلطة التنفيذية، عن «دول أغنى من الجزائر تضاعف أسعار الوقود، وتقلص الدعم الاجتماعي وتقطع الماء والكهرباء، وتضع موظفين في البطالة الفنية». ودعا رئيس الوزراء الجزائريين إلى «المساهمة في رفع تحدي (جزائر القرن الـ21)، بعد أن انطلقت البلاد في مسار التجديد الوطني، ورغم كيد الذين أعمى الحقد بصيرتهم، فالجزائر ستبقى واقفة، وإذا كانت أسعار البترول قد انخفضت، فإن وحدة الشعب الجزائري وعبقريته، ثروة لن تفقد أبدا قيمتها». وتقلصت مداخيل الجزائر من بيع النفط في العامين الماضيين، إلى النصف، مما دفع بالحكومة إلى تجميد كل مشاريع البنية التحتية والمرافق العمومية، وبخاصة المستشفيات والمدارس.
وقال سلال إن مخزون العملة الصعبة انكمش إلى 106 مليارات دولار، بعدما كان 143 مليار دولار في نهاية 2015. ومن شأن ما أعلن عنه أن يثير مخاوف غالبية الجزائريين، الذين يشترون أهم حاجاتهم من الغذاء ومستلزمات المعيشة، بفضل ما تستورده الجزائر من حبوب ومواد نصف مصنعة. ويتفق خبراء الاقتصاد على أن البلاد ستصل إلى حالة عجز كامل عن تلبية حاجات 40 مليون جزائري، في غضون السنوات الثلاث المقبلة، إذا لم تجد بدائل سريعة للاقتصاد المبني حصريا على الريع البترولي.
وقد أعلن سلال بمناسبة اجتماع أمس، عن «نموذج اقتصادي جديد» يقوم على تشجيع الاستثمار، وتحفيز الشركات الخاصة القادرة على تصدير منتجها إلى الخارج. غير أن الخبراء يشكون في قدرة المنتج المحلي على منافسة المنتجات التي تأتي في معظمها من الصين وتركيا ومن أوروبا الغربية، وبخاصة فرنسا. وحتى إذا توفر شرط «القدرة على المنافسة» بخصوص ما توفره المؤسسة الخاصة، فالأزمة الحالية تتطلب حلولا سريعا لجلب مبالغ كبيرة، وتحاشي توقيف مزيد من المشاريع الحيوية.
وحاول سلال التهوين من حدة الأزمة على قطاعات واسعة من المجتمع، بقوله إن «العدالة الاجتماعية معترك يتعين يوميا على الدولة تجسيده بين فئات المجتمع في كل الميادين وذلك بالمساواة أمام القانون وتوازن الأقاليم وتكافؤ الفرص، وكذا الإنصاف في تطبيق النظم والمعايير». وأوضح أن «واجب العدالة الاجتماعية خط ثابت في عمل الجهاز التنفيذي، وسنتقيد به خلال التعديلات التشريعية المقبلة لقانون العمل ومنظومة التقاعد بعد تحقيق الإجماع في (الثلاثية)».
وناشد رئيس الوزراء «كل جزائري يشعر بأن له مكانة في بلاده، المساهمة في بنائها. ولكن المطالبة بهذه المكانة تستدعي الاعتراف أيضا بحق الآخرين في المواطنة، وذلك جوهر رسالة المصالحة الوطنية التي زكاها الشعب بسيادة (في استفتاء نظم عام 2005) والتي من واجبنا ألا ننحرف عنها أبدا»، مشيرا إلى أنه «على ثقة بأننا سنتغلب على الأزمة بفضل إرادة الجميع وجهودهم المخلصة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».