شنت قوات المعارضة السورية في ريف حلب الجنوبي هجومًا كبيرًا على معاقل قوات النظام، وفق تكتيك «استعادة المناطق بحسب الخريطة الجغرافية التي أطلقتها قوات النظام في الشتاء الماضي»، وذلك في محاولة للوصول إلى طريق خناصر وقطع خط إمداد النظام الوحيد إلى مدينة حلب، تمهيدًا لمحاصرتها. وجاءت الهجمات المعارضة في ظل تصاعد وتيرة القصف في مدينة حلب بشكل كبير، مع تبادل الطرفين قصف الأحياء، وتنفيذ قوات النظام أكثر من 100 غارة جوية خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأفاد ناشطون بمقتل 16 شخصا، أمس، في قصف جوي متواصل منذ أيام على الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب في شمال سوريا. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «القصف الجوي تواصل طوال الليل وأصبح أكثر شدة صباح اليوم (أمس)»، مشيرا إلى أن «عشرات الغارات استهدفت منذ فجر الأحد مدينة حلب والمناطق الواقعة إلى الشمال منها».
واستهدف القصف أحياء عدة في الجهة الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل ما أسفر عن «مقتل تسعة مدنيين في قصف مروحي بالبراميل المتفجرة على حي القاطرجي، واثنين آخرين بينهم طفل في حي الميسر».
وفي وقت لاحق قتل أربعة في حيي الشعار وجسر الحج، وشخص في طريق الكاستيلو المنفذ الوحيد المتبقي لسكان الأحياء الشرقية وبات بحكم المقطوع بسبب القصف. وأشار المرصد إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع بسبب سقوط «عشرات الجرحى في القاطرجي».
وأظهرت صور فيديو التقطها مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» دمارا كبيرا في حي القاطرجي إذ سقط مبنى بشكل كامل على الشارع الضيق، وعمد السكان إلى رفع المدنيين من تحت الأنقاض، وحمل أحد المسعفين طفلا سارع لنقله إلى سيارة الإسعاف ليضعه إلى جانب طفل آخر غطت الدماء وجهه. واستهدفت الغارات الجوية أيضا بلدات عندان وحريتان وكفرحمرة في ريف حلب الشمالي.
وقالت مصادر معارضة في مدينة حلب لـ«الشرق الأوسط»، بأن الطائرات الحربية قصفت طريق الكاستيلو بشكل عنيف: «لمنع وصول إمدادات إلى المناطق المحاصرة في أحياء المعارضة»، مشيرة إلى أن «الغارات تستهدف طرق الإمداد وحافلات المحروقات القادمة إلى حلب، فضلاً عن صهاريج المحروقات المتنقلة باتجاه محافظة إدلب» من الحدود التركية، وهي المحافظة الخاضعة بأكملها (باستثناء قريتين شيعيتين) لسيطرة قوات المعارضة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن «مستشفيين رئيسيين، إضافة إلى أربعة مستشفيات ميدانية، خرجت عن الخدمة بفعل القصف»، مشيرة إلى أن «الدفاع المدني وجه نداء إلى جميع العناصر لإرسال مؤازرات بغرض مساعدته على إجلاء الجرحى وإنقاذ المصابين، نظرًا لأن طواقمه لا تستطيع تغطية كافة المناطق المعرضة للقصف».
إلى ذلك واصلت الفصائل المقاتلة، وفق المرصد، قصفها للأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام في المدينة. وتشهد مدينة حلب منذ أيام عدة قصفا عنيفا متبادلا بين الطرفين إذ قتل السبت 24 شخصا، بينهم ستة أطفال، في الأحياء الغربية وقتل 11 آخرين في الأحياء الشرقية، وفق المرصد.
وأفاد ناشطون بمقتل مواطنة وسقط عدد من الجرحى إثر إصابتهم برصاص قناص في حي الراموسة الخاضع لسيطرة قوات النظام، فيما سقطت عدة قذائف أطلقتها الفصائل الإسلامية على مناطق سيطرة قوات النظام في حي الميدان ومحيط الحديقة العامة وشركة الكهرباء بمدينة حلب، ما أدى إلى سقوط جرحى.
في غضون ذلك، أطلق «جيش الفتح» في ريف حلب الجنوبي، معركة لاستعادة السيطرة على مناطق كانت سيطرت عليها قوات النظام في الشتاء الماضي، بدعم من غطاء جوي روسي.
وقال القيادي في حركة «أحرار الشام» محمد اشلامي لـ«الشرق الأوسط» بأن الخطة تهدف إلى «قطع طريق خناصر» وهو خط الإمداد الوحيد لقوات النظام باتجاه حلب «ومحاصرة مدينة حلب بأكملها استباقًا لخطة النظام لإطباق الحصار على قوات المعارضة». وقال: إن المعركة «تقضي بالسير بالمسار الجغرافي نفسه الذي سارت فيه قوات النظام من ريف حلب الشرقي باتجاه الجنوب، وذلك عبر السير عكسًا من جنوب حلب باتجاه خط خناصر والالتفاف باتجاه مناطق شمال حلب، لمنع حصارها».
وأفاد ناشطون باستمرار الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية من جهة، والفصائل الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة أخرى، في محيط قرية الحميرة بريف حلب الجنوبي التي قالت مصادر المعارضة بأنها تقدمت باتجاهها، وضمت ثلاث قرى إلى نطاق سيطرتها. في الوقت نفسه، استهدفت الفصائل المقاتلة بصاروخ تاو أميركي مدفعا لقوات النظام في قرية القراصي بريف حلب الجنوبي ما أدى لإعطابه، في حين قتل عدة عناصر من قوات النظام خلال اشتباكات مع الفصائل الإسلامية والمقاتلة في أطراف بلدة بيانون بريف حلب الشمالي، بينما جددت قوات النظام قصفها لمناطق في بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.
مدينة حلب تحت قصف عنيف بين النظام والفصائل
«جيش الفتح» يطلق معركة جنوب المدينة لقطع خط إمداد النظام
مدينة حلب تحت قصف عنيف بين النظام والفصائل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة