النظام يدخل معقل «داعش» في الرقة.. وتنسيق أميركي ـ روسي لمواجهة التنظيم

الأكراد يتهمونه بمسابقتهم على عمليات «التحرير»

النظام يدخل معقل «داعش» في الرقة.. وتنسيق أميركي ـ روسي لمواجهة التنظيم
TT

النظام يدخل معقل «داعش» في الرقة.. وتنسيق أميركي ـ روسي لمواجهة التنظيم

النظام يدخل معقل «داعش» في الرقة.. وتنسيق أميركي ـ روسي لمواجهة التنظيم

ازداد المشهد في الشمال السوري الملتهب تعقيدًا مع دخول قوات النظام، أمس السبت، بدعم جوي روسي لأول مرة منذ نحو سنتين، إلى محافظة الرقة، معقل تنظيم داعش، محاولة السيطرة على قاعدة الطبقة العسكرية. وجاء هذا التطوّر بعد أيام معدودة من تغيير ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من واشنطن، وجهتها من الرقة إلى مدينة منبج في ريف محافظة حلب، ما يؤكد وجود تنسيق عالي المستوى بين موسكو وواشنطن ينعكس بتحركات القوات البرية على الأرض، وكذلك حركة الطائرات الحربية الروسية والأميركية في الجو.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد أن «قوات النظام بالتعاون مع مقاتلين موالين دربتهم موسكو يعرفون باسم قوات (صقور الصحراء)، وبغطاء جوي روسي، تمكنوا السبت من دخول الحدود الإدارية لمحافظة الرّقّة» في شمال سوريا، في حين ادعت وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم داعش أن مسلحيه «أحبطوا هجومًا عنيفًا لقوات من الجيش السوري كانت تسعى للوصول إلى قاعدة الطبقة».
للعلم، في حال تمكنت قوات النظام من الوصول إلى طريق الرقة - حلب وبحيرة الفرات، فإن تنظيم داعش يكون قد حوصر في محافظة حلب، من 3 جهات، وهي قوات النظام في الجنوب والجنوب الغربي، وفصائل المعارضة السورية في الغرب، وميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الغالبية الكردية من جهة الشرق.
ووفق التقارير، كانت قوات النظام قد بدأت يوم الخميس الماضي، هجومًا من منطقة أثريا في ريف محافظة حماه الشمالي، وتسببت الاشتباكات بين الطرفين منذ بدء العملية بمقتل 26 عنصرًا من «داعش» وتسعة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وفق «المرصد». وتقع أثريا على بعد نحو مائة كيلومتر جنوب غربي الطبقة، التي تبعد بدورها نحو خمسين كيلومترا عن مدينة الرقة، مركز المحافظة. ويهدف الهجوم بالدرجة الأولى إلى استعادة السيطرة على مدينة الطبقة الواقعة على بحيرة الفرات، التي سيطر عليها «داعش» في أغسطس (آب) 2014، بعد إعدامه 160 جنديا في أعقاب سيطرته على المطار في المدينة. وفي حين تحدثت مواقع مقربة من النظام السوري عن تقدم قواته 6 كيلومترات بعد منطقة مفرق زكية الواقعة عند حدود محافظة الرقة، إثر اشتباكات مع مسلحي «داعش»، قال «المرصد» إن قوات النظام باتت على بعد أقل من 40 كيلومترًا عن الطبقة.
من جهة أخرى، يأتي هجوم قوات النظام بدعم روسي في الرقة بعد بدء ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، بدعم جوي من التحالف الدولي، هجومًا مماثلا في 24 مايو (أيار) لطرد التنظيم من شمال محافظة الرقة، انطلاقا من محاور عدة، أحدها باتجاه الطبقة ولكن من ناحية الشمال.
وتعليقا على تزامن الهجومين باتجاه الطبقة، قال مدير «المرصد» السوري رامي عبد الرحمن عبد الرحمن: «يبدو أن هناك تنسيقًا غير معلن بين واشنطن وموسكو»، لافتا إلى أن «معركة النظام تهدف للسيطرة على الطبقة وليس دخول مدينة الرّقّة في الوقت الراهن نظرا لصعوبة المعركة وتحضير (داعش) عشرات الانتحاريين لخوض المواجهة بهم». وتابع عبد الرحمن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام يستعين لخوض معركة الطبقة بمئات المسلحين التابعين لما يُعرف بميليشيا (صقور الصحراء)، وهي من شبيحة النظام في منطقة الساحل، الذين درّبتهم روسيا ويتبعون رجل الأعمال السوري المقرب من النظام محمد جابر».
وفي هذه الأثناء، اتهمت مصادر قيادية كردية النظام السوري بـ«مسابقة قوات سوريا الديمقراطية على تحرير مناطق الرقة والشمال السوري لعلمه أن ما تحرّره هذه القوات لا يمكن أن يستعيده هو بأي شكل من الأشكال». وادعت هذه المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «سوريا الديمقراطية» لا تأتمر بأوامر واشنطن أو موسكو، لافتة إلى أن هناك «التقاء مصلحة على الصعيد الاستراتيجي والسياسي». وأردفت «أما كل ما يُحكى عن الكرد بوصفهم أدوات أميركية أو مقاتلين تحت الطلب فحديث لا نقبل به جملة وتفصيلاً». وتجدر الإشارة إلى أنه ظهر عدد من الجنود الأميركيين مؤخرا وهم يضعون شارات ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» أثناء عمليات عسكرية في الشمال السوري، بينما رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، على سؤال حول التعاون مع واشنطن، مشددا على «أولوية اتخاذ تدابير مباشرة وفعالة وحازمة في القتال ضد الإرهابيين».
على صعيد آخر، لا يستغرب العميد اللبناني المتقاعد هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، بروز التنسيق الأميركي - الروسي أكثر إلى العلن في الآونة الأخيرة، معتبرا أنّه «تعاون موجود من اليوم الأول من دخول موسكو إلى الحرب السورية، بدليل أنّه لم يحصل أي احتكاك أميركي - روسي في الجو ولم يحصل أي مواجهة بين أتباعهم من قوات برية على الأرض». وأضاف جابر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» شارحًا: «المعلومات المتوافرة تؤكد أن الأميركيين قد طلبوا من الروس المساندة بمنع الإمدادات اللوجيستية لـ«داعش» في الرقة من البادية السورية ودير الزور، وقد بدأ الروس بهذا العمل».
ولفت جابر إلى أن التنسيق الأميركي - الروسي الحاصل في سوريا «بلغ مستوى غير مسبوق في التاريخ المعاصر»، لكنه قال في الوقت عينه أنّه لا يرقى إلى حد التعاون. وتابع قائلا: «الأجواء السورية حاليا مقسّمة باتفاق بين موسكو وواشنطن ما بين جزء موكل لطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويمتد من شرق سوريا حتى الرّقّة والحدود مع العراق، وجزء تتسلمه روسيا غرب البلاد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.