السودان: رئيس الوساطة الأفريقية يتعهد بتحريك جمود الحوار الوطني

المهدي يدعو قوى أديس أبابا لتقديم مقترحات تعديل خريطة الطريق

السودان: رئيس الوساطة الأفريقية يتعهد بتحريك جمود الحوار الوطني
TT

السودان: رئيس الوساطة الأفريقية يتعهد بتحريك جمود الحوار الوطني

السودان: رئيس الوساطة الأفريقية يتعهد بتحريك جمود الحوار الوطني

وعد الجنوب أفريقي ثابو مبيكي، رئيس الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى، رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بدراسة خلاصة المشاورات التي جرت بينهما في جوهانسبورغ مع الآلية والرد عليها، والعمل على تحريك الحوار بين نظام الحكم في الخرطوم والمعارضة المدنية والمسلحة، وذلك بعد الجمود الذي ساد الساحة السياسية السودانية، إثر رفض قوى المعارضة بشقيها المدني والمسلح توقيع خريطة الطريق، التي اقترحتها الوساطة الأفريقية لتحقيق السلام ووقف الحرب في البلاد.
وقال الزعيم السياسي البارز الصادق المهدي إن حزبه امتنع عن توقيع خريطة الطريق الأفريقية، دون أن يعني ذلك عدم اعترافه بإيجابياتها وتقديره أهدافها، لكنه تمسك بمراجعة بعض النقاط الواردة فيها، ومن بينها عقد لقاء تحضيري بمشاركة الحكومة، وليس لجنة حوار الداخل، وعدم اعتباره ذلك امتدادًا لأي حوار آخر، مع توفير الضمانات لتنفيذ ما يتمخض عن اللقاء التحضيري المزمع.
وكان المهدي قد اجتمع مع مبيكي بدعوة منه في جوهانسبورغ أول من أمس استجابة لدعوة من الأخير، بهدف التعرف على أسباب رفض حزب الأمة القومي، والحركة الشعبية –الشمال، وحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان توقيع وثيقة خريطة الطريق الأفريقية، التي تقدمت بها الآلية الرفيعة التي يقودها مبيكي.
ووفقًا لبيان صادر عن مكتب المهدي حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، فإن مبيكي أبلغه أن الوثيقة حققت معظم مطالب المعارضة، وتضمنت مطلب قبول وقف إطلاق النار الشامل، وربطه ذلك بالاتفاق السياسي، واعتبار كفالة الإغاثة الإنسانية جزءا من إجراءات بناء الثقة، والاعتراف بالجبهة الثورية وحزب الأمة فريقًا مشتركًا في الحوار الوطني، وتركت القضايا التي لم تنص عليها لتبحث مع آلية الحوار الداخلي المعروفة بآلية (7+7).
ووقعت الحكومة السودانية والوساطة الأفريقية منفردتين في العاصمة أديس أبابا 21 مارس (آذار) الماضي على خريطة طريق اقترحتها الأخيرة، ورفضت توقيعها قوى من نداء السودان، هي «الحركة الشعبية لتحرير السودان –الشمال، وحركة العدل والمساواة السودانية، وحركة تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، وحزب الأمة القومي برئاسة جبريل إبراهيم»، على الرغم من اعتراف المهدي ببعض الإيجابيات الواردة فيها.
واقترح المهدي على مبيكي الحصول على رد مكتوب من قوى نداء السودان، التي اشتركت في حوار أديس أبابا، حول أسباب رفضها توقيع تلك الوثيقة، وعقد اجتماع مشترك بينها للتوصل إلى اتفاق بشأن المقترحات التي يطالبون بإضافتها.
وفور إعلان مبيكي استعداده دراسة مقترحات الأمة، سارع المهدي إلى كتابة مسودة اتفاق لشركائه في القوى المشتركة في حوار أديس أبابا للاتفاق عليها، بهدف إنجاز الحوار الوطني، ووقف الحرب وتحقيق الديمقراطية ومطالب الشعب المشروعة. وأوضح المهدي أنه ذهب إلى جوهانسبورغ للقاء مبيكي «بإخلاص لإيجاد مخرج يقبله الجميع لاستئناف الحوار الوطني»، مشيرًا إلى أن الشعب السوداني ماض في طريق التعبئة لانتفاضة تسقط نظام الحكم، وقال في هذا السياق «في غياب آلية حوار باستحقاقاتها، الشعب السوداني ماضٍ في تعبئة من أجل انتفاضة سلمية، وهي وسيلة مجربة في السودان، وكما يعلم الجميع فإن الحركة في الشارع السياسي السوداني قد زادت زخمًا، ولكن هذا لا يعني أبدا صرف النظر عن آلية الحوار الوطني».
وأوضح المهدي أن المطالب الشعبية بنظام جديد عبر الحوار اتسعت دائرتها، وشملت حتى آلية (7+7)، ومنبر العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2015. التي أصدرت توصيات بكثير من المطالب المشروعة، فيما قدم 52 من كرام المواطنين مذكرة للسلطة السودانية تتضمن كثيرًا من هذه المطالب، وأضاف موضحا أن «هذه التطورات تعتبر تزكية إضافية لجدوى الحوار الوطني».
ودرج المهدي على التمسك بالحل السلمي للصراع في السودان، بيد أنه في ذات الوقت يلوح دائمًا بالتعبئة من أجل انتفاضة شعبية، حال رفض نظام الحكم في الخرطوم الموافقة على إتاحة إجراءات بناء الثقة، وإجراء حوار وطني بقيادة محايدة، وهو ما ترفضه الحكومة وتتمسك برئاسة الرئيس عمر البشير للحوار الذي دعا له منذ أكثر من عامين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.