تاريخ كأس أوروبا (9): الدنمارك تخرج من التصفيات وتنتصر في النهائيات

السياسة تلعب دورها في البطولة الأوروبية التاسعة.. ومصائب يوغوسلافيا فوائد للبطل

 الدنماركيون يحتفلون بكأس بطولة 1992 (غيتي)
الدنماركيون يحتفلون بكأس بطولة 1992 (غيتي)
TT

تاريخ كأس أوروبا (9): الدنمارك تخرج من التصفيات وتنتصر في النهائيات

 الدنماركيون يحتفلون بكأس بطولة 1992 (غيتي)
الدنماركيون يحتفلون بكأس بطولة 1992 (غيتي)

مع استضافة السويد للدورة التاسعة بين 10 و26 يونيو (حزيران) 1992، طوت البطولة الأوروبية صفحة مهمّة من تاريخها. فالتعديلات الكثيرة التي طرأت على البطولة انطلاقًا من هذه الدورة جاءت انعكاسًا للتغييرات الجيوسياسية التي شهدتها قارّة أوروبا في آخر عقود الألفيّة الثانية.
ومن أبرز تلك التغييرات كانت أسماء وأشكال المنتخبات التي خاضت نهائيّات البطولة مقابل ما كانت عليه خلال تصفياتها التي أقيمت عامي 1990 و1991.
فمنتخبا ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقيّة وضعتهما قرعة التصفيات التي أجريت يوم 2 فبراير (شباط) 1990 معًا في المجموعة الخامسة، على أن تستهلّ ألمانيا الشرقيّة مبارياتها في التصفيات بلقاء بلجيكا يوم 12 سبتمبر (أيلول) من العام نفسه في أندرلخت.
غير أنّ تأكيد البرلمان الألماني الشرقي توحيد شطري ألمانيا بتاريخ 3 أكتوبر (تشرين الأول)، أدّى إلى تحويل جدول ألمانيا الغربية في المجموعة إلى المنتخب الموحّد، وإلغاء مباريات ألمانيا الشرقية.. ولمّا كانت التحضيرات لمباراة بلجيكا قد قطعت شوطًا بعيدًا، اعتبرت تلك المباراة التي فاز فيها الألمان الشرقيّون بهدفين نظيفين، مباراة ودّية، وهي باتت بطبيعة الحال آخر مباراة دوليّة لما كان يسمّى منتخب ألمانيا الشرقيّة.
هذا وتصدّرت ألمانيا مجموعتها الخامسة لتضمن التأهّل إلى النهائيات، وتبدأ بذلك سلسلة من النجاحات المتتالية في التصفيات.
وبعدما نجح منتخب الاتحاد السوفياتي في بلوغ نهائيات البطولة بتصدّره المجموعة الثالثة في التصفيات على حساب إيطاليا، أدّى انفراط عقد الاتحاد السوفياتي نهاية عام 1991 وتحوّله إلى 15 دولة مستقلّة، إلى مشاركة المنتخب في النهائيّات بالاسم الجديد «مجموعة الدول المستقلّة».. علما بأن لاعبين من 12 دولة فقط انضمّوا إلى المنتخب الجديد. وهذه باتت البطولة الأولى والأخيرة أيضًا التي يشارك فيها منتخب يحمل هذا الاسم.
أمّا التعديل الذي ترك الأثر الأبرز على البطولة التاسعة، فكان قرار استبعاد يوغوسلافيا عن النهائيّات بعد تأهّلها عن المجموعة الرابعة في التصفيات واحتلال مهاجمها داركو بانتشيف صدارة الترتيب العام للهدّافين برصيد 10 أهداف. وأتى هذه الاستبعاد في إطار الحظر الذي فرضه مجلس الأمن على يوغوسلافيا يوم 30 مايو (أيار) 1992 بسبب الحرب الأهليّة التي اندلعت فيها، وأتبعه الاتحاد الدولي لكرة القدم بحظرها عن المشاركة في أي بطولات كرويّة.
وتم استدعاء منتخب الدنمارك صاحب المركز الثاني خلف يوغوسلافيا في المجموعة إلى النهائيّات قبل انطلاقها بنحو أسبوعين فقط، بينما كان الكثير من لاعبيها يقضون إجازتهم الصيفيّة.

مفاجآت التصفيات

بعيدًا عن التأثيرات الجيوسياسية، شهدت التصفيات المشاركة الأولى لكل من سان مارينو وجزر الفارو، بين 33 منتخبًا توزّعت على سبع مجموعات.
المجموعة الأولى كانت الأقوى، حيث توجد فرنسا وتشيكوسلوفاكيا وإسبانيا بين منتخباتها الخمسة.
وبعدما باتت في عام 1988 حامل اللّقب الوحيد الذي يفشل في التأهّل إلى نهائيات البطولة التالية مباشرة، منذ رفع عدد الفرق في النهائيّات إلى ثمانية، أضحت فرنسا تحت قيادة ميشال بلاتيني في عام 1992 أوّل منتخب يجمع العلامة الكاملة في التصفيات، إذ فازت بجميع لقاءاتها الثمانية من دون تعادل أو خسارة.
وتصدّر منتخب اسكوتلندا المجموعة الثانية ليتأهّل بذلك إلى نهائيّات البطولة للمرّة الأولى في تاريخه، بينما تأهّلت هولندا عن المجموعة السادسة متقدّمة على البرتغال واليونان.
وتصدّرت إنجلترا المجموعة السابعة، لتتأهّل إلى النهائيّات من دون إيطاليا لأوّل مرّة في تاريخ البطولة الأوروبية، إذ إنّ المنتخبين كانا تأهّلا معًا إلى نهائيّات الأعوام 1968 و1980 و1988 وغابا معًا عن سائر النهائيات، أي في الأعوام 1960 و1964 و1972 و1976 و1984.
يذكر أنّ تركيّا التي احتلّت المركز الأخير في مجموعة إنجلترا، خسرت مبارياتها الست كافة من دون أن تسجّل سوى هدف وحيد.
تبقى الإشارة إلى أنّ ثاني الضيوف الجدد على نهائيّات البطولة التاسعة، إلى جانب اسكوتلندا، لم يكن سوى منتخب السويد المضيف، الذي بات أول منتخب يشارك في النهائيّات من دون أن يسبق له التأهّل عبر التصفيات.
خيبة الإنجليز والفرنسيين
المباراة الافتتاحية للبطولة كانت الأولى في النهائيات التي يرتدي فيها لاعبو الفريقين قمصانًا تحمل أسماءهم من الخلف، إضافة إلى الأرقام، والتقى فيها المنتخب المضيف مع نظيره الفرنسي.
وبعدما تقدّمت السويد في الشوط الأول بهدف «أشعل» مدرّجات ملعب راسوندا في العاصمة استوكهولم، أعاد الفرنسيّون الهدوء إلى الملعب في الشوط الثاني عندما تمكّنوا من إحراز هدف التعادل بتسديدة من جان بيار بابان.
المباراة الأخرى في المجموعة الأولى أسفرت عن تعادل إنجلترا مع الدنمارك من دون أهداف. وعادت بذلك المنتخبات الأربعة إلى نقطة «الصفر» بعد انتهاء المرحلة الأولى.
وفي أول لقاء «اسكندنافي» خالص تشهده النهائيّات، فازت السويد على جارتها الدنمارك بهدف وحيد سجلّه نجمها توماس برولين.. الذي كان قد سجّل هدفًا في مرمى البرازيل خلال مباراة الفريقين في كأس العالم قبل سنتين. أمّا مواجهة إنجلترا وفرنسا، فانتهت بتعادل سلبي آخر قلّل من فرصة الفريقين في التأهّل إلى الدور نصف النهائي.
واختتمت مباريات المجموعة بفوز السويد على إنجلترا 2- 1 في مباراة مثيرة تقدّمت فيها إنجلترا بهدف سجّله ديفيد بلات في الدقيقة الرابعة، قبل أن تعود السويد في الشوط الثاني لتعادل النتيجة ثم تحسمها بهدف الفوز قبل صافرة النهاية بثماني دقائق عبر برولين، لتعزز صدارتها للمجموعة.
ومن خلال هدفه المبكر، أصبح بلات اللاعب الذي سجّل آخر أربعة أهداف لإنجلترا، في مبارياتها الخمس الأخيرة.
أمّا قائد الفريق غاري لينيكر، الذي استبدل في الدقيقة 62 من مباراة السويد، فقد كانت هذه آخر مبارياته الدولية.
اللقاء الآخر كانت فرنسا تحتاج فيه إلى تعادل فقط مع الدنمارك كي ترافق السويد إلى الدور نصف النهائي، وهو ما سارت عليه المباراة حتى ما قبل نهايتها بنحو 12 دقيقة، بعد أن سجّلت الدنمارك في الشوط الأول وعادل بابان أيضًا للفرنسيين في الدقيقة 60. غير أنّ المهاجم لارس إلستروب، الذي دخل المباراة بديلاً بعد ست دقائق من هدف بابان، قضى على آمال «رجال» بلاتيني عندما سجّل هدف الفوز للدنمارك في الدقيقة 78، لترافق الدنمارك المنتخب المضيف إلى الدور التالي، فيما ودعت فرنسا مع جارتها إنجلترا النهائيات.

لعنة الإصابات

استهلّ منتخب هولندا حملة الدفاع عن اللقب الذي أحرزه في عام 1988 بلقاء منتخب اسكوتلندا، المشارك في النهائيات للمرة الأولى.
ولم تحفل المباراة بكثير من الفرص الخطرة، إلى أنّ استغل نجم هولندا الجديد دنيس بيرجكامب كرة وصلته من رود خوليت، فوضعها في الشباك من تحت الحارس الاسكوتلندي أندي غورام قبل ربع ساعة من نهاية المباراة.
وهولندا التي فازت في مبارياتها الأربع الأخيرة ضمن نهائيّات عام 1988، تمكّنت بهذا الفوز من معادلة الرقم القياسي في عدد الانتصارات المتتالية في النهائيّات، وهو خمسة انتصارات، الذي كانت فرنسا قد سجّلته في بطولة عام 1984.
اللقاء الآخر جمع ألمانيا، المعزّزة تشكيلتها بنجم ألمانيا الشرقية «سابقًا» توماس دول، مع منتحب مجموعة الدول المستقلّة الذي استطاع التقدّم في النتيجة عبر ركلة جزاء نفذها إيغور دوبروفولسكي في الدقيقة 64. وانتظر الألمان آخر دقائق المباراة كي يتمكّنوا من معادلة النتيجة عبر ركلة حرة مباشرة سدّدها توماس هاسلر.
وإضافة إلى غياب قائدها الأساسي لوثر ماتيوس عن البطولة بسبب الإصابة، منيت ألمانيا بخسارة أخرى عندما أصيب قائدها البديل رودي فولر بكسر في ذراعه خلال اصطدام مع أوليغ كوزنتسوف قبيل انتهاء الشوط الأول.
غير أن أبطال العالم لم يتأخروا في احتلال صدارة المجموعة، بالفوز على اسكوتلندا في مباراتهم الثانية بهدفين نظيفين.
وفي مباراة مجموعة الدول المستقلّة مع هولندا، تألّق حارس الأول ديمتري خارين أمام كل هجمات المنافس لينهي المباراة بالتعادل من دون أهداف.
وبعد تحرّره من الضغوط، استطاع منتخب اسكوتلندا في مباراته الثالثة والأخيرة أن يكتسح مجموعة الدول المستقلة بثلاثة أهداف نظيفة سجّلها بول ماكستاي وبرايان ماكلير (وهو هدفه الأول في مباراته الدولية الـ26) في الشوط الأول، وغاري ماكاليستر من ركلة جزاء في الشوط الثاني، رغم أن الفوز لم يشفع لاسكوتلندا للاستمرار في المنافسات.
هذا الفوز أكّد خروج مجموعة الدول المستقلّة من المنافسة كما كان آخر ظهور للاعبي الفريق في منتخب واحد بعد ذلك. وخرج أيضا، إلى جانب اسكوتلندا، كما أنهى رحلة المنتخب نفسه.. حيث إن لاعبيه لن يجتمعوا في منتخب واحد من جديد!
اللقاء الأخير بين ألمانيا وهولندا تحوّل بالتالي إلى مباراة لتحديد بطل المجموعة وصاحب المركز الثاني، واستغلّ فيه الهولنديون الغيابات في صفوف الألمان ليتقدّموا بهدفين نظيفين في غضون ربع ساعة. ولمّا سجّل كلينزمان هدف «الأمل» للألمان في مطلع الشوط الثاني، أعاد بيرجكامب فارق الهدفين بتسجيله لهولندا في الدقيقة 72 آخر أهداف المباراة.

ارتفاع حظوظ الألمان

أولى مباراتي الدور نصف النهائي خاضتها السويد في مواجهة الألمان، الذين عاد إلى صفوفهم بوخفالد ورويتر بعد إبلالهما من الإصابة.
وكأنّ هذه العودة رفعت معنويات الألمان، وأداءهم، فلم يتأخّروا في إحراز هدف التقدّم بعد انقضاء 10 دقائق عبر ركلة حرّة مباشرة سدّدها هاسلر بنجاح، كما كان قد فعل في المباراة ضدّ مجموعة الدول المستقلّة.
في الشوط الثاني، تبادل الفريقان التسجيل مرّتين عبر كارل هاينز ريدله لألمانيا وبرولين (من ركلة جزاء) وكينيت أندرسون للسويد، لتفوز ألمانيا بنتيجة 3 - 2 وتصعد إلى المباراة النهائية الرابعة في تاريخها.. متساوية بذلك مع الاتحاد السوفياتي، وتصبح السويد ثاني دولة مضيفة على التوالي تخرج من الدور نصف النهائي، بعد ألمانيا نفسها.
في نصف النهائي الآخر، فاجأ منتخب الدنمارك نظيره الهولندي بهدف التقدّم في الدقيقة الخامسة عبر كرة رأسيّة لهنريك لارسن رفعها له بدقّة برايان لاودروب. وعادل بيرجكامب النتيجة منتصف الشوط الأول.. غير أنّ لارسن تمكّن من تسجيل هدفه الثاني بعد 10 دقائق.
وسيطر الدنماركيّون على المباراة فيما تبقّى من الوقت، رغم إصابة ظهيرهم المتألّق هنريك أندرسن في الركبة. غير أنّ فرانك ريكارد استطاع معادلة النتيجة مرّة جديدة قبل نهاية المباراة بأربع دقائق، ليخوض الفريقان وقتًا إضافيًا كادت فيه هولندا أن تسجّل هدف الفوز لولا براعة الحارس بيتر شمايكل في التصدّي لكرة من المهاجم الهولندي برايان روي.
وواصل الحارس الدنماركي تألّقه خلال ركلات الترجيح عندما استطاع صدّ ركلة هولندا الثانية، رغم أنّ من سدّدها هو النجم فان باستن. ونجح اللاعبون التسعة الآخرون في تنفيذ ركلاتهم، لتتأهّل الدنمارك إلى النهائي وتفشل هولندا في بلوغه لمرّة ثانية متتالية، علما بأنها باتت ثاني منتخب يخرج من المنافسة من دون أي خسارة، بعد إيطاليا عام 1980.

لقب بالصدفة

صبّت كل الترجيحات لصالح منتخب ألمانيا، الفائز بالبطولة الأوروبيّة مرّتين سابقًا، في النهائي الذي جمعه مع منتخب وصل للنهائيات بالصدفة.
وسيطر الألمان فعلاً على بداية المباراة، حيث أنقذ شمايكل مرماه من كرتين خطرتين لرويتر ثم بوخفالد. غير أنّ الخروج الأول للاعبي الدنمارك من منطقتهم أثمر هدفًا مفاجئًا في الدقيقة 18، حيث انتزع كيم فيلفورت الكرة من أندرياس بريمه ومرّرها إلى فليمينغ بولسن الذي أعادها إلى الخلف ليقابلها جون ينسن من حافة منطقة الجزاء ويطلقها قويّة في شباك الحارس بودو إلغنر. وهذا كان هدف ينسن الثاني فقط في مباراته الدولية رقم 48.
واندفع الألمان نحو الهجوم، محاصرين منطقة الدنمارك وممطرين مرماها بالكثير من التسديدات. غير أنّ شمايكل ومدافعيه أفلحوا في التصدّي لها جميعًا طيلة ساعة من الزمن. وعندما بدا أنّ تسجيل الهدف الألماني قادم لا محالة، خطفت الدنمارك هدفا ثانيا قاتلا عبر فيلفورت وبتسديده أرضية في الدقيقة 78 من المباراة.
وتوّج منتخب الدنمارك بذلك بطلاً للدورة التاسعة فيما اعتبر إحدى أكبر المفاجآت في تاريخ كرة القدم الدولية.. وبات ثاني فريق بعد هولندا عام 1988 يحرز اللقب رغم خسارته مباراة في الدور الأول.
ولعلّ هذا الإنجاز من فيلفورت، الذي صنع الهدف الأول وسجّل الثاني، شكّل نهاية «إنسانيّة» لقصّة حزينة، فقد غادر هذا اللاعب معسكر الدنمارك مرّتين وغاب عن مباراة فرنسا في الدور الأول بسبب زيارة ابنته البالغة من العمر سبع سنوات والمصابة بمرض اللوكيميا.
ومنذ عام 1980. لا تزال الدنمارك المنتخب الوحيد الذي استطاع نيل لقب البطولة الأوروبية من دون أن يفوز خلال البطولة بأكثر من مباراتين فقط.
الجدير بالذكر أنّ انتصار الدنمارك هذا جاء بعد أيام من استفتاء قرّر خلاله الدنماركيوّن البقاء خارج «الاتحاد الأوروبي».. فكانت المقولة الشهيرة لوزير خارجيتهم آنذاك أوفي إليمان - ينسن: «إن لم تستطع الانضمام إليهم، انتصر عليهم».
تبقى الإشارة إلى أنّه بالإضافة إلى وضع أسماء اللاعبين على القمصان، كانت «السويد 1992» أول بطولة يخصّص لها نشيد رسمي. وكانت البطولة هي الأخيرة التي يشارك فيها ثمانية منتخبات فقط، وآخر بطولة يمنح فيها الفائز نقطتين فقط، وآخر منافسات يسمح فيها لحارس المرمى بالتقاط الكرة إذا أعادها إليه أحد زملائه، وآخر بطولة لا تحمل تسمية «يورو» مضافًا إليها العام الذي تقام فيه (لم تعرف بطولة السويد باسم «يورو 1992» إلا لاحقًا)، وآخر بطولة أيضًا لا يعلن فيها عن «أفضل لاعب في البطولة».

هدّافو بطولة 1992
هنريك لارسن الدنمارك 3 أهداف
توماس برولين السويد 3 أهداف
دنيس بيركامب هولندا 3 أهداف
كارل هاينز ريدله ألمانيا 3 أهداف



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».