أفاد د. ديمتري شوماسكي، أحد مؤسسي مبادرة «دولتان - وطن واحد»، أن أعدادا كبيرة من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ينضمون إلى حركته التي تنادي بتسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني عن طريق إقامة كونفدرالية تجمع الدولتين في وطن واحد، تسمى «أرض إسرائيل وفلسطين»، وتتيح لسكانهما العيش أينما يشاءون في الدولتين.
وقال شوماسكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عشية انعقاد المؤتمر السنوي الثالث لحركته، الذي سيلتئم بعد غد الخميس في تل أبيب، إن المبادرة التي بدأت كفكرة متواضعة شكك فيها كثيرون، تحولت الآن إلى مشروع سياسي وطني يلتف حوله آلاف الناس، وبفضلها تتبلور اليوم حركة مدنية يشارك فيها فلسطينيون وإسرائيليون، من بينهم يهود من العلمانيين والمتدينين، وفلسطينيون إسرائيليون، ونشطاء سلام مخضرمين وكثير من المستوطنين.
وأوضح شوماسكي أن هذه الحركة «تتحدث بصوت واضح عن الحاجة إلى تقاسم السيادة فيما نسميه نحن اليهود (أرض إسرائيل)، ويسميه الفلسطينيون (فلسطين)، بين دولتين مستقلتين، تمنحان تعبيرا لحق تقرير المصير القومي لليهود الإسرائيليين، من جهة، والعرب الفلسطينيين من جهة أخرى».
وفي الوقت ذاته، يعترف المؤيدون للمبادرة بأنه في مفهوم الدولتين، وحسب نموذج الفصل الصارم بين الشعبين، لا يتوفر الرد الكامل على كل الطموحات القومية لليهود ولا للفلسطينيين، في الوقت الذي لا يمكن فيه تبرير مشروع الاحتلال والاستيطان القمعي. ولا يمكن الإنكار بأنه بالنسبة لكثير من اليهود في إسرائيل وخارجها، تعتبر مناطق الضفة الغربية جزءا من الوطن القومي المحبوب، الذي سيسمونه «أرض إسرائيل» حتى بعد تقسيمها إلى دولتين، والأمر نفسه بالنسبة لكثير من الفلسطينيين الذين يدفعهم حبهم لوطنهم لرفض التمييز بين عكا وجنين والطيبة ونابلس والقدس ورام الله، حسب رأي شوماسكي.
ولكي يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون الذين يرغبون بذلك من الجلوس في مكانهم القومي والتاريخي، حتى إذا وجدوا خارج الحدود السياسية، تسعى المبادرة حسب شوماسكي إلى إلصاق صيغة «دولتان» بمفهوم «وطن واحد»، موضحا أن مصطلح «وطن واحد» ليس مجرد استعارة، بل مصطلح ينطوي على معانٍ سياسية ملموسة، وفي مركزها فكرة المجال الكونفدرالي المشترك والمفتوح، الذي سيعتمد على تطبيق تدريجي لمبدأ حرية الحركة والإقامة لمواطني الدولتين الواقعتين بين الأردن والبحر المتوسط.
وتابع شوماسكي موضحا أنه «سيكون بإمكان كل مواطن في الدولتين أن يحظى بحق تدريجي في العيش أيضًا في تخوم الدولة الأخرى. فنحن نميز بين مستويين من الانتماء القانوني - السياسي: مكانة المواطنة الإسرائيلية والفلسطينية، التي تعكس السيادة القومية للشعبين من جهة، ومكانة الإقامة من جهة ثانية، التي تسمح لعدد محدود من المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين، كأفراد، تحقيق ارتباطهم الديني والثقافي والقومي في أجزاء الكونفدرالية، التي لا تقع ضمن نفوذ دولتهم السيادية. وبهذه الطريقة، تسعى الحركة إلى حل مسألة المستوطنين الإسرائيليين واللاجئين الفلسطينيين (الذين سيحملون المواطنة الفلسطينية فقط). وهكذا، يمكن لعدد محدود ومتفق عليه من المستوطنين مواصلة الإقامة في بلداتهم الحالية، والتمتع بمكانة مقيم دائم تحت السيادة الفلسطينية. وفي المقابل، يمكن لعدد محدود ومتفق عليه من مواطني فلسطين الإقامة في إسرائيل بالمكانة ذاتها، والمكان الذي يمكن أن يسري عليه مبدأ الشراكة في المجال ثنائي الدولة، بشكل مضاعف هي القدس».
وتحدد وثيقة الحركة أن «القدس تكون عاصمة للدولتين، ومدينة واحدة مشتركة ومفتوحة لمواطني الدولتين.. يقوم فيها نظام بلدية خاص بإدارة مشتركة ومتساوية للشعبين، وذلك من خلال تعاون ممثلي الأديان السماوية والمجتمع الدولي».
وبسؤال شوماسكي إن كان يعرف نموذجا كهذه الكونفدرالية في التاريخ باعتباره مؤرخا، أجاب: «ولماذا ينبغي أن يكون هناك نموذج كهذا في التاريخ. فدائما يوجد شيء اسمه لأول مرة. ونحن هنا نعيش كثيرا من الحالات والأوضاع التي لا يوجد لها مثيل في التاريخ. فمثلا الصهيونية قادت اليهود وهم أمة مفككة ومشتتة إلى الوحدة والاستيطان مرة أخرى في وطنهم التاريخي، ولكنها فعلت ذلك من خلال استخدام وسائل استعمارية. إن هذا الصراع الذي قد يكون غير مسبوق في تعقيداته، يحتاج إلى حل غير مسبوق من ناحية تاريخية. وهذا الحل تطرحه تلك الحركة (دولتان - وطن واحد)».
تزايد عدد اليهود المؤيدين للعيش تحت سيادة كونفدرالية إسرائيلية - فلسطينية
تجمع الدولتين في وطن واحد.. وتتيح لسكانهما العيش أينما يشاءون
تزايد عدد اليهود المؤيدين للعيش تحت سيادة كونفدرالية إسرائيلية - فلسطينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة