الجزائر تعلن اللجوء إلى الاستدانة بسبب استفحال الأزمة المالية

رئيس الوزراء يشيد بقوة الجيش في حماية الحدود الملتهبة

الجزائر تعلن اللجوء إلى الاستدانة بسبب استفحال الأزمة المالية
TT

الجزائر تعلن اللجوء إلى الاستدانة بسبب استفحال الأزمة المالية

الجزائر تعلن اللجوء إلى الاستدانة بسبب استفحال الأزمة المالية

أعلن رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، عن تراجع الحكومة عن قرارها عدم الاستدانة من الخارج، بسبب تأزم الأوضاع في البلاد نتيجة شح الموارد المالية، وحاول طمأنة الجزائريين بخصوص الأوضاع الأمنية المتدهورة بالحدود مع ليبيا ومالي، بقوله إن «جيش البلاد قوي ولا خوف على أمننا».
وذكر سلال مساء أول من أمس، في لقاء مع رجال أعمال بمدينة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، أن الحكومة «بصدد إعادة النظر في هيكلة الاقتصاد، وذلك بنقله من اقتصاد مبني على الاستيراد إلى اقتصاد قائم على التصدير»، مشيرًا إلى أن هذه القضية ستكون محل نقاش في اجتماع، يعقد الأحد المقبل، بين الحكومة والنقابة المركزية وأرباب العمل الخواص، وأوضح أن «التوجه نحو استحداث الثروة هو السبيل الوحيد للنهوض بالاقتصاد الوطني، فالأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد خطيرة، ولا بد من إيجاد حلول لها».
ويرى مراقبون أن الحكومة في ورطة حقيقية بسبب فشل مساعيها تفادي السقوط في أحضان صندوق النقد الدولي، وذلك بعد أكثر من 22 سنة من اللجوء لهذه المؤسسة المالية الدولية، على أثر أزمة مالية خانقة كانت من مخلفات انهيار أسعار النفط عام 1986. ويعد إعلان رئيس الوزراء احتمال الاستدانة من الخارج، بمثابة فشل خطة القرض السندي (الدين الداخلي)، وعجز الحكومة عن إقناع الآلاف من التجار في إيداع أموالهم في البنوك على الرغم من نسبة فائدة عالية اقترحتها عليهم.
وأوضح سلال أن «اعتماد البلاد على مداخيل المحروقات لسنوات طويلة أفقد العمل قيمته، وقد حان الوقت كي يستعيد العمل قيمته».
وبخصوص التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة انخفاض أسعار البترول، قال سلال إن الجزائر «ستواصل إنتاج المحروقات للمساهمة في التنمية، وإذا أردنا تفادي الاستدانة الخارجية يجب أن نتعلم كيف نعتمد على قدراتنا وإمكانياتنا»، ودعا إلى «توجيه الاستثمار في الاتجاه الصحيح، أي إلى قطاعي الصناعة والزراعة اللذين بإمكانهما استحداث مناصب شغل، إضافة إلى تطوير الاقتصاد الرقمي».
كما عبر سلال عن «أسفه لاستمرار مشكل نقص العقار الصناعي»، وتعهد بـ«العمل على رفع كل العراقيل لتسهيل وتسريع وتيرة الاستثمارات»، في إشارة إلى ما يعانيه معظم المستثمرين ورجال الأعمال من بطء إجراءات الإدارة العمومية، في منح رخص الاستثمار وتردد البنوك في منحهم قروضًا.
وأضاف سلال أن الحكومة «تشتغل على إطلاق قواعد صناعية كبيرة، حيث وافق المجلس الوطني للاستثمار على إنشاء شركة لصناعة طائرات من نوع هليكوبتر، يكون جزء منها موجهًا للتصدير. لذلك على المتعاملين في مجال الاقتصاد أن يرفعوا مستوى تطلعاتهم، سيما فيما يخص تصدير المنتج الوطني».
وبسؤال رئيس الوزراء من طرف صحافيين عن الجدل القائم حول منع أشهر رجل أعمال، وهو يسعد ربراب من شراء أكبر مجمع إعلامي في البلاد، وهو «الخبر»، بحجة أن القانون يمنع احتكار الإعلام بين يدي شخص واحد، قال إن «الدولة ليست ضد الأشخاص الراغبين في الربح، لكنها تحرص على أن يكون الربح في شفافية. والثقة في مثل هذه القضايا هي بيت القصيد»، وأضاف موضحًا: «نحن لسنا في حرب مع أشخاص، لكن كل ما في الأمر هو أننا نحرص على تكريس مزيد من الثقة بين جميع الأطراف».
ورفع وزير الإعلام حميد قرين دعوى في القضاء الإداري لإبطال صفقة بيع «الخبر» لربراب، بحجة أنها تقع تحت طائلة المادة 25 من قانون الإعلام، التي تمنع على أي شخص أن يملك أكثر من صحيفتين. علما بأن ربراب يملك جريدة «ليبرتيه» منذ 26 سنة. ويقول الشركاء في «الخبر» إن ضغط الحكومة على مؤسستهم الإعلامية، بحرمانها من الإشهار، دفعهم إلى بيعها. وصرَح ربراب أن الحكومة «تمارس ضغوطًا علي لأنني لا أنتمي للمحيط المقرَب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.